من يتابع دوري المحترفين السعودي بدقة ورؤية فنية بحتة سيتوقف قليلا أمام مستويات الفرق المشاركة بالدوري والتي تقدم مستويات لا يمكن الحكم عليها عن ماهية الدوري السعودي: وهل هو طالع أم نازل؟ بمعنى: هل ارتفعت مستويات فرق الظل وأصبحت ندا للفرق الغنية أم أن أهل القمة فقدوا توازنهم وأصبحوا يدورون في فلك الأندية متوسطة الحال؟
فريق الهلال، والذي صرف ما يقارب مائتي مليون ريال لتجهيز فريق كروي يصارع على كل الألقاب المحلية وبطولة دوري المحترفين الآسيوي الذي يعتبر بوابة الوصول للعالمية بعد أن حرمت الظروف فريق الهلال من بلوغ مونديال كأس العالم في نسخته الثانية في أسبانيا قبل ثماني سنوات مما فوت على الهلال فرصة الظهور موندياليا عندما كان لديه توليفة تضاهي الحالية، وقد تتفوق عليها، هذا الفريق الهلالي المرصع بالنجوم الكبار يسقط في محطة نجران، وبمستوى باهت ويتعادل على أرضه وبين جمهوره أمام الوحدة، ثم أمام الوطني: فأين الخلل؟ والاتحاد الذي صرف عضوه المؤثر -وعلى حد زعمهم- ما يقارب من أربعمائة ملايين ريال خلال فترة رئاسته التي امتدت أربع سنوات وخلال فترة عضويته الشرفية في زمن إدارة أبو عمارة عدا ما صرفه العضو الداعم وبعض شرفيي الاتحاد نجد أن الاتحاد بكل نجومه الكبار وكل بذخه يترنح أمام الاتفاق والحزم ويفوز بشق الأنفس على أبها بطاقمه الشاب الذي يلعب لأول مرة، وما يقال عن الهلال والاتحاد يسري على النصر والشباب الذي خسر بالأربعة من الرائد الصاعد للممتاز حديثا، وينطبق أيضا على الأهلي رغم إمكانياته الفنية والجماهيرية والمالية، وكذلك الاتفاق الذي يعتبر من الفرق الكبيرة بإنجازاته وجماهيريته ونجومه البارزين.
مما سبق نتساءل: هل فرقنا الكبيرة في (الطالع) فنيا أم في (النازل)؟ هل ارتقى مستوى الأندية الصغيرة وأصبحت في مستوى الأندية الكبيرة فهذه ظاهرة تبشر بالخير للكرة السعودية، أم هل انحدر مستوى الأندية الكبيرة وأصبحت في مستوى أندية الظل؟ فهذه ظاهرة خطيرة تحتاج للدراسة والتوقف عندها كثيرا.
الذي أعرفه أن الفرق الكبيرة تدفع ثمن سوء البرمجة المحلية ونجومها منهكين من المشاركات المتواصلة محليا وخارجيا، وأن مواهبنا معرضة للاحتراق الفني وستدفع الكرة السعودية ثمن ذلك مستقبلا والذي أعرفه أن بطولة دوري المحترفين الآسيوي هو معيار الحكم النهائي على مستويات فرقنا السعودية؛ حيث يشارك في دوري المحترفين الآسيوي في نسخته الأولى أربع فرق سعودية هي: الهلال والاتحاد والشباب والاتفاق وكلها أعدت العدة لهذه البطولة بالذات وهذا الدوري الآسيوي هو المحك الحقيقي للكرة السعودي فمن خلاله نستطيع الحكم على أنديتنا التي تملأ الدنيا ضجيجا ونعرف بعدها موقعنا من الإعراب.
