بقدر ما سعيت قبل أربعين عاماً إلى تمتين علاقتي بالنخب الواعية من جهاز الجامعة من الدكاترة الأجلاء، كان تقربي من هذا العلم الثقافي شابه الكثير من الحذر والتردد ربما لمكانته العلمية المميزة كأبرز حاصل على شهادة الدكتوراه في الحقل الثقافي وأول كفاءة سعودية تتسلم مناصب مدير جامعتنا الوحيدة حينذاك. كنت أعرف عنه الكثير دون أن ألتقيه لا سيما تشدده في الشأن الإداري وعدم احتفاله بالوساطات والشفاعات.
ثم، وهذا هو المهم، محاربته للفساد الإداري لا سيما بعد ان أوكلت له مهام رئيسية في جهاز الدولة كوزير، فكان التذمر من أنه حال دون تمرير بعض المشاريع التي اشتم منها رائحة التلاعب والتغاضي لتسرب مالي غير مبرر لينتفع من ورائها ضعاف النفوس.
بل إن بعض المتنورين ويا للعجب استنكروا منه ذلك الموقف المتشدد لأن له من وجهة نظرهم جوانب سلبية على بعض الطموحات.
الشيء المشرف أنه رغم انشغال معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر في تلك المسؤوليات الجسام لم يتخل عن المتابعة الثقافية قراءة ومشاركة من خلال تلك الإصدارات القيِّمة التي حرص فيها على بث المثل الأخلاقية بين أبناء الجيل الذين مازالوا حائرين أمام هذا الغزو الثقافي الذي تتعرض له بلادنا.
وأتوقف هنا حتى أترك الفرصة لغيري للتحدث عن قرب عن جوانب أخرى في شخصية هذه القدوة العملاقة التي نفتقد لأمثالها في هذه المحنة الأخلاقية التي تمر بها المجتمعات العربية المغلوبة على أمرها بعد أن أصبح من النادر أن تعثر بين كبارها على عف اليد واللسان والقلب مثل رائدنا الدكتور عبدالعزيز الخويطر أطال الله في عمره وكثر من أمثاله.
إبراهيم الناصر الحميدان