(بين إثمي وارتكابك).. هذا هو العنوان الذي ظهرت به المجموعة الشعرية الأولى والتي أصدرها الزميل الشاعر عادل خميس الزهراني المشرف السابق على صفحات الثقافة في جريدة المدينة، مؤخراً عن مطابع دار العلم التابعة لمؤسسة المدينة للصحافة والنشر.
المجموعة ضمت نحو خمسة وعشرين نصاً مثلت نماذج من إنتاج الشاعر في أغراض متنوعة، وصفها عضو مجلس إدارة نادي الطائف علي المالكي في تقديمه للمجموعة ب(حديقة شعر) وقال المالكي: عادل (ليس من أولئك الشعراء الذين يهربون إلى بروجهم العاجية, لكنه من الشعراء الذين يحلقون بإبداعهم, ليرسموا لنا بشعرهم ما رأوه بحسّهم, هو شاعرٌ يأكل الطعام ويمشي في الأسواق, فلا نجده في شعره يخلو بنفسه كثيراً) ويضيف المالكي: (التنوّع في الشكل والموسيقى يبرز تمكََن الشاعر من أدواته من جهة, ويؤكد من جهة أخرى على أن الشعر يكون بحضوره الحسي والمعنوي أكثر من حضوره الشكلي.. فنجد قصيدة التفعيلة إلى جوار القصيدة العمودية المطبوعة بالطابع الخاص للشاعر.. ذلك الأسلوب السهل الممتنع الذي يتماوج مع الصور المبتكرة وهو يحاول دائماً أن يعطيها نبض الحياة والحركة الذي يزيد من قدراتها التعبيرية والحسية).
قصة العنوان
من جهته أوضح الشاعر عادل خميس أن إصداره المجموعة جاء في الدرجة الأولى رغبة منه في توثيق المرحلة السابقة لشعره، وقال: لم أكن مقتنعاً بضرورة جمع نصوصي الشعرية في مجموعة حتى الآن، لإيماني بأن التجربة تحتاج إلى وقت لتنضج، غير أن إصرار عدد من الأصدقاء المقربين على ضرورة توثيق المرحلة الماضية جعلني أعيد التفكير في الأمر، واقتنعت بذلك لأقترف هذه الخطوة.
وعن اختياره للنصوص قال الزهراني: حاولت قدر الإمكان خلال جمع وإخراج المجموعة على أن تكون خفيفة الظل قدر الإمكان لذلك وضعت نماذج تمثل جوانب متعددة من تجربتي البسيطة، أي أني كنت انتقائياً في اختياري، حيث استبعدت القصائد المتشابهة والتي كان كثير منها نتاج فترة معينة، هذا بالإضافة إلى أني ضمنت المجموعة عدداً لا بأس به من المقاطع الصغيرة سواء العمودية كالرباعيات أو مقاطع من شعر التفعيلة.
أما عن عنوان المجموعة فأوضح الزهراني أنه قام بتغيير العنوان ثلاث مرات، وهو ما أوقعه في حرج مع نادي الباحة الأدبي الذي كان من المقرر أن يقوم بإصدار المجموعة، إلا أن رأيه استقر على هذا العنوان (بين إثمي وارتكابك) وهو عنوان آخر نصوص المجموعة. يقول عن ذلك: أبدى الأساتذة في مجلس إدارة نادي الباحة موافقتهم على طباعة المجموعة بعنوانها القديم (أجهشت بالضحك) بعد عرض المسودة على المحكم الذي أبدى إعجابه بالمجموعة مقدماً عدداً من الملاحظات التي أفدت منها، غير أني خلال تلك المدة التي استمرت لأشهر عديدة كنت قد غيرت العنوان الذي اعترض عليه مجلس إدارة نادي الباحة، وطلبوا مني إعادة العنوان الأول، غير أني رفضت ذلك من حيث المبدأ، خصوصاً وأني قد أصدرت الفسح الإعلامي من وزارة الثقافة والإعلام بالعنوان الجديد.
تنوع ومفارقات
نصوص المجموعة جاءت متنوعة الشكل والمضمون، حيث ضمت عدداً من النصوص العمودية وأخرى من شعر التفعيلة، كما تناولت أغراضاً عاطفية واجتماعية وقومية شتى. ولعل نفس الغنائية الذاتية هو الطاغي على أغلبية النتاج. من ذلك قوله في نص (صباح) أول نصوص المجموعة:
صباحُ الصفاءِ..
تزمَّلَ تحتَ جفوني السرابُ..
ولا عابرونَ.. يسدّونَ بابَ الرياحِ..
على قبرها
كيف يرنو ضجيجاً..
رفاتُ صباحٍ..
ولمْ يلهُ في عينِها
منذ عامين كحلٌ..
ولا باتَ (حِنّا)
على جارحةْ...
كما يبرز النفس التراثي في المجموعة عبر اقتباسات من القرآن الكريم أو من الموروث التاريخي والأدبي، من ذلك قوله في نص (أبلسه):
أخرجتُ من جيبي يديّ فلم أجد
نوراً وذابتْ في الظلام عصاتي
سفرٌ وقلبٌ والحقيبة بعضها
بيدي وبعضٌ يجمع العبراتِ
قيدٌ .. شظايا.. دفترٌ .. وقصيدة
ثكلى تكفّن جثة الأبياتِ
أرجوحةٌ.. وجحا يدقّ بهمةٍ
مسمارُهُ نعشاً..بلا سكراتِ
وبقول في نص (ولقد همت به وهم بها):
لا سيِّدٌ تخشينهُ ..
أو قائلٌ:
إن كان قُدَّ قميصهُ دبراً ..
كذبتِ وكان خير الصادقينْ ..
كلا ولا:
إني أخاف الله ربَّ العالمينْ ..
لا شيءَ ..
قدْ ألقى بقاع الجبِّ عفَّتَهُ
وأسْلَمكِ الجسدْ ..
لا شيءَ ..
فانتهكي سريرتهُ .. لعلّكِ تشبعينَ ..
ولا حسدْ..
كما لم تخل المجموعة من مفارقات رمزية تميزت بتكثف الصورة الشعرية، أو ما يسمى بشعرية الومضة، من ذلك قوله في نص:
وكأنَ أصلاب النساء (تصلبت)..
وكأنَ أرحام الرجال (ترحَمت)..
أو قوله:
أشعليني فيك برداً
أطفئيني باشتعالِك
أشبعيني منك جوعاً
واقتليني من ه زالِكْ
عادل خميس حاصل على درجة الماجستير في الأدب السعودي حيث تناول في رسالته الشاعر السعودي حمزة شحاتة وقدم فيها دراسة أدبية فلسفية لنتاجه وهو يقيم حالياً في بريطانيا لإكمال مرحلة الدكتوراه، وله مشاركات في الأمسيات الشعرية في عدد من الأندية الأدبية كما أنه مثل المملكة في عكاظية الشعر العربي والتي أقيمت في الجزائر بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2006 بمشاركة حشد من شعراء العالم العربي.