من أفخر الهدايا التي تقدم للعقلاء (العتاب)، وقالت العرب: العتاب هدية الأحباب؛ فمتى أدركنا قيمة هذه الهدية واستوعبنا مضامينها فإننا سننعم بنتائج فائقة الجودة في إطار العلاقات الإنسانية مع الآخرين، ولا سيما الأقربين. وللوصول إلى هذه النتائج يستحسن تطبيق المعايير والأعراف المتعلقة بهذا المعنى وأدائه على أصوله، ومن ذلك تجنب المبالغة؛ لأن كثرة العتاب تفقده قيمته، ثم إن للعتاب درجات ترقى لأسمى مراتب الذوق واحترام ذوات الآخرين وليكون أبلغ أثراً وأوقع في نفس مَن تعاتب، وهو يأتي في مقدمات الوداد بين الأصفياء، وبه تزول حواجز وعوائق قد تحول دون توثيق الروابط الأخوية، وبتحققه تمتنع بل تسقط فكرة العقاب؛ إذ إنه لو بدئ بالعقاب فلا ثمرة للعتاب ولا مكان له، ولعمري فإن العتاب النابع من نفس أبية صادقة مخلصة وتستقبله أخرى تمتلك ذات الصفات التي تؤسس لمبادئ الثقة بين الطرفين سيكون له مفعول سحر البيان من مكاشفة خفايا الأفئدة والجنان، وخفض الجناح وتعاطي الشفافية وتبادل التنازلات مع احتفاظ كل طرف بمقوماته الشخصية الإنسانية؛ فالتواضع للأهلين والأقربين لا يمكن تفسيره بالخضوع المذل بل إنه يرفع صاحبه بقدر تواضعه، وفي كل الأحوال ومما لا مراء فيه فإن ظاهر العتاب خير من باطن الحقد!