بريدة - خاص بـ(الجزيرة)
أهاب فضيلة رئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ منصور بن مسفر الجوفان بالمسلمين السعي في الإصلاح بين أفراد المجتمع الإسلامي المتنازعين والمختلفين، لكي يسود الحب والوئام، ويبقى المجتمع المسلم آمناً مطمئناً، داعياً الساعي في الإصلاح إلى النظر في أسباب ودوافع النزاع والكراهية وتسويتها ومحاولة تقريب وجهات النظر، وتقديم كل من المتنازعين بعض التنازلات من جانبه، وتنمية الأخوة الإسلامية والحب على الإصلاح بين الناس، ففيه الأجر والثواب الكبير من الله تعالى، والذي يسعى إلى الخير يدل على أن هناك ترابطاً بين المجتمع الإسلامي بعامة.
وأوضح فضيلة الشيخ منصور الجوفان - في حديث ل(الجزيرة) - أن يكون أحد الأسباب عدم فهم الآخر أو سوء فهم كل من المتنازعين لصاحبه، فإذا أظهر كل منهما ما لديه صراحة فإن كان مخطئاً يبين له الحكم الشرعي في ذلك وعليه الرجوع فإن الحق أحق أن يتبع والرجوع إلى الحق فضيلة، وقد يزول الخلاف إذا ظهرت المصارحة وصدقت النوايا. ولقد جاءت الشريعة الإسلامية والهدي النبوي بما يحقق سعادة البشرية في الدارين الأولى والآخرة وبما يضمن تعايشهم في أمن وسلام، ويقوي الروابط الأسرية والاجتماعية، وينبذ الفرقة والاختلاف والنزاع والشقاق، وبما يقوي أواصر المحبة والإخاء والتلاحم، ووضع الشارع الحكيم قواعد وأسساً لذلك من أخذ وتمسك بها فقد استقام أمره وصلح شأنه، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}، إن الصلح من الأمور العظيمة التي دعا إليها ديننا الإسلامي وحثنا على التمسك بها في كتابه الكريم وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم.
وأكد فضيلته - في السياق نفسه - على أن كلاً منهما أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من السعادة والعيش في راحة واستقرار لا سيما وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). فهذا هو هدينا وشريعتنا، فإذا كنت تحب لنفسك أن تعيش في أمن وسلام وراحة واستقرار، فاطلب ذلك لأخيك وضاعف سعيك في تحقيقه له بالإصلاح بين المتخاصمين والمتنازعين وحاول بكل جهد في أن يسود الوئام والمحبة بينهما، ويقول تعالى: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، فقد رتب الله الأجر العظيم والثواب الجزيل في ذلك على سلامة القصد وصدق الإخلاص لله تعالى. وهذا دافع لكل مصلح في السعي بالإصلاح بين الناس، وإن ذلك من الدين، ومن أفضل العبادات وأجل الطاعات، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله: قال: إصلاح ذات البين، قال: فساد ذات البين هي الحالقة) رواه أبو داود وأحمد والترمذي وصححه، ويقول الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}، فالصلح بشروطه وضوابطه الشرعية خير كله، فإن أكثر ما يكون النزاع والشقاق بين الزوجين فلذلك شُرع الإصلاح عند حصول شيء من ذلك لتبقى العشرة الزوجية على أكمل وجه، إذ الأسرة هي نواة المجتمع ومنها يتكون وينبثق فإذا صلحت الأسرة وعاشت في سعادة وعلى الهدي النبوي وأحكام الشريعة صلح المجتمع كله.