تأليف - الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر
|
قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف (بنت الأعشى)
|
العلم لا يعرف، والراية المرفرفة لا تحتاج لغيرها حتى تشد حاجتها وتغطي النقص الذي فيها، والجبل لا يحتاج إلى الارتفاع، والسماء لا تحتاج إلى سعة، وها هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله تعالى يقدم نفسه، ويعرف ذاته، لست أول من يقول هذا الحديث أو ما طُرز على منواله، سبقني وأنا التلميذة البسيطة أفذاذ وأعيان وعلماء وأعلام، دبجوا فيه المقالات، وكتبوا فيه المؤلفات، ويأتيك العلامة المؤرخ خير الدين الزركلي مثلاً لما أقول، وممثلاً لما أسطر، هؤلاء الأعلام ما زال حديثهم متواتراً، وسندهم متصلاً، ومتنهم ناطقاً، وهم كثر متميزون وجميع متألقون، وعلَّ بل إن معالي الوزير الأديب الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر حفظ الله سمعه ونظره وقلمه من الجفاف والنسيان في أول الكاتبين، وناصية المترجمين، يلوح هذا لك في كتابه السالف الذكر، الذي جاءت به دار القمرين للنشر والإعلام، بين يدي الطبعة الأولى للجزء الثاني من الكتاب، وهي مكتوبة في عام 1429هـ 2008م الكتاب جد كبير يصل عدد صفحاته إلى (430) ورقة من القطع الكبير، هذا الكتاب جاء ليحكي قصة بطل مضى غير أن أثره بقي، وتاريخه وفي، هذا الكتاب محمل بمعلومات جمة، وفوائد ثرة، عن شخصية الملك عبدالعزيز آل سعود عليه من ربه الرحمة والغفران شخصية غير عادية، وذات غير بائنة، ألمح من خلال سطور هذا الكتاب أمراً لا يختلف فيه متخالفان، ولا يتنازع فيه متنازعان، وهو أن هذا الرجل المؤسس لهذه الدولة الأبية قد جمع الله له أمرين: أولهما: الذكاء الخارق، والعبقرية الفذة ويعسر تكررها في هذا الزمان. وثانيهما: الشجاعة الخارقة، الصعب كسرها وتهميشها، وأستدل فرحة جذلة بما أقول بما نص عليه معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر حفظه الله ويأتيك حديثه عذباً سلسبيلاً وكوثراً منهلاً في كلمات عدة يقول فيها، تحت عنوان: (من مظاهر عبقرية الملك عبدالعزيز) ما نصه: (هذا خطاب ثمين للمؤرخ، لأن فيه كثيراً من الصور التي تكشف عن جانب من جوانب ما يتخذه الملك عبدالعزيز مما ساعد على نجاح خطواته، وهي في الوقت نفسه تدل على جانب من جوانب عبقريته) والسؤال الذي يطرح نفسه على مؤلف الكتاب حفظه الله ما هو الدليل على هذه العبقرية النادرة؟ وتأتي الإجابة في أثناء حديثه عن مؤسس هذا الكيان الشامخ المملكة العربية السعودية ومجمل الإجابة هي في قصة طبيب قادم من البحرين، أوصى حاشيته بالاهتمام به ومن معه، والاستجابة لكل طلباتهم منذ دخولهم إلى أن تظهر رغبتهم في الرحلة إلى بلد آخر في القصيم، وفي تلك الأيام لم يكن قبول مسيحي يدعى (ديم) ضمن إرسالية تبشيرية في البحرين، ويسترسل المؤلف رعاه الله في حديثه الأنيق الرشيق ليقول: (لم يكن أحد يستبعد أنهم بجانب التبشير بالمسيحية لهم أغراض تجسسية، ولكن الملك عبدالعزيز رحمه الله سابق لزمنه فلم يكن ليخيفه أن يحاولوا التبشير بدينهم، لثقته بقوة إيمان رعيته بدينهم الإسلامي، ولعله أقل أن يكون التأثير مخالفاً لما أرادوا، فيتأثروا هم بالدين الإسلامي، الذي يختلف عما اعتادوا أن يروه في البلدان العربية الأخرى، أما أمر الجاسوسية فالملك عبدالعزيز ليس عنده ما يخفيه، أقواله صادقة، وأفعاله مكشوفة للعيان بدلاً من أن يتكلف دعاية يشرح فيها للخارج ما هو عليه، وما ينويه، وحّب بهم ليأتوا ويتبعوا ويعرفوا ما يريدهم أن يعرفوه، إن مجرد سماحه لهم بالمجيء يكشف لهم أن الرجل متفتح، وصاحب قصد طيب تجاههم وتجاه غيرهم، وأنه لا صحة لما يقال عنه وعن قومه من عدائية وتحجر، إن مثل هذه النظرة غير مستغربة اليوم، ولكنها في تلك الأيام لا تأتي إلا من عقل عبقري، سبر الغور للنفوس، واستفاد من الفرص التي قد لا يراها غيره فرصاً). وبهذا المثال السابق من حديث معالي الوزير الخويطر تتضح لنا عبقرية الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عليه رحمة الله وأسلوب الخويطر يقال: سهل ممتنع، فأنت معه مع أدب نثري جميل مطرز بين حين وآخر بشواهد شعرية توحي لك وأنت تقرأ الكتاب برجل يحب الشعر وينتقيه ويختار منه ما يخدم الموضوع الذي يقع بين يديه، قلت لك قبل قليل إن نثر الخويطر نثر أديب، وهي حقيقة لا نزاع فيها، ويمكن من له أدنى خط من فن الأدب، أن الرجل أديب متأدب، وإذا عرفت فن الأدب عرفت رجاله، إذا عرفت الأدب عرفت من هو الأديب معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر حفظه الله ورعاه وسدد في سبيل الأدب خاطره وخطاه .
|
وهو متمكن من أنواع النثر الأدبي من رثاء ومديح ووصف وحكمة غير أنني أعترف لك أيها القارئ الكريم أن الخويطر لا يعرف فن الهجاء ليس عن عدم قدرة ولكن حنكة وجلالة وهيبة وأدب متواضع، فهو أديب صادق في قوله للحقيقة وبثه للخبر، فهو الرجل الوحيد الذي عاصر تاريخ تمدن وحضارة المملكة العربية السعودية وكفاه هذا فخراً وسؤدداً وأمد الله دولة الأدب بطول عمره آمين.
|
وللقارئ الحق كل الحق أن يتساءل عن الموضوعات والمعلومات في هذا الكتاب، وهو سؤال يضرب في كبد الحقيقة، وتقطع فيه الركاب، فأقول: إن الكتاب هذا طويل هذه حقيقة واضحة، ولم يكن تكراراً وإسهاباً في غير موضعه، بل كلمات الخويطر حبات در نظم في عقد بهيج ليزين امرأة لها أدب جم وخلق رفيع، والموضوعات على سبيل التمثيل لا الحصر منها ما يلي:
|
لغة خاصة يعرفها المقربون من جلالة الملك رحمة الله عليه وصور نفيسة من خطابات الملك عبدالعزيز لرجاله وأعوانه، ولمحة خاطفة جميلة من عبقرية الملك عبدالعزيز في جهوده الجهيدة في إرساء دعائم أسس وركائز التعليم في المملكة العربية السعودية حفظ الله أمنها وأمانها كذلك شخصية الملك عبدالعزيز الإدارية، ثم كيف كان التدريب والتركيب الإداري في عهده رحمه الله ومن أجمل الأقوال وصف المؤلف الملك عبدالعزيز بقوله: (الملك عبدالعزيز من الناس وللناس، يعرف ما يجلب فرحهم، وما يسبب ترحهم، يعرف ما يشغل أذهانهم، ويريح نفوس هو في القمة ولكنه يرى ما في السفح، عين صقر ساهرة، تتابع كل برهة وآهة، وبسمة ومسحة حزن) وكما قلت لك قبل قليل إن الكتاب مطعم ومطرز بأبيات شعرية هي فاتحة حديثنا السابق وقبلها يقول المؤلف حفظه الله : (.. وعودتك أن أحلى الحديث ببعض أبيات عن الشكر، قياساً على ما يفعله الآكلون، إذ إنهم يختمون وجبة الأكل بالفاكهة أو بنوع من أنواع الحلوى:
|
علامة شكر المرء إعلاف حمده |
فمن كتم المعروف مهم فما شكر |
إذا ما صديقي نال خيراً فخانني |
فما الذنب عندي للذي خاف أو فجر |
ولكن إذا أكرمته بعد كفره |
فإني ملوم حيث أكرم من كفر |
عنوان المراسلة: |
ص ب 54753 الرياض 11524 |
فاكس 2177739 |
|