Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/03/2009 G Issue 13319
الثلاثاء 20 ربيع الأول 1430   العدد  13319
ممر
(الحمد والبريك... مناظرة ايه؟!)
ناصر الصرامي

 

والحديث عن (المناظرة) التي أعلن عنها نادي الرياض الأدبي في وقت سابق قبل تأجيلها أو إلغائها ندوة وقيل مناظرة بين المفكر والكاتب الدكتور تركي الحمد إلى جانب الداعية والخطيب الدكتور سعد البريك، لكن الأخبار أفادت بأنها قد أجلت إلى أجل غير مسمى.

المناظرة لن تكون فكرية الطابع، ولا تتوفر لها شروط الحد الأدنى الذي يسمح بوصفها بذلك، نحن هنا أمام خطيب ثري يريد أن يناظر مفكراً وأديباً وكاتباً، أي عالمين وفكرين وتيارين بينهما فرق كبير، مثل أن يناظر اقتصادي يحمل معلومات وأرقاماً عن العالم، خطيب مسجدنا المجاور في شأن الأزمة العالمية المالية، أو بين متخصص في السيارات وعاشق لها وميكانيكي ماهر مع كاتب عرائض هذا من جانب.

ومن جانب آخر، هل الواقع العام يسمح أصلاً بوجود مساحة مشتركة للحوار بين واعظ مجتهد وخطيب جماهيري مفوّه مع مثقف صاحب رؤية مستقبلية..؟

أسئلة تتنوع وتصل إلى أبعد مدى من التناقض، ونحن نتتبع إلحاح الداعية البريك من أجل مناظرة مفكر مرة، أو أستاذ جامعي مرة أخرى، أو كاتب صحفي في ثالثة، بحيث أصبحت المناظرة هدفاً للظهور ومن أجل إقامة الحجة على الناس والأفكار.

ثم إن عنوان المناظرة المزمع حول (الأغلبية الصامتة) لا يعني أن هذه الأغلبية أو الأقلية تفكر في التخلي عن صمتها، لأن الناس لدينا لا يوضعون في مواجهة أفكارهم أو الأفكار المقابلة لهم، حيث اعتدنا أن يبدأ وينتهي حديث الدعاة بإسقاط تهم تتعلق بالدين والاعتقاد والإيمان لكسب المواقف، كما تجريم الفكر المقابل، وهذا شيء يظهر في ردودهم وتعقيباتهم التي تتهم المختلف معهم بالضلال أو البعد عن المنهج القويم، اتهامات وصلت في مداها المتشدد إلى التكفير وإباحة الدم وهو أمر معلن.

نادي الرياض الأدبي وعلى لسان الأستاذ محمد الهويمل المسؤول عن منبر الحوار، قال: (تلقينا توجيهاً رسمياً من وزارة الثقافة والإعلام يطلب تأجيل الندوة إلى أجل غير مسمى). نافياً انسحاب أو تهرب أحد الأطراف.

وخيراً فعلت الوزارة، لأن مناظرة فكرية كهذه تفتقد موضوعياً لمتطلباتها الأساسية، فهي ليست (مناظرة) ولكن مساحة لإثارة اتهامات سبق بثها، وإعادة إحياء الهجوم على الأشخاص لا مناقشة أفكارهم.

ثم إن -أي مناظرة - لها شروط تتعلق بفكرة القبول بوجود تيارات أخرى، وبإدارة الوقت وحيادية الحضور والمحاور ونحوها، وهي أشياء لا يملكها الواقع الثقافي المحلي بعد، بل ستعكس صورة سلبية عن المشهد الثقافي للخارج، وهي صورة لا تتسامح كثيرا مع الفكر والثقافة، ولنا فيما حدث بمعرض الكتاب الأخير برهان ودليل.

إلى اللقاء




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد