Al Jazirah NewsPaper Friday  06/03/2009 G Issue 13308
الجمعة 09 ربيع الأول 1430   العدد  13308
سرقت فهربت
عثمان بن عبد المحسن المعمر

 

منذ ما يزيد على ربع قرن وأنا قد ابتليت بما ابتلي به كثير من سكان دول الخليج ألا وهو مرض جلب الخادمات من دول شرق آسيا، وكان الاستقدام سابقاً عن طريق الذهاب إلى دولة البحرين أو الاتصال بأحد مكاتب الاستقدام هناك لتوفير خادمة من هذه الدولة ثم تكاثرت مكاتب الاستقدام لدينا كالمشروع وأكثر من الهم على القلب، حتى أصبحت تنافس مكاتب العقار في كثرتها وحصول الضرر من بعضها بأكل أموال الناس بالباطل وصار الإنسان يضع قلبه بين يديه عندما يتعاقد مع أحدها لجلب خادمة من إحدى هذه الدول وبالنسبة لي كانت البداية أن استقدمت من سري لانكا ثم استمررت لسنوات أستقدم من إندونيسيا حتى خيل لي أن أغير الاستقدام من الفلبين لأنه كثر القيل والقال عن كثرة عمل الشعوذة والسحر من الإندونيسيات ويا ليتني لم أغير اتجاه بوصلة الاستقدام للأسباب المذكورة آنفاً ولمقولة: إن الإندونيسيات لايتمتعن بالنظافة الكافية عكس الفلبينيات فكان أن طرقت باب الاستقدام من الفلبين، ويا يلتني لم أطرق باب الفلبين وإن لم يكن كل من يأتي من هذه البلاد أو من غيرها ذوي أو ذوات نوايا غير محمودة، على كلٍ وقد وقعت الفأس في الرأس كما يقول العامة قدمت الأولى ومن أول نظرة بعد خروجها من مكتب جوازات مطار الملك خالد شعرت نحوها بانقباض وريبة ولكن قلت لربما أن المخبر مختلف عن المظهر وقد تكون من حاستي السادسة بارتيابي وتوجسي منها في غير مكانها وكان من عادتنا كثير من الأسر أنه قبل وصول الخادمة الجديدة تأخذ سابقتها إلى بيت أقرب الأقربين حتى تشكل الجديدة على ما تريد صاحبة المنزل من خطوط سير وكان أن تركت المسكينة شنطة يدها وبها كثير من رواتبها بالدولار والريال في غرفتها وهي آمنة مطمئنة أن لا أحد سوف يدخلها أو يقربها وعندما شرفت هذه القادمة من الفلبين طلب منها الذهاب لغرفة الخادمات للراحة والنوم إذا لم تكن ترغب في تناول طعام أو شراب وفي الغد وعندما علمت الأولى أنها سوف تسافر إلى وطنها طلبت شنطة يدها ولهول المفاجأة صارت تصيح وتقول أخذ من حقيبتي مبلغ 900 دولار ولمعرفتنا بها وأنها مسلمة أمينة عوضناها عنه بالريال ورفضت الجديدة الاعتراف بشيء فقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل وفي صبيحة ثالث يوم تركت معدات النظافة في صالة المنزل وفرت وعرفنا حينئذ أنها لصة وأنها كما يقول المثل العامي يكاد المريب أن يقول خذوني وراجعنا كل الجهات ذات العلاقة وسفارة بلادها وكأنها فص ملح وذاب وجوازها لدي حتى يئست وسلمته للجهة الحكومية المعنية بشؤون الخادمات الهاربات بعد ثلاثة أشهر حسب تعليماتهم ودفعت لمكتب الاستقدام ألفي ريال للحصول على تأشيرة جديدة إن صدقوا وأتت أخرى بعد أشهر بعد أن كنا نستأجر محلياً بثمن غال ورفعت ضغطنا خلال فترة إقامتها بيننا لكثرة مشاكلها وشكاويها وكانت أتعب من استقدمنا للخدمة وكنت سمعت في الأخبار قبل فترة ليست بالقصيرة عن اجتماع لقاء بين رئيسة الفلبين والعاملين في دول الخليج من عمالة في مختلف المهن ومن سائقين وخادمات.. الخ لتقصي ما يتعرضون له من مشاكل ومعوقات وأنا متأكد أنها سمعت وجهة نظر واحدة قد تكون ظالمة من بعضهم وقد تكون صادقة من بعضهم الآخر وما أخشاه أنهم في الغالب قد أعطوا صورة سلبية عن كثير من الأمور التي قد يكون بعضهم سبباً فيها فلن يقول أحدهم أنني قد سرقت أو اختلقت مشاكل وإزعاجا وربما أكثر ولكن سوف يشتكون من بعضهم من انتقاص حقوقهم وعدم إعطائهم رواتبهم في وقتها وطبعاً أن ديننا وتقاليدنا تفرض علينا عدم خروجهم واختلاطهم إلا من البعض المتساهل وأنه ليس لهم أماكن للمارسة شعائرهم الدينية امحرفة وهكذا يرسمون صورة سلبية قاتمة عن مجتمعنا الذي لا نبرئه فهو ليس مجتمعاً ملائكياً وفي كل مجتمع حشف ورطب وإلى الله المشتكى فأين المفر فيا حبذا لو عادت عقارب الساعة إلى الوراء ورأينا سيدات سعوديات يقمن بالخدمة المنزلية ولساعات محددة أثناء النهار وبخدمة محددة وهي حمل جزء من عبء نظافة المنزل عن ربة المنزل وإلى ذلك الحين علينا الترقب والصبر وكان الله في عون الجميع ولا ننسى في الختام خسارة الجيوب ولكننا مكرهون لا مختارين ويرزق بعضكم من بعض.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد