الطائف - خلف سرحان
صدر مؤخراً عن دار ميريت في القاهرة 2008، مجموعة (أول المغفرة) للقاص محمد النجيمي وضمت (عشرين قصة) جاءت في 63 صفحة من الحجم المتوسط. وصممت الغلاف الفنانة سعاد عبد الرسول.
وتنوّعت القصص بين القصيرة والقصيرة جداً، مثل أسطورة الخلق، السيدة التي ستلد المخلص، بقية حلم، نور، قبل أن يلقي عصاه، أول المغفرة، ظلي لم يعد لي، تحول، معراج، خوف قديم، جمرة لم تعد، أيهما، بساطة، زيف، الدليل، لم يصل، خسارة وآخر الخطايا.
أسئلة عميقة تطرح في ثنايا هذه المجموعة ينشأ عنها مزيد من الأسئلة والحفر عميقاً لا يورث إلا مزيداً من الجراح كما قال المؤلف.
غلاف المجموعة الأخير جاءت فيه هذه السطور التي تشي للقارئ ببعض وهج النجيمي: (هل جربت أن تحاصرك الغيوم تخيل ذلك وتستعين بيد خفية حتى تنتزعك وتمد أصابعك بخوف على امتداد راحتك، تتبعها وترتفع تغمض عينيك وتلحق بك الغيوم، هناك تحول بينك وبين أحلامك وصورك المفضّلة وأوهامك، التي ظننت أنها ستنجيك منها لا عاصم اليوم من الغيم مسكين فعلاً من يغرق في غيمة)..
وللعلم فهذه المجموعة الثالثة للنجيمي، حيث سبق له إصدار (أحلام مسكونة بالموت) و(سفر)، والنجيمي يكتب القصة التجريبية الحديثة ومن الفاعلين بالمشهد الثقافي بمحافظة الطائف وعضو في جماعة أصدقاء الكتاب بالطائف، كما أنه عضو بلجنة إبداع بنادي الطائف الأدبي وفي فرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف وله حضور في المنتديات الثقافية الجادة على شبكة الإنترنت مثل جسد الثقافة وشبكة القصة العربية وشظايا أدبية وغيرها.
والجدير بالذكر أن النجيمي قد حصل على شهادة الماجستير من لندن ويعمل مشرفاً تربوياً بإدارة التعليم بمحافظة الطائف. ومما لا شك فيه أن تمكنه من اللغة الإنجليزية يضيف لعطاءاته الإبداعية والثقافية مزيداً من الوهج والتمكّن.
كتب الناقد التونسي (شوقي عريف) عن قصص النجيمي ذات مرة قائلاً: (هل نحن بصدد مجموعة قصصية؟ أم هو بيان سياسي؟ أم هما الاثنين معاً؟ أعتقد أن مجموعة النجيمي القصصية (سفر) هي بيان سياسي في صيغة أدبية. فالنصوص جاءت محملة بالمواقف السياسية. والجميل في (سفر) أنها لم تسقط في المباشراتية فيعدم الأدبي بمقصلة السياسي وتتحول إلى بيان سياسي خطي. كما أنها لم توغل في الترميز أو ما قد أسميه (الطلاميس) فيضيع المعنى وتتحول إلى ترف فكري ليس في متناول الجميع.
رغم أن القصص جاءت كل على حدة وكل واحدة تحدثت أو شاركت فيها شخصيات مختلفة، إلا أن ذلك لم يمنع وجود رابط متين وقوي يمر مثل ذلك الخيط الذي يجمع حبات العقد لتكتمل الصورة. فالقارئ المتمعن سيجد نفسه عبر المجموعة القصصية وكأنه برفقة مناضل وفي كل مرة يفتح معه نافذة أو يقف وقفة يتذكر فيها حادثة).
الدكتور عالي القرشي والدكتور عاطف بهجات والأستاذ حمدان الحارثي سبق لهم تقديم قراءات لبعض قصص النجيمي ركز فيها على المتن الصوفي وتوظيفه من قبل النجيمي وسبق للدكتور عالي القرشي والدكتور عاطف بهجات وغيرهم تقديم قراءات نقدية مختلفة لقصص النجيمي، أكدوا فيها على تميز وتفرد تلك القصص وذكروا أن النجيمي في سرده لا يشبه إلا نفسه.