لأن التلوث الذي أصاب العلاقات الدولية ب(فيروسات) الأنظمة المستبدة، والتي انعكس أداؤها على علاقاتها مع الدول الأخرى، فغابت النوايا الصادقة، واختفت أخلاقيات التعامل الدولي وأصبحت لغة المصالح هي اللغة الغالبة، والتي تحكم علاقات الدول بعد أن سكن في معظم عقول قادة تلك الدول (ميكافيلي) فاعتمدوا كتابه الأمير (دستوراً) لأفعالهم.
ولطغيان هذه الثقافة أصبحت المجتمعات الدولية لا تثق بأقوال وتصريحات السياسيين، بعد أن أصبح عدم الصدق مرادفاً لأقوالهم وقبل ذلك أفعالهم، ولهذا، فثبات نهج سياسي أخلاقي، وتمسك قيادات معينة بمبادئ لا تحيد عنها يثير الاستغراب والدهشة في عالمنا المعاصر. وما تقوم به قيادة المملكة العربية السعودية من التزام أخلاقي يؤكد ثبات مبادئ هذه الدولة منذ قيامها والمرتكزة سياسياً على محاور واضحة، أهمها الانتماء والعمل لصالح الأمتين العربية والإسلامية والوطن والشعب السعودي، ضمن ضوابط الشريعة الإسلامية والتمسك بالأخلاق والسلوك القويم، وهكذا، وطوال تاريخ هذه الدولة العريقة التي مرت بثلاث مراحل لم يعرف عنها خروجها عن الثوابت الإسلامية والأخلاقية رغم تعدي الكثير من قوى الشر والعدوان التي وإن استطاعت اعتراض طريق هذه الدولة (الحلم) التي وجد فيها المسلمون والعرب السند والملجأ إلا أن هذه الدولة قامت واستعادت قوتها وعافيتها ثلاث مرات. فالدولة السعودية الأولى التي غطت كل مساحة الجزيرة العربية، نهضت بعدها الدولة السعودية الثانية، بعد أن تآمرت قوى الشر والعدوان فقضت على الدولة الأولى وبعد أن شعرت تلك القوى بعودة الروح والقوة لأبناء الأمتين العربية والإسلامية من خلال الدولة السعودية الثانية التي امتد إشعاعها إلى الجزيرة العربية فشملتها وامتد النفوذ إلى خارج الجزيرة عادت تلك القوى لتجهض الدولة السعودية الثانية التي نهضت بعدها الدولة السعودية الثالثة التي نعيش في كنفها وخيرها وعزتها نحن السعوديين وكل العرب والمسلمين.
دولة محورية لا تزاحم غيرها من أجل مجد زائف ولا ادعاء لقيادة لا تحقق الخير والفائدة للأمة تقدم العون والمساندة للأمة العربية والإسلامية دون منّة أو أذى؛ التزاماً وتمسكاً بثوابت لا تحيد عنها وتوافقاً مع مبادئها الإسلامية.
هذا النهج والتواصل الدائم مع الملك فعلاً وقولاً تأكد مرة أخرى في الرسالة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أخيه الرئيس المصري حسني مبارك الذي أنجز مصالحة فلسطينية ظلت مطلباً وحلماً عربياً أسعد الجميع تحقيقه فكان السعوديون المبادرون الأوائل للتهنئة فجاءت رسالة قائدهم وفارسهم المترجم لأخلاقهم وسلوكهم الإسلامي القويم.
jaser@al-jazirah.com.sa