تفتقد كثير من المنشآت والشركات العائلية في مجتمعاتنا العربية إلى الرؤية الواضحة التي ترسم إستراتيجيات الشركة وتحدّد مستقبلها في ظل التحديات الضاغطة داخل المجتمعات العربية، وللرؤية والرسالة في المنشآت والشركات العائلية والمساهمة وحتى على مستوى الوزارات الأثر البالغ والفاعل من جراء تحديد واستشراف المستقبل ووضع الرؤى والأسس التي تقوم هذه الشركة عليها في السنوات العشر القادمة أو العشرين القادمة متفاعلة مع الرسالة المؤدية لتلك الرؤية والقيم التي يجب أن تبقي عليها تلك الشركات لتحقيق ذلك. إن الرؤية في أبسط تعريف لها هي أنه على الشركة أن تسأل نفسها إلى أين نحن ذاهبون؟! ماذا نريد في المستقبل القريب والبعيد؟! ما هي الآلية التي يجب أن نعتمد عليها لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا؟! وفي تعريفها العلمي هي تلك الوصفة والصياغة للمستقبل والذي تتطلع إليه المنشأة أو المنظمة إلى تحقيقه على المديين المنظور وغير المنظور، والرؤية في غالب الأحيان تعتمد عند صياغتها على كثير من الأسس ومنها أنه يجب أن تفكر تلك المنشأة في المنهج أو الخدمة والأسواق المستهدفة والعملاء، وهل ما تم رسمه من اتجاه هو بالطريق الصحيح أم لا!، هل هناك شيء يعتري ذلك التوجه، وهل تلك الرؤى تثير شيئاً من المشاعر والعواطف تجاه تلك المنظمة؟! وهل الرؤية تلك قابلة للتطبيق والتحقيق؟!.. عوامل كثيرة وأسس عديدة يجب أن تقوم عليها صياغة وفكرة الرؤية، وتحرص الشركات العالمية على وضع الرؤية وبثها في روح الفريق وتأكيدها في مفاهيم جميع العاملين لتلك الرؤية والأخذ بها والعمل عليها وأن تكون رؤية كل فرد وكل قسم وإدارة داخل تلك الشركة متفقة مع الرؤيا العامة والعليا للشركة، والرؤية داخل شركاتنا المحلية وداخل مجتمعاتنا العربية هي غير حاضرة في كثير من الأوقات سواء على مستوى التواجد أو على مستوى التطبيق، فإذا ما وجدت تلك الرؤية في إحدى الشركات فإنك ستجد وبشكل قطعي إما أنه لا يعمل بتلك الرؤية أو أن ثقافة العاملين لا تتجاوز فقط المعرفة بأن هناك رؤية لتك الشركة دون العمل بها أو التفاعل معها، والرؤية والرسالة ليست مجرد جملة أنيقة تعلق في ردهات الشركات أو داخل الممرات بل هي منهج ورسالة والتزام يجب على الشركة أن تمارسه وأن تقوم بعمل كافة السبل للوصول إلى تحقيق تلك الرؤية. إن عمل الرؤية هو كمن يقوم بوضع لوحة إرشادية في نهاية المضمار أو الطريق للوصول لتلك اللوحة والتي تشير إلي النهاية (الرؤية) ولوحات جانبية على جنبات الطريق تؤدي إلى الوصول إلى تلك النهاية (الرسالة). إن صياغة الرؤية والرسالة داخل الشركات والمنشآت ليست عملاً عبثياً أو رمزاً يدل على حضارة وثقافة تلك الشركة وإن كان كذلك ولكن الأهم من كل ذلك هو العمل بتلك الرؤية والتفاعل معها وتدريب العاملين لتفهمها والعمل داخل إطار تلك الرؤية. وتحرص كثير من الشركات على أن تكون الرؤية واضحة ودقيقة العبارات والمفردات وأن تؤدي الهدف المأمول منها. ومن أهم العوامل لصياغة الرؤية بشكلها الواضح والكامل أن تكون طموحة، واضحة، تصف المستقبل وأن يتم اختيار كلماتها بعناية فائقة وتفكير جلي لتحقيق الهدف منها. إن الرؤية المحددة الواضحة والمصاغة في عبارات دقيقة تخلق تفهماً والتزاماً من جانب العاملين وتمكّنهم من التركيز والانطلاق إلى آفاق المستقبل بيسر وسهولة وإتقان للعمل. ويقول أحد أساطين الإدارة إن القادة المتميزين ليسوا هم الذين يرسمون الرؤى والرسالة بل هم الذين يعملون على حمل تلك الرؤية والرسالة إلى الآخرين وإقناعهم بها. والرسالة كما ذكرنا سابقاً تقوم على الآلية التي يجب أن تساعد على صياغة الرؤية وتحقيقها، وهي باختصار الآلية والكيفية التي يجب أن تحقق المنظمة رؤيتها من خلال تلك الرسالة. ولأهمية الرسالة فقد اتفق الكثير من علماء الإدارة أنه وجد أن القاسم المشترك في الكثير من الشركات الناجحة هو وجود رسالة واضحة، رئيس وقائد يملك المهارة والرؤية، مجلس إدارة غير جامد، التزام واضح من المنظمة بزيادة الاعتمادات، ويجب أن تقدم الرسالة إجابات يتم الإجماع عليها من الأسئلة التي طرحت في البداية عند صياغتها وأن يكون العمل جماعياً وعلى كافة المستويات ليشارك به العامل العادي قبل المدير المسئول. وباختصار لما تم ذكره، فإن الرؤية تقوم على استقراء المستقبل وماذا نريد تحقيقة؟! وإلى أي طريق نحن نسير؟! وماذا نريد أن نصل إليه؟! وما هو الطموح المراد تحقيقه وإنجازه؟! والرسالة تقوم على المضي في تحقيق الإجابة على تلك الأسئلة من خلال آلية وإستراتيجية وعمل واضح تقوم على تحقيق تلك الرؤية، ويجب أن يكون لدينا القيم الأساسية التي نؤمن بها ونوقن فيها ونعتقدها لإنجاح تلك الرسالة وتحقيق تلك الرؤية.
كاتب سعودي
Kmkfax2197005@hotmail.com