الجزيرة - عبدالرحمن اليوسف
أوضح معالي نائب وزير التربية والتعليم الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر في كلمة له بمناسبة المهرجان الوطني للتراث والثقافة 24 أنه في حياة الأمم والشعوب مهرجانات وطنية وشعبية، تترك آثاراً مسطّرة في سجلات التاريخ تشكل منعطفات مهمة في مسيرتها على طريق المجد والتقدم والازدهار.
وأضاف أن في المملكة العربية السعودية، وعلى مستوى العالم العربي، يُعد المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، الذي ينظمه الحرس الوطني كل عام، من المناسبات التاريخية التراثية والثقافية، ومؤشراً مهماً على عمق الدلالة على اهتمام المملكة، قيادة ومسؤولين وشعباً بالتراث والثقافة والتقاليد والقيم العربية الأصيلة. فهو مناسبة وطنية يمتزج في نشاطاتها عبق تاريخنا بنتاج الحاضر الزاهر، لتؤكد على هويتنا العربية والإسلامية، وتؤصل موروثنا الوطني بشتى جوانبه في محاولة الإبقاء والمحافظة عليه، حتى يظل ماثلاً للأجيال المقبلة.
وبين أن تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أيده الله، ورعايته لهذا المهرجان الوطني، وبدعم من عضده، سمو ولي عهده الأمين، حفظه الله، يزيده ألقاً ويمنح وسام الشرف للوطن بأسره، امتداداً للرعاية الكريمة للثقافة والمثقفين وللتراث والباحثين عن المعرفة ودعم لمسيرة الإبداع في المملكة وفي العالم العربي.
وقال: تأتي هذه المناسبة، محمّلة بعبق الذكريات والماضي الأصيل وقصص الولاء التي غرستها وروتها الجهود والنوايا الصادقة من أوفياء هذا الوطن برعاية قادته الأماجد أيدهم الله. فقد اعتادت وزارة التربية والتعليم، ضمن وزارات الدولة ومؤسساتها الرسمية، التشرُف بالمشاركة في فعاليات المهرجان ونشاطاته المتنوعة، انطلاقاً من اضطلاعها بمسؤوليتها في نشر العلم والثقافة، بين جنبات الوطن المعطاء وتقديم كل ما هو نافع ومفيد لأبنائه الكرام، واستثمارها وتأهيلهم، بوصفهم حجر الزاوية في تنمية المجتمع، وسواعد البناء التي من شأنها تطوير هذه البلاد بعزيمة وإصرار، لتتحقق له الريادة المنشودة بالرعاية الكريمة لقادته الكرام حفظهم الله ورعاهم، وأوضح أنه من ثمار مشاركة الوزارة في المهرجان، إتاحة الفرصة لأبناء الوطن على تنوع ثقافاتهم وتوجهاتهم الثقافية والفكرية، وتعدد معارفهم وعاداتهم وتقاليدهم، المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، للاطلاع على جهود الوزارة المبذولة في سبيل النهوض بالعملية التربوية والتعليمية والارتقاء بها، ورفع المستوى الثقافي للمجتمع.
وقال أربع وعشرون عاماً مضت منذ تدشين هذا المهرجان وقد شهد الوطن خلالها تغيّرات عميقة حفلت بالتحولات المجتمعية التي كانت محوراً لانتباه العالم واهتمامه. هذا الواقع الجديد يفرض علينا أن نلقي نظرة فاحصة على ماضينا وحاضرنا، بل وعلى مستقبلنا لتقييم المنجزات والتحديات؛ ولنستبين الإيجابيات والسلبيات، وصولاً إلى صياغة رؤية علمية وطنية واضحة لما نتطلع إلى تحقيقه في المستقبل، وللطرائق التي يمكن سلوكها في تلك المرحلة الجديدة، بما يضمن حماية عقيدتنا الإسلامية، ويؤكد وحدتنا الوطنية، ويرسّخ من وجودنا وهويتنا الوطنية والحضارية.
وفي تقديري فإن من أبرز ما يجب علينا استيعابه وأخذه بعين الاعتبار هو أن العالم بأسره ينحو بخطى متسارعة غير مسبوقة نحو التقارب والتداخل والتحاور بين الدول في القارات المختلفة، حيث لم تعد أي دولة أو مجموعة من الدول لديها القدرة على العيش بمعزل عن غيرها، أو التحرك خارج السياق العالمي، أو حتى تجاهل ما يحدث وراء حدودها من أحداث أو تطورات، حتى لا تتخلف عن الركب، وتعجز عن التفاعل مع ضرورات العصر، وتبيت كياناً لم يزل بعد في مرحلة التكوين، هامشياً هشاً، لا تأثير له ولا إسهام في تشكل ملامح الصورة الجديدة لعالم المستقبل.
كما في تقديري أيضاً أن وطننا بحكم تاريخه وقيادته، وتراثه ورصيده في المعارف والعلوم والآداب الذي يستند إلى العقل والحكمة، ومقدراته الوطنية بمكانها الديني ومكانتها السياسية والاقتصادية الدولية، مؤهل تماماً ليشارك على نحو فعّال، ومتميز ومشرّف في تحقيق هذا التحول التاريخي، معتمداً على المنطق والتفكير، ساعياً للوصول إلى الحقيقة الموضوعية.
فبقدر عظم التحديات تتوق سواعدنا الوطنية إلى العمل من أجل صالح الفرد والجماعة، والوطن، متسلحين برؤية وطنية حضارية وإنسانية رحبة ومعتدلة متسامحة، بعيدة عن التعصب، متحررة من نزعات التطرف ونزق الغلو والانغلاق.. بإرادة راسخة لشق طريقنا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً وسط عالم يشهد تنافسات حادة متنوعة..، حريصين على استقامة المقاصد ونبل الأهداف، ونقاء السرائر برجاحة العقول، واستنارة الفكر.