Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/03/2009 G Issue 13327
الاربعاء 28 ربيع الأول 1430   العدد  13327
لما هو آت
بوصلة خضراء..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

في بداية الأسبوع تعطّل الاتصال الإلكتروني، فتعطلت الكثير من اتصالات الكتاب والقراء وذوي المصالح، وكثر الاتصال بجهات العلاقة، وكانت الإفادة أنه عطل أصاب الكيبل البحري، وبالتالي شمل مواقع عديدة داخل مدار خدمته امتد لخارج الوطن، ثم عاد فعادت الأمور لاستقرارها.

في مثل هذا الحادث الطارئ ما يلفت إلى التمعُّن في أهمية المنجزات البشرية التي تسهل للإنسان أداءاته المختلفة، في مجالاته الحياتية العديدة، تصل في مواقف إلى تحديد علائق ذات أهمية ربما يكون في أولها على سبيل التمثيل القيام بالعمل فالعجز عن أدائه؛ لأن الوسيلة خارج القدرة على العمل, أو فوات الفرص كمن يتقدم لأداء يتعين فيه الوقت والأسبقية، وقياساً على ذلك يمكن التفكر في المنجزات التي لا بدائل لها، فلئن كان توقف الاتصال الإلكتروني يعيق حركة المؤسسات القائمة عليه كلية، فإن الأفراد يمكنهم التعامل بوسائل أخرى مع الأداءات قابلة التنفيذ بها, لكن كيف لو فجأة فقد الإنسان الماء وتوقفت جميع وسائل ضخه وتحليته وتوصيله ومده عاجزاً عن منح قطرة منه..؟ وماذا لو خسر الإنسان كل قرش في غطاء العملة التي يتعامل بها بيعاً وشراء ومن ثم حياة؟.. وماذا لو نضب معين وقوده، وانتصبت الطائرات والعربات والقطارات والعبارات في مواقعها لا تقوى على بث الروح في عروقها؟ وماذا لو شُلت مولدات الكهرباء، فتعطلت المصاعد والأفران، والأجهزة، والرؤية..؟ كيف سيفعل الإنسان وهو ينجز ويستهلك ويصل لعنفوان اعتداده بصنيعه.. لكنه يعجز عن صد تيار غبار يطويه في دوامته، وينفذ إليه من خياشيمه وثقوب مواقعه وكهوفه؟.. المعادلة ليست قياسية بين قدرة منجزاته ونهائياتها.. والدليل مناخات البر والبحر، وطول سيقان أقدام البشر، وطاقات ما في رؤوسهم، وكثرة ما خلف ألسنتهم، في مقابل ما يستشرفونه من توقعات خسائر لم تعد في منجز الاقتصاد بل بدأت تزحف إلى الغذاء والماء، وطرقات الأنواء تمنح الإنسان مزيدا من مؤشرات الدعوة لأن يتفكر في منجزات بديلة، ليبقى لحياة الأجيال القادمة من الشعور بالأمان ولو بوصلة خضراء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد