Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/03/2009 G Issue 13327
الاربعاء 28 ربيع الأول 1430   العدد  13327
هل تصبح المؤسسة المالية رهينة نجاحاتها؟!
د. عقيل محمد العقيل

 

يقول إن والده تاجر فاشل ويقف عقبة أمام تطوير أعمال شركتهم العائلية بما يحمله من فكر أو لأنه لا يحمل أي فكر اقتصادي أو إداري، وهو ما يجعل الفرص تضيع رغم سهولة اقتناصها، وما يجعل المخاطر التي تحدق بالشركة تتزايد في ظل منافسة شرسة تغيرت كافة أدواتها في السنوات الأخيرة.

وأقول له أبداً إن أباك ليس تاجراً فاشلاً، ولو كان كذلك لما نجح في تأسيس هذه الشركة التي حققت لكم الكثير الكثير، ولكن أباك رهين النجاح الذي حققه في السنوات الماضية، حيث استطاع بما لديه من فكر ومهارات وقيم وسمات شخصية أن يغتنم الفرص المتاحة التي عجز الكثير عن اغتنامها، وهذا النجاح الذي شكل بالنسبة له ولكم حلاً لكثير من المشاكل أصبح هو الإشكالية اليوم؛ إذ إن أباك لا يتصور أنه مضطر لاستخدام أدوات لم يستخدمها سابقاً، ويدفع عليها المبالغ الكثيرة؛ لأنها بالنسبة إليه لا تشكل أي أهمية في مسيرته التجارية.

مشكلة هذا الابن هي مشكلة معظم أفراد المجتمع؛ إذ إننا نعاني جميعاً من أفراد حققوا نجاحات كل من مكانه ومنصبه في فترة زمنية معينة بمعطيات معينة، ودخلوا في سكرة النجاح التي أفقدتهم الوعي بالمتغيرات حولهم؛ فاعتقدوا أن العالم ثابت في معطياته رغم أنهم يعرفون - كما يعرف الكل - أن العالم متغير بشكل متسارع، خصوصاً في هذا الزمان الذي أصبح الأسرع فيه يأكل الأبطأ بعد أن كان القوي يأكل الضعيف.

المؤسسة المالية في بلادنا حققت نجاحات كبيرة فيما مضى من العقود حيث كان القطاع الخاص السعودي في بداياته، وحين كانت الحكومة تلعب الدور الرئيسي في التنمية كمطور وممول ومشغل، فهل تبقى رهينة نجاحاتها، ولا تلتفت إلى القطاع الخاص الذي يعاني شح السيولة في ظروف جعلته قطاعاً خاصاً متطوراً أسندت إليه الحكومة مسؤوليات كبيرة في تحقيق الأهداف التنموية؛ فأصبح يلعب دور المطور والممول والمشغل، وهو ما يجعله في أمس الحاجة إلى آليات تمويل حديثة ومرنة ومتاحة، ولكنه بكل بساطة لا يجدها بسهولة؛ فكيف له أن يلعب الدور المنتظر منه في ظروف كهذه - الله أعلم - إذا لم تفق المؤسسة المالية من سكرة النجاح لترى الواقع الذي نعيشه حالياً بكل وضوح وتتخذ القرارات العلاجية قبل فوات الأوان؟!



alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد