هنالك أمور تستجدُّ في حياة البشر لا مناص من التعامل معها بما يحقّق المصلحة العامة، ويستوعب ما ينتج عنها من جديد، ويمنع ما يحدث معها من تجاوزات تشوِّه الصورة، وتتجاوز الحدود المقبولة.
وهنا تأتي خطورة الدور الذي تقوم به الجهات المعنية بالتوجيه والإرشاد وضبط أساليب تعامل الناس مع تلك المستجدات.
وليست هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمعزل عن تلك الأمور التي استجدَّت في حياة الناس، ولا هي بمعزل عن الواقع الذي حدثت فيه بعض التغيّرات الاجتماعية، ولهذا فإن موقفها من ذلك كله يحتاج إلى دراية وحرص على أفضل وسائل ضبط ما يستجدّ من أمور بضوابط الشرع الحكيم، وضوابط الأنظمة والتعليمات التي تسير الهيئة على ضوئها في التعامل مع المجتمع وما فيه من المتغيِّرات.
وهذا معرض الكتاب الدولي الذي يُقام في الرياض يشكِّل واقعاً اجتماعياً جديداً على مجتمعنا من حيث نوع الكتب التي يسمح لها بالدخول إلى أروقة المعرض، ومن حيث الندوات والمحاضرات المصاحبة له، ومن حيث حركة الزائرين والزائرات له، ومن حيث طريقة التعامل مع المؤلفين والمؤلفات الذين يحضرون إلى هذا المعرض للقاء بالقراء، وللتوقيع على كتبهم، ونحن ندرك أن هذا النمط الجديد في طريقة إقامة معارض الكتب في المملكة لا يمكن أن يمرّ بالمجتمع مروراً عابراً دون أن يجد من المعترضين عليه، والناقدين له شدة في الخطاب وقوة في إعلان الرفض والإنكار.
ومعرض الكتاب بهذه الصورة يضع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في موضع صعب، يحتاج إلى قدر كبير من الاستيعاب لما هو مقبول من الجديد، والمنع - وفق النظام - لما هو مرفوض من المستجدات، وهي معادلة تحتاج إلى سعة صدر من جانب، وقوة نظامية من جانب آخر.
لقد سمعت آراء كثيرة حول معرض الكتاب، ولكنَّ أبرزها رأيان متناقضان، أحدهما يرى أن ما جرى في المعرض من (تنازلات) يعدّ نكسة كبيرة، ورأي آخر يرى أن هنالك تغيّراً واضحاً، ولكنَّه في دائرة المقبول إلى حد ما، وأن الانسجام بين إدارة الهيئة في المعرض، وإدارة المعرض التابعة لوزارة الثقافة والإعلام موجود، وأن التجاوزات التي حدثت كانت فردية سواء أكانت من جانب بعض الكتَّاب والكاتبات، أم من بعض زوَّار المعرض من غير أفراد الهيئة الذين يعترضون على بعض المظاهر الموجودة.
نحن نحيي هذا التعاون المثمر بين الهيئة وإدارة المعرض، وخاصة أن د. عبد العزيز السبيِّل قد أشاد بدور الهيئة الإيجابي في القيام بواجبها في معرض الكتاب، كما أشاد الشيخ عثمان العثمان بتعاون د. السبيِّل مع الهيئة تعاوناً ملموساً.