سوء البرمجة لمناسباتنا المحلية هو قاصمة الظهر، ويجب أن نعترف بذلك -شئنا أم أبينا- ومن ثم البحث عن حلول، ولن يأتي الحل ما لم نعترف بالمشكلة؛ فلاعب موهوب وقناص بارع مثل ياسر القحطاني عملة نادرة، ومع هذا يلعب منذ خمس سنوات بشكل متتال مع ناديه ومنتخب بلاده دون توقف في الصيف والشتاء والربيع والخريف، ونحن بذلك نحرق ورقة من العملة النادرة، ويلاحظ لمراقب الفني الجيد مدى الجهد الذي يبذله ياسر لكي يظل في الفورمه مع ناديه، والمنتخب وإذا استمر على هذا النهج فمعنى ذلك احتراقه فنياً وتحويل موهبته إلى شبح في الميدان خارج تغطية العمل الفني الاحترافي والشيء الذي نقوله عن ياسر القحطاني ينطبق على عدد من اللاعبين السعوديين الذين يعانون من مواصلة الركض بدون هوادة، وإذا لم نعترف بالمشكلة فإن أزمة الكرة السعودية التي عانت من الغياب القاري في الناشئين والشباب والأولمبي سيتبعها المنتخب الأول الذي يعيش حاليا في الواجهة ومهددا بالتواري عن دائرة الضوء التي اعتاد عليها من عام 1984إلى الآن.
أشياء...... وأشياء
- التقيت ياسر القحطاني في جاكرتا بعد تألقه في كاس أمم آسيا 2007 ونصحته بالراحة السلبية من منظور علمي واقتنع بذلك، لكن الواجب الوطني أجبره على مواصلة الركض حتى بعد العمليتين الجراحيتين!!)
- يقارن البعض بسطحية فجة بين اللاعب السعودي والمحترف الأوروبي وينسى أن اللاعب الأوروبي منتظم غذائيا وتدريبيا والأهم النوم المبكر.
- اللاعب الأوروبي يرتاح من الركض شهري يونيه ويوليه سنويا ويعود للكرة شهر أغسطس وحتى في إجازته السنوية يحافظ على أوقات نومه وتغذيته وهذا لا يحدث للاعب السعودي.
- لعبت بعض الفرق الكبيرة مع بعض فرق الحواري وديا فظهر التكافؤ بين الطرفين... هل للفكر الكروي دور في ذلك؟ أم الإرهاق يدمر كل شيء؟
- فريق الفتح لم يقصِ الأهلي من مسابقة كأس ولي العهد، بل قدم لنا درسا في أهمية النظر لفرق الظل التي تتوافر لديها مواهب أفضل من فرق القمة.
- متى يقوم اتحاد القدم بتكليف المدربين الوطنيين باكتشاف مواهب الظل التي تتفوق على بعض من نعتمد عليهم في المنتخب الأول؟
- مسابقاتنا المحلية، وفي ظل زخم المشاركات الخارجية يجب أن تقتصر على بطولة دوري وبطولة كأس فقط وبقية البطولات للمراحل السنية بما فيها كأس الأمير فيصل بن فهد للأولمبي فقط.
- سنخسر كل المواهب إذا استمرت البرمجة بوضعها الحالي، وسندخل نفقا مظلما بالغياب الطويل عن البطولات القارية والمونديالية والأولمبية.
- الأندية الفقيرة أصبحت في مستوى الأندية الغنية فنيا؛ لأن لاعبي الأندية الكبيرة يعانون من الإجهاد.. واسألوا لاعبي الهلال والاتحاد الذين يواصلون الركض بدون هوادة ويدفعون الثمن وحدهم.
- من يغضبه كلامنا، فيجب أن يعرف أن لقاء النصر وأبها في الدور الأول لم (يقام) إلى الآن وكان الفريقان يبحثان عن مباريات ودية لطول مدة التوقف وآخرها مقابلة أبها الودية مع جرش العام الماضي أقيمت مواجهة الهلال والشباب في الدورين الأول والثاني في أسبوع واحد، وسوف يتكرر المشهد الساخر هذا الموسم بين النصر وأبها!!!
alhammadi384@hotmail. Com