يصوّر العامل الأجنبي عند دولته ملاكاً طاهراً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حتى وإن كان قبل أن يأتي إلينا من أرباب السوابق!
أما رب العمل في دولة المهجر فهو شخص جبار، لص، مضيّق على الحرية الشخصية، ويطلق عليه عادة لفظ (الكفيل) لاحظ جمال اللفظ ومدلولاته الكريمة، لكن الطرفين يشوهانه (العامل والكفيل) إذا لم يحقق كل منهما مصلحته من الآخر، وفي سبيل هذا الصراع المصلحي تمتلئ السجون والمستشفيات والمنازل من العمال القُعد الذين يأكلون ويشربون ريثما تبت المحاكم العمالية في أمرهم وكل هذا بطبيعة الحال على حساب الكفيل (الطيب، الشرير) الظالم، المظلوم).
نحن لا نطلب الشيء الكثير، فقط أن تكون عقود العمل واضحة ومحددة، لا تظلم أحداً من الطرفين، مثلما هو حاصل الآن في بعض عقود سائقي المنازل وعاملات المنازل، فالطرف المظلوم في هذه العقود هو صاحب العمل، حتى أتقنت بعض الدول المصدرة هذا الدور فأصبح العامل أو العاملة، يحل لدينا بكافة علله الصحية والمهنية، وحالما يتم تطبيبه وتعليمه يكشّر عن أنيابه طالباً الرحيل!!
ويا ليت يكون كفيل هذه العمالة من الجنسين شركة واحدة، تتولى كافة هذه الأمور من الاستقدام حتى انتهاء العقد، ومن يريد عاملاً أو عاملة، يذهب لهذه الشركة يأخذ ما يريد فإذا صلح له فأهلاً وسهلاً وإلا فإن المعيب يرد إلى مصدره، حينذاك سنجد عمالاً غير العمال وعاملات منازل غير العاملات!
أما الذين يعملون في القطاع الخاص، فإن نظام القنانة الذي يمارس على بعضهم ونظام تفتيق المشاكل الذي يقوم به بعض العمال حتى يصل إلى دولتهم وصحفهم فيظهرونهم وهم لم يتحققوا من أفعالهم وكأنهم من جنس الملائكة، مثل هذا يحتاج إلى إعادة النظر في عقود العمل بحيث تعكس رؤية قانونية واضحة تعطي لكل ذي حق حقه ومع هذه الخطوة يجب تفعيل دور المحاكم العمالية لتكون سريعة وباترة في أحكامها.
* * *
دخل قرار إقفال المحلات العامة حيز التنفيذ بعد انتظار طويل، وينص هذا القرار على إغلاق المحلات في منتصف الليل كحد أقصى مع فرض غرامات على الذين لا يتقيدون به، وهي خطوة جيدة، سوف تساهم بدون شك في الحد من استهلاك الطاقة والطرق ومن زيادة الضوضاء والزحام، وفوق ذلك كله قد تحد من السرقات وتعطي العاملين في هذه المحلات ساعات راحة كافية، خصوصاً المحلات المملوكة من الباطن التي تعمل 24 ساعة يومياً، فبداخلها الأكل والشرب والنوم.. وسوف يساعد هذا القرار على انخراط أبنائنا في العمل في هذه المحلات.. ويا ليت يطبّق هذا القرار على الجميع، خصوصاً الصيدليات التي أصبحت بعدد البقالات وكذلك المولات التجارية التي غدت شبيهة بالمجمعات السكنية.. فرحنا بهذا القرار لأنه سيقرّبنا خطوة من الدول الراقية التي تفتح محلاتها في الثامنة صباحاً وتغلق في الثامنة مساءً، ولأن هناك فرقاً، فهكذا قرار يناسبنا ويقرّبنا منهم خطوة.. خطوة واحدة.
فاكس: 012054137