بصدق .. وبكل صراحة، وتوافقا مع ما نعيشه من شفافية ثقافية وإعلامية يجب الاعتراف بأننا في المملكة نعاني شحاً في إظهار حبنا لوطننا، وبكل ألم يعاني أغلبنا فقراً مدقعاً في الكشف عن حبه للأرض التي تربى على خيراتها، وينهل من معينها؛ فالسعوديون ليسوا كغيرهم من العالم الذين يفاخرون في إظهار حبهم للوطن؛ ومرد ذلك اعتقاد خاطئ أو نتيجة ثقافة قاصرة جعلت الإنسان السعودي يظهر انتماءه إلى العائلة، والارتباط بالقبيلة أكثر من إظهار انتمائه للوطن، والبعض يعتقد أن الالتزام وإظهار الانتماء للوطن يتعارض مع الانتماء للدين، ولذلك ونتيجة لفهم خاطئ عارض البعض الاحتفاء بالعلم السعودي وغيبوا عن عمد عزف النشيد الوطني في المناسبات الوطنية، وهكذا فإن المملكة العربية السعودية هي البلد الوحيد الذي لا نسمع نشيده الوطني في المناسبات الهامة باستثناء المباريات الرياضية الدولية، أما الدول الأخرى ومنها جميع الدول الإسلامية فإنها تبدأ فعاليات مناسباتها الرسمية وغير الرسمية بالنشيد الوطني الذي هو رمز للوطن ولإنسان هذا الأرض؛ ولهذا فإن الشعوب عندما يعزف نشيدها الوطني تهب واقفة احتراما لما تحمله كلمات النشيد من دلالات تبرز ما يضم الوطن في جنباته من مضامين وقيم ومآثر ترديدها والتذكير بها في المناسبات المهمة يغرسان الانتماء في نفوس لكل من يسمع هذا النشيد بل وتثير الحماس في النفوس والقشعريرة في الجسم خاصة إذا كان المواطن خارج الوطن وهذا ما نشاهده عندما نتواجد في المناسبات الدولية والإقليمية حيث نرى زملاء المهنة من دول إسلامية وعربية يتفاعلون مع لحظة عزف الأناشيد الوطنية لبلدانهم ورفع راياتها والبعض منهم تترقرق الدموع في عيونهم خاصة أولئك الذين أبعدتهم ظروف العمل والدراسة عن أرض الوطن.
وإلى وقت قريب كنا في المملكة لا نعير مثل هذه الممارسات الحميمية اهتماما، حتى ظهرت الحاجة إلى تعميق الانتماء الوطني من خلال ما برز أثناء جلسات الحوار الوطني إذ بدأنا مسيرة الاحتفاء بالراية الوطنية وأخذنا نشاهد العلم السعودي مرتفعا ومرفوعا على المباني الرسمية، ويلوِّح به أبناؤنا في المناسبات والاحتفالات؛ ما أعاد الاعتبار لراية التوحيد في قلوبنا، وهذا ما يدفعنا إلى المطالبة بالاحتفاء بالنشيد الوطني والعمل على وضعه على كل الشفاه.. وزرعه في قلب كل سعودي.
jaser@al-jazirah.com.sa