افتقدنا بالأمس شخصاً عزيزاً غالياً على قلوبنا جميعاً، إنه معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق السابق الشيخ محمد بن عبدالله النافع؛ ففي العين دمعة، وفي القلب لوعة، وفي النفس كم من الأسى.. حقا لقد كانت المصيبة أليمة، ولكنه قضاء الله الذي ليس له عدة غير الصبر، ولا نملك إلا أن نقول إزاء هذا المصاب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ } وأعتقد جازماً، وأنا أكتب عن هذه الشخصية أنني لن أوفيها حقها مهما كتبت لكنني أجد لزاماً عليّ أن أسطِّر هذه الكلمات. محمد بن عبدالله النافع في رحاب العطاء الوطني شخصية سعودية أنجزت الكثير وظلت تطور وتضيف حتى آخر حياته، لقد كان رجلاً من رجالات الدولة الذين يعتمد عليهم، ويشار إليهم بالبنان، فأصبح نموذجاً لرجال الوفاء والإخلاص في قضايا أمته ووطنه ومسؤولياته.
كان -رحمه الله- يعشق المسؤولية الجماعية، ولا تغرّه نشوة السلطة، أو حب الذات. كان أكثر شيء يستفزه هو التهاون في النظام أو التهاون في تطبيق النظام، أسهم في إرساء الكثير من الإجراءات والأنظمة لما فيه خدمة هذا الوطن. لقد كان - يرحمه الله- صاحب ملكات قيادية علمية وعملية عمّقتها سنوات طويلة من العلم والعمل جعلته صاحب رصيد كبير مثقل بعبرة التجربة والممارسة، وما عمله في وزارة العمل ومجلس الشورى إلا دليل على ذلك. لقد كنت -يرحمك الله- رمزاً للتسامح تدعو إلى المنعة من خلال العلم، وتدعو إلى العدل والاعتدال والتزام جانب الحق والإنسانية؛ لأن فلسفتك هي العطاء وحب الخير للآخرين.. أذكر عندما كلفتني مندوبا عن الهيئة في وفد المملكة لحضور مؤتمر دولي لمكافحة الفساد في جنوب شرق آسيا، وكان وقتها انتشار (أنفلونزا الطيور) هناك عندما جئت أودّعك وأتلقى توجيهاتك لا أنسي حرصك الشديد على منسوبك بكلماتك الودودة التي لا زالت عالقة بالذهن، بل إنك رحمك الله حرصاً منك على الاطمئنان بلغتني بأن أراجعك بعد انتهاء المهمة، ليس تمييزاً منك؛ بل هي المشاركة الحقة التي صار لها أبلغ الأثر في نفسي. لن ننساك أبا عبدالمحسن وسيظل اسمك عالقاً بالذاكرة.. اللهم اغفر له وارحمه وزده قربى وزلفى إليك.. تعازينا الحارة إلى أبنائه وبناته وإلى جميع رحمه ومحبيه.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}