جدة - راشد الزهراني:
حذر اقتصاديون وقانونيون من تنامي ظاهرة الشيكات من دون رصيد التي أحدثت خللاً كبيراً في نظام الاقتصاد السعودي وقالوا إنها أدت إلى زعزعة الثقة لدى المتعاملين في السوق السعودي حيث دفعتهم هذه الظاهرة إلى الإصرار على التعامل بالنقد مع أنه يجب تعزيز الثقة المطلقة في التعامل بالأوراق المالية والشيكات.
وشدد الاقتصادي الدكتور أسامة الفلالي أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز على ضرورة التنفيذ الفوري لنظام الأوراق التجارية المستمد من النظام الموحد الذي أقر دولياً من دون حاجة إلى الذهاب إلى المحاكم التجارية أو الشرعية.
وقال (إن المشكلة التي نعانيها تتمثل في عدم تنفيذ أحكام النظام التي تصدر بحق المدانين بهذا الجرم). وأكد الفلالي أن هذه الظاهرة بالفعل ولدت خللاً كبيراً في نظام الاقتصاد المحلي.
وتابع الفلالي: يجب أن تعترف وتقر الجهات المختصة بانتشار هذه الظاهرة فعلاً حتى تتصدى لها بناء على قناعة كاملة بوجودها وبحجم الأضرار التي تخلفها في الاقتصاد الوطني. ثم الوقاية منها بأساليب مؤقتة لحين السيطرة عليها بشكل كلي، واقترح الفلالي أساليب لمواجهتها، وقال من أبرزها توعية الجمهور ومجتمع الأعمال بخطورة هذه الظاهرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وذلك بعكس الواقع الفعلي والحقيقي للظاهرة والتحذير منها والحد من تورط مجموعات إضافية فيها.
ومضى: كما يرتبط التقليل من حجم المشكلة بإجراءات عقابية غير تقليدية، والسعي لابتكار وسائل ائتمان أكثر مصداقية مثل طريقة الاعتمادات المستندية الداخلية، وإعداد وتنظيم شبكة معلومات ترتبط بها الجهات ذات العلاقة بالائتمان مثل الغرف التجارية ووزارة التجارة وإدارات الحقوق المدنية بإمارات المناطق، ليتم من خلال هذه الشبكة استصدار نظام يسمح بتداول المعلومات الائتمانية المتعلقة بالغير على أن تشمل وتوفر هذه الشبكة جميع العمليات الائتمانية كالبيع بالتقسيط وبطاقات الائتمان وعمليات البنوك والأوراق التجارية (الكمبيالة والسند لأمر والشيك) والديون المدنية والقروض الحكومية.
ويرى المستشار القانوني خالد أبو راشد أن الأحكام في قضايا الشيكات من دون رصيد تصدر ولا تنفذ بسبب ضعف النظام المتعلق بهذا الجانب والتهاون في تطبيقه.
وقال إن الإجراءات الحالية التي تسير عليها وزارة التجارة لا تتفق ولا تتلاءم مع المتغيرات الاقتصادية الحديثة. ودعا أبو راشد إلى تطوير أساليب المرافعة داخل مكاتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية وتسريع مواعيدها، وأضاف: الإجراءات بطيئة وعلى قدر كبير من المماطلة، ومضى: في وزارة التجارة يفصل بين الجلسة والأخرى التي تليها ما بين ثلاثة وأربعة أشهر، ويستغرق الحكم الذي لا ينفذ ثمانية أشهر في أقل الأحوال، وخلال هذه المدة الطويلة يزيد عدد الضحايا ويكبر حجم الأرقام).
وحمّل أبو راشد البنوك جزءاً من المسؤولية بقوله: المفروض ألا يعطى من يصدر شيكاً دون رصيد دفاتر شيكات جديدة من أي بنك وفق آلية معينة ومدة محددة، ولكننا نفاجأ بأن مثل هذا الشخص يعطى دفتر شيكات جديداً في اليوم التالي وقبل شروعه في سداد الالتزامات المالية المترتبة عليه، بل قبل صدور الحكم عليه.
وقال أبو راشد إن شكاوى ودعاوى الأوراق التجارية والنزاعات المالية والتجارية يفترض أن تنظر ويبت فيها من قِبل القضاء الشرعي ويجب سحب هذا الاختصاص من وزارة التجارة وأيضاً كل الخلافات والمشاكل القضائية وشبه القضائية لتكون تحت مظلة القضاء ومن اختصاص وزارة العدل فقط).
وتابع أبو راشد: ان توسع دائرة هذه الظاهرة يستدعي إيجاد مركز معلومات ائتماني للمواطنين والمقيمين الذين سجلت بحقهم سوابق إصدار شيكات من دون رصيد لتسهيل معرفة التاريخ الائتماني للمتورطين السابقين والجدد في هذه الجرائم المالية للتقليل من هذه الظاهرة ومحاولة السيطرة عليها والحد من آثارها. ومضى: هذا يوصلنا في النهاية إلى وضع قائمة سوداء بأسماء هؤلاء الأشخاص وتكون متاحة لكل الجهات العامة والخاصة والشركات والمؤسسات والجمهور، على أن يتم تحديث بياناتها بالإضافة أو الإلغاء وفق ضوابط مشددة.