Al Jazirah NewsPaper Saturday  28/02/2009 G Issue 13302
السبت 03 ربيع الأول 1430   العدد  13302
وعلامات
المحاكم الشرعية وأداؤها!
عبدالفتاح أبو مدين

 

إنني أبدأ بتهنئة معالي الدكتور محمد العيسى وزير العدل على اختياره وزيراً للعدل في التعديلات الجديدة في شهر صفر الماضي التي شملت بعض الوزراء ومؤسسات حكومية؛ ولقد أشادت صحافتنا بهذه الخطوة الموفقة من أجل التطوير والتلاحم تمشياً مع مستجدات الحياة ومتطلبات كياننا الإداري ليؤدي المهام التي وكلت إلى الوزارات وبعض الأطر ذات الأداء في النهج المهم، لأن ديدن الحياة ألا يركن إلى وتيرة واحدة في مسيرة التطور والتجديد.

وعبر هذه الزاوية التي تحمل التهنئة بعامة، تتوقف مع تهنئتي لمعالي الدكتور محمد العيسى وزير العدل الجديد لنشير إلى جوانب خليقة بالاهتمام والإصلاح أجملها في النقاط التالية، وهي بعض ملامح لا تشتمل العموم، وأؤكد أن الكاتب الذي يحترم قلمه لا يجنح إلا إلى الصدق وإلى الإصلاح، لتقبل آراؤه واهتمامه بمعالجته فيما يقول وما يعلن..

1 - في أول تصريح لمعالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى اكد أن من أولويات مهامه - التدريب - وأمورا أخرى لعله بها عليم! ولقد عايشت قضايا لي ولغيري، أخذت سنوات عند بعض القضاة في محكمة جدة الكبرى.. وأعايش قبل سنوات وإلى اليوم بعض القضايا في المحكمة الشرعية الكبرى بالمدينة المنورة، فبعض المعاملات عند بعض القضاة صار لها سنوات لم تصدر فيها أحكام.. ولعل مرد ذلك ضعف قدرات القضاة وكثرة ما يحال إليهم من قضايا، وقصر دوام العمل، وان بعض القضاة ينهضون بإلقاء محاضرات في الجامعة الإسلامية، وأمور أخرى قد لا يراها أصحاب القضايا ولا الكتاب.

2 - رؤساء المحاكم صامتون، واستطيع أن أقطع بأنهم لا يدرون عن الأزمان المهدرة بقدم إنجاز المعاملات التي تحال لقضاة إمكاناتهم محدودة، ولا يشعر رئيس المحكمة بضياع الأوقات وعدم البت في القضايا لدى فريق من القضاة إلا إذا اشتكى إليه المتظلمون من هذا التعطيل، الذي ربما حدا برئيس المحكمة أو المحاكم إلى تحويل بعض المعاملات التي طال عليها الأمد إلى قاض آخر.. ولا يتشجع كثير من رؤساء المحاكم على الشكوى لوزارة العدل من ضعف بعض القضاة، ربما هاجسهم يقول: هذا الموجود! وهذا الصمت مسؤولية يتحملها رئيس المحكمة، وتتحملها وزارة العدل لأنه تفريط في أمانة وكَلَها إليهم وليّ الأمر، فأصبحوا مسؤولين أمامه وأمام الله الذي قال في كتابه العزيز {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفي بِنَا حَاسِبِينَ } «47» سورة الأنبياء. إن تعطيل إنجاز معاملات الناس شهورا طوالا وسنين فيه أضرار، وقد تصبح جسيمة لما فيها من خسائر وعناء طويل في المراجعة والسعي إلى المحاكم، وشيوخنا من وزراء للعدل، إلى رؤساء المحاكم، إلى القضاة أنفسهم يعون قول الحق في سورة الصافات: (وقفوهم إنهم مسؤولون).

3 - بعض القضاة فيهم كبرياء، وهذا ليس من خلق المسلم، فكيف إذا كان سمة بعض القضاة؟ في أكثر ما نسمع خلقاً مجافياً للحق يصدر من قاض، إذا تذمر صاحب قضية أمامه، فيرد القاضي إذا لم تصمت فإني أحيلك - إلى التوقيف -، ويقول القاضي للعسكري: خذه للتوقيف، وبعض القضاة دون إنذار يجنح إلى إيقاف المتكلم جوراً إلى - التوقيف -، دون إساءة أدب من المتذمر من طول الانتظار، وقد يكون مريضا إلخ.. ورحم الله الفاروق القائل: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟ وصلى الله على معلم البشرية وصاحب الخلق العظيم؛ الذي جاءه صاحب حق في المسجد النبوي ورسولنا حوله أصحابه؛ ورفع صاحب الحق صوته بمطالبته لبعض بني هاشم؛ وقام بعض الصحابة ليأخذوا بتلابيب الرجل لأنه في رأيهم أساء الأدب، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالا.. ما أجدر قضاتنا الذين تضيق أخلاقهم أن يكونوا حلماء!

4 - زمان: كنا نسمع بوجود مفتشين على المحاكم، وأنا لا أعني المسائل المالية، فليس ذلك من شأني، ولكني أعني الإنجاز في قضايا الناس، فهل هذا الموضوع رؤي أنه لا يوصل إلى الجدوى؟ إذاً ما هو البديل لعدم تنويم المعاملات شهوراً طوالاً وسنين عدداً؟

لا أريد في هذه الكلمة شبه العابرة التي تحمل التهنئة لمعالي الدكتور محمد العيسى وزير العدل، وكذلك تشير في عجالة إلى بعض الملاحظات والركود في محاكمنا والنقص في عدد القضاة وضعف قدرات البعض على الإنجاز لأن تحصيلهم الدراسي محدود، وأنهم لم يتدربوا حتى يُعدّوا لمهام القضاء وما أكثرها، التي لا يكفي في النهوض بها وأدائها الشهادة التي يحملها المتخرج في دراسة شؤون القضاء، ذلك أني أزعم أن متطلبات أخرى ينبغي أن تتوافر في القاضي، لعل منها:

النباهة والألمعية والذكاء وان يكون لماحاً إلخ..

ولعلي أقول ان الناقد من مهماته التذكير الذي ينفع المؤمنين كما قال الحق سبحانه وتعالى.. وأذكر أن الأمانة ثقيلة التكاليف، وقد أبت السموات والأرض والجبال حملها، وحملها الإنسان الجهول الظلوم لنفسه، اسأل الله العافية والسلامة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد