الجزيرة - ياسر المعارك - تصوير - عبدالرحيم نعيم محمد
يتجه أكثر من 26 عضواً من الأكاديميين في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إلى تحريك دعوى قضائية ضد المؤسسة يطالبون فيها بتصحيح الوضع الحالي والسماح لهم باستكمال الدراسة والابتعاث لنيل شهادة الدكتوراه.
وطالب عددٌ من أعضاء هيئة التدريس (تحتفظ الجزيرة بأسمائهم والوثائق الرسمية) الجهات المختصة مجلس الشورى وهيئة حقوق الإنسان وصانعي القرار بالتدخل لتصحيح الوضع والمسار المستقبلي للمؤسسة متهمين القيادات الإدارية الحالية بمنعهم من مواصلة الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه ما يتعارض مع سياسة الدولة نحو التوسع في الابتعاث خصوصاً في التخصصات المهنية والفنية والتي تعد الركيزة الأساسية وأحد أهدافها السعي لمواصلة تطوير ورفع مستوى الفنيين والمهنيين على رأس العمل لإكسابهم المعارف المتطورة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
وقال المحاضر (ع، ب): إن هناك ما يقارب 150 أكاديمياً غير سعودي معينين على درجة أستاذ مساعد والتي يتطلب شغرها الحصول على الدكتوراه، متسائلاً أليس من حق الوطن أن تسعود هذه الوظائف من خلال حصول السعوديين على درجة الدكتوراه؟!
وأضاف: ان هناك مشكلة محورية وضرراً واقعاً على كل السعوديين ممن يحملون درجة الماجستير فالسلم الوظيفي يقف عند الدرجة 15 ولا يتم تجاوزه أو الحصول على زيادة في الراتب إلا بعد الحصول على درجة الدكتوراه!!
منتقداً القرارات غير المدروسة منها إيقاف ابتعاث لنيل الدكتوراه. وتساءل: هل تم تمحيص هذا القرار من كل جوانبه ودراسة السلبيات التي ستلحق بمنسوبيها السعوديين ومَن يتحمل المسؤولية؟!! وزاد: ان أوضاع الأكاديميين سيئة فمعظم السعوديين ممن تمكنوا من الحصول على درجة الماجستير لم يتم تعيينهم على المستوى السادس بل ظلوا يترنحون على المستوى الخامس والرابع، مطالباً بترقيتهم إلى المستوى السادس مع صرف الفروقات للسنوات التي مضت أسوة بالمعلمين والضباط كونه حقاً لهم كفلته الدولة.
يقول أحد الموظفين: إنه تخرج من كلية الهندسة من جامعة طوكيو للتكنولوجيا عام 2003م والتحق بالعمل بالمؤسسة وظيفة (معيد) براتب لا يتجاوز خمسة آلاف ريال رغبة في تخصصه وإكمال الدراسات العليا لنيل درجة الدكتوراه إلا أن الوضع بدأ يختلف عندما طلبت الحصول على بعثة لنيل درجة الماجستير وتفاجأت بسيل من الشروط التي لا تخلو من التهديد عند توقيعي تعهداً بأن أعود بعد إكمال الماجستير وعدم إكمال الدكتوراه، قلت في نفسي لعلها سحابة صيف وتزول، ولكن الأمر أصبح أكثر تعقيداً، إذ أجد نفسي مطالباً بتوقيع تعهد على خطاب داخلي موضح فيه عدم مطالبتي بإكمال الدكتوراه للحصول على ترقية إلى درجة (محاضر) بعد أن أبلغني موظف المؤسسة بأنه إذا لم أوافق على التوقيع فسوف يقوم شخص آخر بإشغال هذا الرقم الوظيفي، وقعت وبكل حسرة فأنا أنتظر هذا الرقم ما يقارب السنة منذ عودتي من الماجستير ومصبراً نفسي بالزيادة في الراتب التي اكتشفت أنها لا تتجاوز السبعين ريالاً.
بعد مضي أكثر من عام ونصف العام على تخرجي من أمريكا وأنا الآن قاربت على مشارف الـ34 سنة أجد نفسي فاشلاً وأكبر شاهد على هذا عائلتي، أخجل عندما أسأل عن راتبي على الرغم من أنني مهندس وأحمل تخصصاً يتطلبه القطاع الخاص ومع وجود الإغراء المادي إلا أنني ما زلت أنتظر بصيص أمل من مؤسستنا بالنظر في وضع المحاضرين والمعيدين في ابتعاثهم للحصول على الدكتوراه، فقمت بإرسال خطاب طلب موضح فيه حالة ممن هم على هذا الكادر، ففوجئت بالرد القاسي وبالرفض القاطع وعدم إرسال أي طلب آخر بموضوع الدكتوراه تحتفظ (الجزيرة بنسخة الخطاب).
وأشار الموظف إلى أنه حاول أن ينقل خدماته والاتجاه إلى إحدى الجامعات السعودية التي تعتبر المكان الأنسب لهذه الفئة من الوظائف من حيث البيئة العلمية الرائدة إلا أن مسؤولي المؤسسة رفضوا طلبه بحجة أن الكلية باحتياج إلى أعضاء هيئة التدريس.
وقال مصدر إن وظائف أعضاء هيئة التدريس تشترط الحصول على مؤهل أعلى للحصول على الترقية، إذ إنه بعد فترة قصيرة تتوقف العلاوات السنوية، إضافة إلى ذلك نظام الابتعاث لمن تجاوز سن الأربعين استناداً إلى لوائح الابتعاث.
قصة نجاح
فواز القحطاني مهندس كهرباء تخرج من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التحق بوظيفة مدرس في الكلية التقنية بالدمام ثم ابتعث عن طريق المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إلى أستراليا لدراسة الماجستير في جامعة موناش العريقة التي تعتبر أفضل جامعة في الهندسة في أستراليا وأفضل خمسين جامعة في العالم تخصص في مجال الاتصالات الرقمية كان قرار ابتعاثه محدداً فقط لدراسة اللغة ودرجة الماجستير في مدة سنتين ونصف السنة، فواز درس اللغة في ثلاثة شهور ثم بدأ درجة الماجستير وأنهاها تقريباً في سنة ونصف السنة فتبقى له سنة من مدة البعثة ففضل أن يجد قبولاً ويكمل درجة الدكتوراه وبالفعل وجد قبولاً في جامعة (ر أم تي) التقنية في مدينة ملبورن عن طريق منحة من الجامعة نفسها فبدأ الدراسة في موضوع الجيل الرابع في الاتصالات الكهربائية وطلب من المؤسسة العامة للتعليم الفني إعطاءه فرصة لإكمال درجة الدكتوراه ولكن طلبه قوبل بالرفض وفصل من عمله فبدأ العمل في مساعدة المشرف بتدريس بعض المواد في جامعة (ر أم تي) وبالمقابل يحصل على أجر من ذلك.
فواز القحطاني أنجز عدة أوراق علمية بالغة التميز وحضر عدة مؤتمرات عالمية وهو الآن يشرف على طلاب دكتوراه في (ر أم تي) وهو على وشك التخرج.
حقوق الإنسان
علق نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان على أن من حق المواطن أن يطالب بتطوير قدراته ومهاراته وصقلها بما يخدم الصالح العام، مبيناً أن أولى الخطوات التقدم بشكوى للمؤسسة فإن لم يتم التجاوب معها يتم رفع دعوى قضائية لدى ديوان المظالم جهة الاختصاص.
الرأي القانوني
قال المحامي القانوني عدنان العمري: إن من حق أعضاء هيئة التدريس في كليات التقنية والمعاهد المهنية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من حملة الماجستير رفع دعوى لدى ديوان المظالم للمطالبة في حقهم بالابتعاث أسوة بأعضاء هيئات التدريس في الكليات الأخرى، منوهاً بأن من يحق له تحديد الحاجة إلى هذا الابتعاث هي المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ولكن يرى بعض أعضاء هيئة التدريس بأن المؤسسة تعسفت وبقوة في استخدام هذا الحق تجاههم لذا لجأ المتضررون إلى الاستشارة القانونية وبعد الدراسة المبدئية النظامية للموضوع وجدنا أن المؤسسة أولاً تستند إلى ما نص عليه التوجيه السامي رقم 457 - م وتاريخ 27 - 6 - 1424هـ وثانياً أن يكون الابتعاث للحصول على درجة الدكتوراه يتناسب مع حاجة المؤسسة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن وجود عدد كبير من حملة الدكتوراه غير السعوديين والذين يشغلون الوظائف حالياً لدى المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني يؤكد عدم صحة هذا الادعاء وأن السعودة لتلك الوظائف واجب وطني وبالتأكيد إذا طلبنا تفسيراً منطقياً مقنعاً من إدارة المؤسسة لن نحصل على بيان غير ما ذكر أعلاه، ولكن إذا كان الطلب من جهة قضائية فأنا أعتقد أنه بإمكاننا الوصول إلى عمق الحقائق لتحقيق درجة من الرضا قد لا تكون ابتعاث جميع حملة درجة الماجستير بالمؤسسة ولكن نكون قد نجحنا بفتح هذا الباب المغلق إلا إذا وجدت أسباب أخرى اقتنعت بها الجهات القضائية.
رأي المؤسسة
قال المتحدث الإعلامي ومدير العلاقات والإعلام الأستاذ عائض القحطاني إن المؤسسة لا تحتاج إلى حملة شهادة الدكتوراه كونها تمنح شهادات دبلوم ودرجة الماجستير لأعضاء هيئة التدريس ستكون كافية لتحقيق الهدف.
وعند سؤال (الجزيرة) عن أعداد الأجانب من هيئة التدريس الحاملين لدرجة الدكتوراه وأهمية سعودة هذه الوظائف، طلب القحطاني مهلة زمنية لإعداد رد مناسب وحتى إعداد الخبر مضى أكثر من ثلاثة أسابيع ولم يصل (الجزيرة) أي إيضاح أو تعليق.