يستثمر الناقد خالد الأنشاصي في كتابه: (الالتفات البصري.. بلاغة الشكل في الشعر العربي الجديد)، والصادر حديثاً عن (دار الكتب للنشر والتوزيع) بالقاهرة، بنى الانحراف في الشعر العربي الجديد للتأسيس لنظريته بلاغية جديدة تحيي مصطلح الالتفات البلاغي من جديد.
وتتخذ هذه الدراسة من الالتفات بمعناه البلاغي الموروث سبيلاً إلى دراسة بنى الانحراف المتعددة في الشعر العربي الجديد، سعياً إلى توسيع الدلالة الاصطلاحية للالتفات، بحيث يستوعب بنى الانحراف المستحدثة في هذا الشعر، من خلال الوقوف على مثل هذه البنى بالتفسير والتأويل، واستجلاء دلالاتها شكلاً ومضموناً.
الدراسة التي عكف المؤلف عليها منذ العام 2000 لنيل درجة الماجستير من كلية الآداب بجامعة عين شمس، بإشراف الدكتور عز الدين إسماعيل - رحمه الله -، والدكتور عاطف جودة نصر، تسعى إلى دراسة الشعر العربي الجديد - بلاغياً - في إطار ما أنتجه هذا الشعر من دلالات، كما تسعى إلى توسيع مصطلح الالتفات باقتراح مستويات جديدة له، وكل ذلك في سبيل التأسيس لنظرية بلاغية جديدة أسماها المؤلف: نظرية (الالتفات البصري)، باعتبار أن هذه النظرية ينتجها الشكل الكتابي في الشعر العربي الجديد، وما يتولد عنه من عدول بصري ينبغي أن يكون له دلالته البلاغية، باعتبار أن هذا العدول البصري يسهم إسهاماً أساسياً في إنتاج المعنى، كما أن فيه أيضاً ما في الالتفات القديم من ميزات وفوائد، ولكنها تتم عبر البصر لا السمع.
وفي إطار السعي أيضاً للتأسيس لهذه النظرية، وقف المؤلف - بإيجاز - على مراحل تطور الشكل الكتابي في الشعر العربي، مثل كسر العمود الشعري، والاتجاه نحو الكتابة السطرية، وكسر البحر الشعري وتعدده داخل القصيدة الواحدة، وتجاوز الأوزان كمحاولة لإنتاج نص شعري لا يلتزم بأي من أسس الشعر العربي الموروث وقواعده، وبحوره، إلى أن كان الخروج على نمط الكتابة السطرية، واللجوء إلى كتابة القصيدة بأشكال مختلفة، وذلك الملمح - تحديداً - هو الذي تشكلت من خلاله نظرية (الالتفات البصري).
وقياساً على أن البلاغيين الأوائل رأوا أن الانتقال من أسلوب في الكلام إلى أسلوب آخر مخالف للأول يضفي على الكلام جمالاً بلاغياً، يتمثل في ما ينتجه هذا الالتفات أو العدول، من تطريبٍ واستمالةٍ وتنشيطٍ للذهن ومزيدٍ من الإصغاء من جانب المتلقي.