الرياض - حمد العنزي
من المتوقع أن تواصل سوق تقنية المعلومات والاتصالات في المملكة الحفاظ على مكانتها كواحدة من أضخم الأسواق في العالم العربي وأسرعها نمواً. ويرجع ذلك إلى تنفيذ عدد من المشروعات الكبيرة في السنوات القليلة الماضية، التي تسعى المملكة من خلالها إلى التأسيس الجيد للبنية التحتية للمعلومات والاتصالات، كما يوجد بالمملكة عدد كبير من شركات تقنية المعلومات والاتصالات، حيث تظهر الإحصائيات وجود أكثر من (2500) شركة أو مؤسسة تعمل بصورة أو أخرى بقطاع المعلومات.
وقد أفادت الدراسات والإحصائيات بتصدر المملكة وعلى حسب تقرير صادر من البنك الدولي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كأفضل بيئة جاذبة للاستثمار وفقاً لتقرير (سهولة أداء الأعمال)، إذ قفزت السعودية في التصنيف الجديد لعام 2009م إلى المركز (16) من بين (181) دولة، وحالياً تعد المملكة من حيث الترتيب رابع دولة في تكنولوجيا المعلومات، والدولة الخامسة في انتشار الإنترنت وأجهزة الحاسب بين دول المنطقة، فضلاً عن المؤشرات الإيجابية التي وردت في تقارير الأمم المتحدة لعام 2007م، التي تشير إلى أن وضع المملكة العربية السعودية قد تقدم كثيراً بعد أن احتلت موقع مرموق من بين أول ثلاثين دولة على مستوى العالم طبقا لمؤشرات قياس التقدم في تقنية المعلومات، وهذا يعتبر نقلة كبيرة لبلادنا.
هذا فضلاً عما يتوافر للمملكة من مزايا عدة لتحقيق التقدم في قطاعات الاقتصاد المعرفي التي من أهمها الجهود المبذولة للالتحاق بركب تطورات العصر وللتجاوب مع الاستثمارات الضخمة وحجم الأسواق العالمية المفتوحة، وارتفاع الدخل القومي السعودي، إضافة إلى ما يتوافر بالمملكة من الإمكانات العديدة التي تسهل التقدم الاقتصادي المعلوماتي التي منها وجود تركيبة سكانية شابة، حيث إن أكثر من (50%) من عدد سكان المملكة تحت سن (25) عاما وهذه الموارد البشرية يمكن تعليمها وتدربيها وتوظيفها علي تقنيات المعلومات بسهولة، وكذلك من المزايا وجود اقتصاد قوي وطني على المستوى العام والخاص وتوافر الشراكة المجتمعية والمحفزات العديدة المتوافرة للقطاع الخاص حتى تستثمر في هذا القطاع، ووجود الكثير من المبادرات التي تشجع مشروعات حاضنات الأعمال والأبحاث وكراسي البحث بالجامعات ومراكز التميز في مجال تقنية المعلومات.
وأشار الدكتور سامي بن صالح الوكيل عميد كلية الحاسب الآلي والمعلومات بجامعة الملك سعود والمشرف العام على الندوة الوطنية الثانية لتقنية المعلومات الى أن مسؤولية بناء الاقتصاد المعرفي والتوعية المعلوماتية بالمجتمع تعد مسؤولية جماعية، وتتطلب مشاركة قطاعات المجتمع المدني المختلفة من وزارت وجامعات ومؤسسات إعلامية واقتصاد وشركات ومؤسسات ومزودي خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات في تقديم مبادرات للتطور المعلوماتي بالمملكة.
وأوضح الوكيل أن المملكة اتخذت العديد من المبادرات الكبرى والخطوات التي من شأنها المساهمة في تطور نوعي وهائل في بناء الاقتصاد المعرفي بالمملكة التي من أهمها وضع خطة وطنية لتقنية المعلومات وإنشاء وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، إضافة إلى مشروع (مدينة المعرفة الاقتصادية) التي ستكون - بإذن الله - مركزاً عالمياً للصناعات المعرفية والاقتصاد المعلوماتي بالمملكة، ويتم بها تدريب وتأهيل الكوادر السعودية الشابة على أحدث صناعات المعرفة وتقنية المعلومات، إضافة إلى سعيها إلى جذب العقول والخبرات في العالم الإسلامي في مجال التقنية لتتيح لها الفرصة للعمل والإبداع .
وأضاف الوكيل أن من أهم المبادرات والإنجازات الأخرى، المشروعات الكبرى في استكمال البنية الأساسية لمشروعات الاتصالات وشبكات الحاسب بالمملكة خلال العقدين الماضيين والتطور الكبير بالقطاع المصرفي المستخدم لتقنية المعلومات، ومن هذه المبادرات الكبرى كذلك إقرار بناء المركز الوطني للتصديق الرقمي والتوقيع الإلكتروني، ومبادرة التحول للتعاملات الإلكترونية الحكومية، من قبل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، لما تقدمه مفاهيم التعاملات الإلكترونية الحكومية من فوائد كبيرة للاقتصاد الوطني.
وأبان الوكيل أنه في قطاع التعليم الذي يهيئ الكوادر والمجتمع لعصر المعلوماتية بادرت وزارة التعليم العالي والجامعات ومؤسسات التعليم والتدريب السعودية بإنشاء أقسام وكليات متخصصة بالحاسب التي بلغ عددها حالياً ما يقارب (30) كلية بالمناطق المختلفة التي قامت بتقديم مساهماتها العلمية بهذا الصدد، وتولت ضمن منظومة الكليات والأقسام العلمية بالمملكة مسؤولية التعليم وتطوير الكوادر ونشر المعرفة المعلوماتية وعقد المؤتمرات والندوات الوطنية وتقديم البحوث والدراسات المتقدمة لقطاعات المجتمع السعودي في مجالات الحاسب وتقنية المعلومات.
ومن المبادرات كذلك البدء في إدخال تعليم الحاسب في التعليم العام بالمجتمع السعودي منذ ما يقارب من ثلاثة عقود من الزمن في مناهج التعليم الثانوي للطلاب انطلاقاً من الأهداف العامة لسياسة التعليم في المملكة العربية السعودية التي تؤكد في أحد محاورها على الأخذ بمستجدات العلم والتقنية، أيضاً نشير هنا كذلك إلى مبادرة إعداد معلمي ومعلمات الحاسب حيث حصل في السنوات الماضية توسع كبير في افتتاح عدد من أقسام تعليم الحاسب بكليات المعلمين وكليات التربية للبنات لمواجهة الطلب على معلمي ومعلمات الحاسب، وإضافة إلى المناهج التعليمية هناك عدد من المبادرات التعليمية التي منها مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لتطوير التعليم العام (تطوير) الذي من ضمن أهدافه تمكين المؤسسات التعليمية ومنسوبيها من معلمين وطلاب من استخدام الحاسب والمعلوماتية وتوظيف تقنياتهما في تعزيز العملية التعليمية. وتزويد المدارس بمعامل حاسب آلي متخصصة، وبتقنيات الفصول الذكية، التي تتيح التحكم في أجهزتها وإدارتها عن طريق برامج الحاسب، وتفعيل وسائل التعلم الإلكتروني المحلية وربط الطالب والطالبة بشبكة الإنترنت العالمية بما يحقق التواصل والتفاعل فيما بينهم، كما أن هنالك جهودا بارزة من قبل المنظمات المسؤولة بالمملكة العربية السعودية لإثراء المحتوى العربي على الإنترنت، ومنها على سبيل المثال مبادرة الملك عبد الله للمحتوى العربي، التي تنفذها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.