التفاعل مع ثقافات العالم طريق مهم لتطوير الثقافة المحلية والرقي بها، ومنذ القدم كان التفاعل هو الموجِّه إلى التعارف بين الشعوب وتقاربها، وإلى احترام الإنسان والخروج من العزلة التي تؤدي في الغالب إلى الركود، فكل أمة من أمم الأرض لها ثقافاتها المقروءة والمسموعة التي تنبع من مكنوناتها التاريخية وموقعها الجغرافي، وعاداتها وتقاليدها، وتنعكس هذه الثقافة في المؤلفات، وفي المرويات الشفهية، وفي الفلكلور بأنواعه المختلفة.
وتشهد الرياض اليوم نمطاً من أنماط التفاعل الثقافي وخلال معرض الكتاب الدولي الذي تشارك فيه دور نشر من مختلف أنحاء العالم وبخاصة من البلاد العربية والإسلامية، وتعرض فيه أعمال ناتجة عن تجارب إنسانية في القصص والروايات والمذكرات والدراسات الاجتماعية وكتب التاريخ ونتاجات العلوم والمعرفة بمختلف أنواعها.
ولاشك أن وصول هذه الأعمال إلى القراء في المملكة يعتمد على تنمية الثقافة، وتضيف بعداً جديداً يفتح آفاقاً واسعة للمنابع، والجيد في معرض هذا العام إعطاء المرأة مساحة أكبر، والتقليل من الرقابة وحسن التنظيم وتنوع المعروض بحيث يتاح لكل راغب النمط الثقافي الذي يتطلع إليه.
وإضافة إلى المعرض فإن المهرجان السنوي للجنادرية الذي توافق تنظيمه مع المعرض يقدم بعداً ثقافياً راقياً من خلال المحاضرات والندوات والعروض الفنية والصناعات التقليدية.
والجديد هو مشاركة دول غير عربية أو غير إسلامية في المعرض والمهرجان مثل البرازيل وروسيا، ولا شك أن وجودهما ووجود غيرهما من الدول يتيح لنا الاطلاع على ثقافات جديدة.
ومن هنا نجد أن الرياض اليوم تمثِّل بذرة نشطة للتفاعل بين الثقافات الإنسانية، وهذا مطلب دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الذي طالما تحدث عن أهمية الحوار بين الشعوب وما يؤدي إليه ذلك من تقارب وتفاهم يصب في صالح السلام العالمي.
ومن أنماط التفاعل الثقافي ما أشارت إليه الصحف من ندوة عن العلاقات السعودية اليابانية، وأخرى عن العلاقات السعودية الفرنسية، الأولى نظَّمها معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية، والأخرى نظَّمتها جامعة الملك سعود، وهما رافدان مهمان في مسألة تفعيل دور المملكة العربية السعودية في التقارب بين الدول لترسيخ مبدأ الحوار.
ما تعيشه الرياض وعاشته في الأيام الماضية هو عرس ثقافي مميز يستحق كل الذين أسهموا في إعداده الشكر على جهودهم.
