Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/03/2009 G Issue 13319
الثلاثاء 20 ربيع الأول 1430   العدد  13319
شيء من
الراجحي والخبر المفرح
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

يقول الخبر: (كشف رجل الأعمال الشيخ سليمان الراجحي عن توجه المصارف المحلية لرفع مدة سداد القروض الشخصية من خمس سنوات إلى عشر سنوات، وقال رئيس مجلس إدارة مصرف الراجحي في حديث ل(الجزيرة) عقب ترؤسه لاجتماع الجمعية العمومية لشركة إسكان العقارية ظهر أمس: هناك دراسة جدية تتم بين مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والبنوك المحلية بهذا الخصوص مرجعاً هذا التوجه إلى الرغبة في تلبية حاجات المواطنين في توفير السيولة خلال هذه الفترة).

مثل هذا الإجراء فيما لو تم يعد قراراً صحيحاً مئة في المئة على جميع المستويات.

أن تعيد البنوك جدولة سداد الديون الشخصية بتمديدها إلى عشر سنوات بدلاً من خمس وأتمنى أن تكون أكثر، يعني أن هناك قطاعاً كبيراً من (ضحايا) سوق الأسهم ستتحسن أحوالهم المعيشية، إذ إن القسط الشهري الذي سيستقطعه البنك من راتب المدين سينخفض إلى النصف، ولا سيما أن أغلب هؤلاء هم من المتضررين من (فقاعة) سوق الأسهم، التي لم يسلم منها عند انفجارها إلا القلة. البنوك في حقيقة الأمر تتحمل جزءاً من المسؤولية، إضافة إلى مسؤولية (رقابة البنوك) في مؤسسة النقد عن تلك (الكارثة) الوطنية التي تضرر منها كثير من المواطنين، خصوصاً من ذوي الدخل المحدود. فالإغراء الذي سوقت له البنوك، والطرق (الملتوية) التي مارستها للتسويق للقروض الشخصية، وتخطي المحاذير الشرعية، أدى إلى اندفاع الناس إلى الاقتراض الشخصي بضمان السداد من رواتبهم، أملهم كان تحسين دخلهم، والاستفادة من (الطفرة) التي ظن الناس أنها مشابهة للطفرة التي مرت على البلاد في منتصف عقد السبعينيات من القرن الميلادي المنصرم، ويسرت لهم (البنوك) الاقتراض، وعندما تفجرت الفقاعة، و(راحت السكرة)، وإذا هم أسيرو ديون تثقل كواهلهم المنهكة (أصلاً) بأعباء الحياة، بينما أن أملهم الذي راودهم ذات صباح في الثراء، وسوّق له مسوقو البنوك التجارية، تحت إذن - وربما تشجيع - من مؤسسة النقد، تلاشى وأصبح لا يختلف كثيراً عن (أمل إبليس في الجنة)!

وكما ذكرت في مقال سابق، فإن أهم التبعات الخطيرة التي نتجت عنها كارثة سوق الأسهم، و(الإفراط) في توسع البنوك في القروض الشخصية، كانت اضمحلال (الطبقة المتوسطة), التي هي عماد أي اقتصاد والمشغل الحقيقي لفعالياته. انهيار هذه الطبقة بانهيار مداخيلها، لن يبقى في محيطه الاقتصادي وإنما سيمتد إلى (مشاكل) اجتماعية متعددة الاتجاهات، ستنعكس على الأسرة، وعلى الترابط الأسري، وكذلك على الأبناء، بمعنى أن الأسرة بكل أفرادها سيتضررون بطريقة أو بأخرى من هذه الديون.

ومن أهم الظواهر التي نراها الآن بدأت في الظهور على السطح، ولم تكن موجودة بذات الوضوح والتفشي في مجتمعاتنا، ظاهرة (الرشوة)، واستغلال الموظف لسلطته الوظيفية في تلبية (عجزه) على الوفاء بمسؤولياته الحياتية، بعد أن شاركته (البنوك) في دخله المحدود، ولسان حاله وهو (يسفط) الرشوة في جيبه يقول: (لابد مما ليس منه بد)!

إن من يقرأ تاريخ المجتمعات الأخرى التي تفشت فيها (الرشوة) يجد أنها (بدأت) بسبب سوء التخطيط الاقتصادي، ولكنها انتهت إلى أنها اتجذرت كثقافة اجتماعية، اختلطت بثقافة المجتمع، ليصبح اجتثاثها فيما بعد مثل أن تجتث إحدى العادات والتقاليد الراسخة اجتماعياً. ولكيلا نصل إلى هذا الدرك من الانحدار أعتقدُ أن سرعة اتخاذ (قرار) بإعادة الجدولة، كما ذكر الراجحي، وتمديد فترات السداد إلى عشر سنوات أو (أكثر) بدلاً من خمس بالنسبة للقروض الشخصية قرار حكيم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

إلى اللقاء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد