Al Jazirah NewsPaper Friday  06/03/2009 G Issue 13308
الجمعة 09 ربيع الأول 1430   العدد  13308
مأذونو الأنكحة يؤكدون لـ(الجزيرة):
تعدد الزوجات السبيل الأمثل لمواجهة ظاهرتي العنوسة والطلاق

 

الرياض - خاص بـ(الجزيرة)

لا تزال مشكلة العنوسة والطلاق تلقي بظلال قاتمة على واقعنا الاجتماعي، حيث تؤكد الأرقام والإحصاءات الصادرة عن عديد من الهيئات والمؤسسات الاجتماعية في عالمنا العربي والإسلامي تأخر سن الزواج بالنسبة لشريحة كبيرة من الفتيات، ولاشك أن الأمر يحتاج إلى تكاتف كافة الجهات المعنية في معالجة هاتين المعضلتين، ولعل مأذوني الأنكحة من أقرب الناس الذين يلمسون حجم المشكلة.. فكيف ينظرون إليها، وهل يرون أن التعدد وسيلة لمواجهة ظاهرتي العنوسة والطلاق ؟ نترك لكم قراءة ما تحدثوا فيه.

بداية يقول الشيخ منصور بن عبدالله العتيق: إن ما نسمع به في الآونة الأخيرة من كثرة الطلاق، وكثرة العوانس اللواتي بقين في البيوت بلا زواج، لهو أمر خطير جداً يحصل بسببه من أمور لا يحمد عقباها، والله جل وعلا بين في محكم البيان بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء}، فبدأ الله - سبحانه - بهذه الآية للرجال والنساء بتقواه، والخشية والخوف منه، فالرجال والنساء خلقوا من نفس آدم، وآدم من تراب، وجعل بينهما المودة والرحمة إلى أن تنتهي بالزواج الذي جبل الإنسان عليه، فلا مستقر ولا حياة إلا عندما يسكن كل من الجنسين لدى الآخر، كما قال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، ولكن نجد ما يحصل في المجتمعات عكس هذا السكن، فالمرأة بلا زوج، والزوج بلا امرأة، وكلاهما مسكين كما ورد (مسكين مسكين رجل بلا امرأة، ومسكينة مسكينة امرأة بلا رجل)، مما تسبب في كثرة العوانس من النساء في البيوت، والعانس يطلق عليها كما قال الأصمعي: هم من حبسها أهلها عن الأزواج حتى جاوزت السن، قال الجوهري: عنست الجارية تعنس إذا طال مكثها في منزل أهلها بعد إدراكها حتى خرجت من عداد الأبكار، فإن تزوجت مرة فلا يقال عنست.

أسباب الظاهرة

ويكشف العتيق الأسباب وراء هذه الظاهرة السيئة وفق الآتي:

1- المغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج:

عندما نرى هذا الجانب يعد هو الجانب الأساسي لعزوف كثير من الشباب عن الزواج، مما تسبب في كثرة العوانس في البيوت، بحيث نرى أولياء أمورهن يغالون في مهورهن، والتكاليف المصاحبة للزواج، مما جعل الشاب يبتعد عن الزواج، ويعتقد عندما يقدم عليه يكثر على كاهله من الديون، فأنت لست خيرا من نبي الأمة -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل: (زوجتكها بما معك من القرآن)، وهذا عمر رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان، وكانت تحت خنيس بن حذافة السهمي، فلما تأيمت ذكرها عمر لأبي بكر، وعرضها عليه، فلم يرجع إليه أبو بكر بكلمة، فغضب من ذلك عمر، ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال عثمان: ما أريد أن أتزوج اليوم، ولكن تزوجها خير هذه الأمة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلقي أبو بكر عمر بن الخطاب فقال له ذلك، فقال: لا تجد علي في نفسك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر حفصة فلم أكن لأفشي سر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولو تركها لتزوجتها، وأصدقها -صلى الله عليه وسلم بالقليل، كما روي عن أبي العجفاء السلمي قال: خطبنا عمر رضي الله عنه فقال: (ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية، ألا وإن أحدكم ليغالي بصداق امرأته حتى يبقى لها في نفسه عداوة حتى يقول: كلفت إليك علق القربة أو عرق القربة)، وعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أرضيتي من نفسك ومالك بنعلين، قالت: نعم، قال فأجازه)، فكان هذا هو السبب مما لجأ كثير من الشباب من الزواج بالأجنبيات، مما جعل هذا الطريق هو البديل لعلمه بأن الزواج من غير فتاة بلده خير لقلة صداقها، مما كدس كثير من الفتيات في البيوت بلا زواج !

2- الآمال الفكرية وإكمال الدراسة:

للأسف الشديد أصبح هذا من أسباب كثرة العنوسة في تلك البيوت، فكأن لتعلم المرأة حجب عن زواجها، مما تكبر في سنها فيقل من خاطبيها، وإن كان تعليمها هو أفضل لها، لأن التعليم أصبح ركيزة أساسية عند كثير من الناس للمطابقة الفكرية والتعليمية عند كل من الجنسين، ولكن لما لا تكمل دراستها عند شريك حياتها، فهو أحرص لذلك، فولي أمرها يعتقد أن بقاءها عنده، وإكمال دراستها تأمين لحياتها، فيرد عنها بحجة إكمال الدراسة، زاعمين أن الزواج يحول بينهم وبين ما يرمون من مواصلة التحصيل، مما تبقى المرأة بعد تخرجها تنتظر ذلك الزوج، وتمر الأيام والسنين سريعاً ولم يطرق بابها رجل، فتبقى في بيت أهلها حتى يمر عليها من العمر عتياً بلا زواج، ولفكرها بأنها تطلب زوجاً متعلماً ومتخرجاً من الجامعة، وتعد هذه شروطاً في شريك حياتها مما تشدد على نفسها في تلك الشروط، مما أدى ذلك إلى بقائها في بيت أهلها بلا زوج، وكذلك الرجل قد يبحث عن امرأة متعلمة، ومتخرجة، وشروط مما يؤدي كلا الطرفين البقاء بلا زواج، لأن الشاب أمسك عن الزواج من هذه المرأة المتعلمة المتخرجة خوفاً من تعاليها عليه نتيجة لقلة مستواه التعليمي عنها، ورفض الزواج منها خوفاً من قلة مستواها التعليمي عنه، ونسوا هؤلاء قول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ، وكما ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج يعين على تفرغ الذهن، وصفاء النفس، وراحة الفكر، وأنس الضمير والخاطر، وكذلك الآمال الذي يقع من الجانبين، فيتعلق بهذه الآمال والأحلام، والخيالات والأوهام، والطموحات والمثاليات، وهي في الحقيقة من الشيطان، فالمرأة تطلب أن يكون شريك حياتها ذلك الفارس الزماني، تريد أن يكون في وقت واحد الرجل الوسيم الثري، الذي يقدم الحب والدلع، وهذه معادلة صعب تحقيقها، فإذا تقدم رجل لخطبتها قالت عنه: (لا ما أريده ليس بفارس حياتي)، أو ربما ولي أمرها يقول إنه مسكين ضعيف فيرده، فتبقى هكذا تنتظر إلى أن تبقى حياتها هكذا بلا زوج، فتتمنى بالزوج ولو من رجل كبير السن، فلا طارق ولا مجيب لذلك، وكذلك الرجل الذي يشترط شروطاً هي في الواقع صعبة جداً، فيبقى ذلك الرجل سنين بلا زواج، لتحقق شرطه في شريكة حياته، فإذا أوتي إليه بامرأة نظر إليها كما أمر الشرع، فيقول فيها نقص كذا، ولم يعلم ذلك المسكين أن الكمال لله سبحانه، فكل فيه عيب ونقص ونسب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، كافيك ذلك يا أخي عندما تطلب زوجة.

3- العادات والتقاليد السيئة التي نهى الإسلام عنها:

قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وهذا السبب في كثرة العنوسة في البيوت.

والحل والعلاج لظاهرة العنوسة في المجتمع الإسلامي، يكمن في العودة إلى دين الله تعالى، بتقوية البناء العقدي في الأمة، والتربية الإيمانية للأجيال من الفتيان والفتيات، وتكثيف القيم الأخلاقية في المجتمع، لاسيما في البيت والأسرة، ومعالجة الأزمات والعواصف والزوابع التي تهدد كيان المجتمع، وتيسير سبل الزواج، وتخفيف المهور، وتزويج الأكفاء، وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين، ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة التي لا تتناسب مع قيم ديننا الحنيف.. أسأل الله سبحانه بمنه وكرمه أن يوفق كل زوجين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

المأوى والراحة النفسية

أما الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحمدان، فيؤكد أن من نعم الله تعالى على عباده في هذه الحياة أن يّسر لهم الأسر والبيوتات ومّن عليهم بالزوجات الكريمات آية من آياته الباهرات، ونعمة من نعمه الظاهرات سكناً ورحمة ولباساً ومودةًَ. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يجد الرجل في بيته المأوى الكريم والراحة النفسية بعد عناء العمل والكدح والكلل, لينفض عن نفسه غبار السآمة, ويطرح عن فؤاده متاعب الحياة، وتجد المرأة في بيتها مع زوجها أملها المنشود الذي تصون به عفتها، وتحفظ به كرامتها، وينشأ بين جنباته جيل صالح فريد في ظل أبوة حادبة، وأمومة حانية، بعيداً عن أسباب القلق والتوتر، وجالبات الشقاء ومنغصات الحياة.

وفي سبيل المحافظة على هذه العلاقة الزوجية الكريمة والحياة السعيدة بين الزوجين، نهى الإسلام عن كل ما يكون سبباً في فصم عرى العلاقة بين الزوجين أو نشر العداوة بينهما، وأمر في مقابل ذلك بحسن العشرة، وقيام كل منهما بحقوقه وواجباته على الوجه الأكمل، وغض الطرف عن الهفوات والزلات، وستر العيوب والخطيئات قدر الطاقة. ورغّب سبحانه وتعالى، بالإبقاء على الزوجية ونهى عن كل ما يعرضها للزوال، فأمر بالمعاشرة بين الزوجين بالمعروف ولو مع كراهة أحدهما الآخر، حفاظاً للأسرة، ومنعاً للتفكك قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر، أو قال غيره).

لقد شرع الإسلام علاقة الزواج لتدوم لا لتنقطع، ولينشأ الوفاق، ويزول الشقاق, واحترم الإسلام عقدة النكاح وأطلق عليها لفظ (الميثاق الغليظ)، واعتبر رابطة الزواج من أقوى العقود, وعهده من آكد العهود.

ولم تترك الشريعة الأمر بين الزوجين سدى تتحكم فيهم الأهواء، ويسيرون في حياتهم الزوجية على غير هدى، بل حدّد الحقوق والواجبات، ووزع الوظائف والمسؤوليات على حسب القدرات والإمكانات ومراعاة الطبائع والنفسيات كل ذلك بأسلوب عادل حكيم وبقسطاس مستقيم مستمد من قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} إنه لا بد من معرفة طبيعة النساء وما خلقن له، وجبلن عليه، ولما كان بعض الرجال قد يطلب المثالية في المرأة بعيداً عن الواقعية أرشد الإسلام إلى مراعاة هذا الجانب فقد اخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته, وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً).

العبث الذي لا يقره الدين.

ويشير الحمدان إلى أن الذي يهدد كيان الأسرة هو: تتبع الهفوات وتقصي العثرات، وتلمس السقطات، وتضخيم الهنات. فالطلاق إذا لم يكن لأسباب شرعية، فهو عبث لا يقره الدين، وتخريب لا تعمر به الحياة, فأين الذين يفكرون في العواقب, ما ذنب الأولاد والأطفال وما جريرة الضعفاء والضعيفات، والأبرياء والبريئات، ولقد ورد في الخبر (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) رواه أبو داوود وابن ماجه والحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. فيخطئ كثير من الأزواج عند ما يظن أن التهديد بالطلاق أو التلفظ به هو الحل الصحيح, أو الوحيد للخلافات الزوجية، والمشكلات الأسرية، فلا يعرف في المخاطبات سوى ألفاظ الطلاق، في مدخله ومخرجه، وفي أمره ونهيه، وفي شأنه كله، وهو بهذا قد اتخذ آيات الله هزواً يأثم بفعله، ويهدم بيته بنفسه، ويخسر أهله وزوجته. فليعلم كل من أقدم على الطلاق أو فكر فيه، أن الطلاق من الأمور العظيمة التي يفرح لها الشيطان، ويبعث من أجلها جنوده وكفى بذلك تحذيراً منه وتنفيراً.

وإذا كان الإسلام قد رغب في الزواج وحث عليه فإنه قد نهى عن الامتناع منه، وحذر الأولياء من ظلم مولياتهم ومنعهن من التزويج أو الحجر عليهن. فقال سبحانه وتعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} وذلك لما يترتب على منع المرأة من الزواج من المفاسد والمضار التي تعود عليها وعلى المجتمع المسلم بالفساد والبوار.

وإن كثيراً من الشباب والشابات يشكون إلى الله تعالى من ويلات العنوسة، وتأخر سن الزواج في الفتيان والفتيات، تتقدم بهم السنون والعراقيل تزداد أمامهم والمشكلات تتفاقم في وجوههم حتى ظهر الحال بمظهر ينذر بسوء المنقلب. إن تضييق فرص الزواج علة خراب الديار، وفساد المجتمعات، به تقتل الفضيلة، ويوأد العفاف, وهو طريق الفساد وهتك حجب الستر والحياء وقليل هنّ اللائي يحافظن على العفة والكرامة في عصر كثر فساده، وتلاطم شره، وسّهلّت فيه وسائل الحرام أمام من يريدها وهناك أسباب أخرى لتفشي العنوسة في مجتمعات المسلمين أهمها:

العادات والتقاليد التي قدمها بعض الناس على الكتاب والسنة، وهي مخالفة لتعاليم الدين الحنيف الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتغالي الأولياء في مهور بناتهم، فتضيع الفتاة أمام الشروط الصعبة، والتقاليد الموروثة، إضافة إلى ما انتشر في أوساط الناس مؤخراً من عضل البنات ومنعهن من الزواج طمعاً في المرتب الذي يحصلن عليه من الوظيفة.. ومن الأسباب: النهضة التعليمية وإصرار الشباب والشابات على إكمال تعليمهم واستبعاد فكرة الزواج أثناء الدراسة. وكذلك البحث عن عمل بعد التخرج وتأمين مستقبلهم والسنوات تمضي سريعاً، وكذلك: انتظار فارس الأحلام كامل المواصفات من قبل الفتاة ورفض المتقدمين لها، إضافة إلى الرفاهية الزائدة للأبناء التي تؤدي إلى الانحراف وعدم التفكير في الزواج.

ومن هنا نجد أن الأسباب كثيرة جداً ومتعددة ومتنوعة، ومن الحلول لهذه الظاهرة: أنه يجب أن يعرف كل شاب وشابه أن لا يوجد إنسان كامل فالكمال لله سبحانه وتعالى: وأن لا يكون هدف الشباب جمال البنت والبنت وسامة الشاب، فالجمال: جمال العقل والروح.

ومن الحلول: التخفيف من غلاء المهور وعدم إثقال كاهل الشاب بالمصاريف الزائدة، والاقتداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم ممن ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، وكذلك عدم التدليل الزائد للأبناء، وتربيتهم التربية الصالحة.

ومن الحلول للعنوسة: تعدد الزوجات. وهو أهم خطوة للقضاء على العنوسة، وكذلك: الزواج المبكر ليس للفتيات فقط ولكن هو لكلا الجنسين وهو سبب مهم للقضاء على العنوسة.

فأقيموا حدود الله ولا تتجاوزوها, وحافظوا على بيوتكم وأبنائكم وزوجاتكم, وأصلحوا ذات بينكم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

المؤشر الخطير

ويوضح د. عبدالرحمن بن سليمان الهويسين: أن الزواج نعمة من أعظم نعم الله جل وعلا على الذكر والأنثى، فبالزواج تستقر الأنفس، وبالزواج تنشأ الأسر، وبالزواج ينتج المجتمع، فتنشأ نفوساً مطمئنة هادئة، وفي عدم الزواج أو تأخره اختلال لحياة كلا الطرفين، وتشتت وضياع وخلق ميدان لظهور الأمراض النفسية، وربما تولد الجريمة الخلقية، التي تفسد الأخضر واليابس.

إن العنوسة إذاً مؤشر خطير، وإنباء عن خلل يقبع في محيط المجتمع، والمطلع على الأرقام التي نشرها بعض الباحثين، أو بعض الجمعيات المهتمة بشؤون الأسرة، عند عدد العوانس في المجتمع، ليشعر بأهمية هذه المشكلة التي تنخر في تماسك المجتمع، وفي قيمه وأخلاقه، وما قد يتولد جراء هذه المعضلة من آفات ومعضلات قد يصعب حلها إذا استفحلت، فحري بأهل الشأن النظر إلى هذه المشكلة بعين المشفقين على من ابتلوا بها، ولابد من البحث عن أسبابها لكي يمكن تلافيها، ولابد من طرح الحلول المناسبة التي تكفل معالجتها، والتغلب عليها.

أسباب المشكلة

وقد تعددت الأسباب التي منها تحدث هذه المشكلة - والكلام للهويسين -، وهي: البعد عن منهج الله القويم، وتكاليف الزواج الباهظة، والرغبة في إكمال مسيرة التعليم، والعمل على ما يقال له تكوين الذات، وتشدد بعض الآباء ببناتهم لمطامع شخصية، والبطالة وعدم توفر العمل للشباب، والتأثر بما يطرح في وسائل الإعلام، والتقليد الأعمى لبعض المجتمعات التي لا ترعى قيماً ولا تقيماً للأخلاق ميزاناً، والتشدد في اختيار شريك الحياة، وعدم قبول الفتاة برجل متزوج، فهذه بعض الأسباب التي أجزم أنها عوائق في سبيل الزواج، والتي يجب النظر فيها نظرة واقعية، وبذل الجهود وتكاتفها من أجل القضاء عليها، مع التأكيد على أن التعدد شريعة ربانية وسنة نبوية، وأنها من أنجح الوسائل لدرء مشكلة العنوسة، فيجب التركيز عليها، وحث الجميع على قبولها، وأنها أمر يكاد يكون ضروريا، لأن المتفحص في تركيبة المجتمع بعين واقعية منصفة يدرك جلّ الإدراك أن جنس النساء دائماً ما يكن أكثر من جنس الرجال، وهذا الأمر لا ينكره إلا مكابر أو جاحد أو جاهل.

لذا فالتعدد هو الحل الأنجع لمثل هذه الظاهرة، وهو الطريق الأمثل للمرأة أن تحفظ كرامتها وشرفها، وتثبت وجودها، وتشبع غريزتها، وتروي عاطفتها مهما حاول الأعداء تشويهه، أو إلصاق الصور المشينة به، كما أن وقوع خطأ من أشخاص محدودين ممن عددوا لا يعني إلصاق أخطائهم بالأمر ذاته، بل هي أخطاء فردية تتعلق بالمخطئ لا بالتشريع، وكم من الفتيات اللاتي فاتهن قطار الزواج وأصبحن داخل دائرة العنوسة يتمنين أشد المنى أن يكن مع أزواج ولو كن مجموعة زوجات، من أجل أن يهبهن المولى جل وعلا أبناء يروون عاطفتهم، ويكونون سنداً لهن في مستقبل أيامهن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد