Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/02/2009 G Issue 13299
الاربعاء 30 صفر 1430   العدد  13299
نمو الاقتصاد بين انزلاق سعر البترول وكوابح الإنفاق الحكومي
محمد العنقري

 

يعتمد الدخل الحكومي بنسبة تفوق 85% على ايرادات البترول وبالتالي يشكل العامل الاساس بالتأثير على معدلات النمو الاقتصادي وفي مرحلة معقدة يعيشها العالم اقتصاديا سقطت اسعار البترول بشكل حاد وتقف حاليا عند مستويات بين 35 إلى 40 دولارا مما يعني انخفاض العوائد منه بشكل يفوق 60% فالمملكة تبيع بالمتوسط بعد إجراءات التخفيض للانتاج التي قامت بها دول اوبك في حدود 8 ملايين برميل يوميا أي بحدود 3 مليارات برميل سنويا وبأسعار اليوم سيكون العائد المتوقع بين 105 إلى 120 مليار دولار مما يعني ان العوائد بالريال ستكون بين 400 إلى 450 مليار ريال وبالتاكيد هناك تكاليف انتاج سيتم خصمها من هذه العوائد مما يعني ان تقديرات الميزانية للعام الحالي تتفق بشكل كبير مع اسعار النفط الحالية وتوقعات العجز التي قدرت بحدود 65 مليار ريال وبالتالي فإن الانخفاض بالناتج المحلي سيكون كبيرا اذا تم حسابه على اساس ايرادات النفط كون العوائد المتحققة بالعام الفائت 2008 بلغت 1100 مليار ريال وحتى لا يكون تأثير حاد على النشاط الاقتصادي اتجهت الحكومة لاتخاذ سياسة انفاق توسعية لتحقيق اكثر من هدف بآن واحد فمن جهة اساسية تسير الخطة الاقتصادية نحو تحقيق التنمية المستدامة من خلال تطوير وتوسيع البنى التحتية لجذب الاستثمارات والتوسع من خلالها بالقاعدة الانتاجية وفتح عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب الذين يجري تأهيلهم لسوق العمل من خلال منافذ تعليمية متنوعة بالاضافة لتنشيط الحركة الاقتصادية عبر تنفيذ هذه المشاريع من خلال الشركات والمؤسسات الوطنية وبالتالي يتم من خلال هذه الخطط الانفاقية تحفيز وتنشيط الاقتصاد لامتصاص التراجع بالنمو الكلي للاقتصاد نتيجة للتاثيرات السلبية لتراجع سعر البترول ومن هنا بدأت الدولة استخدام الانفاق الحكومي بشكل واسع والذي قد يتجاوز التقديرات الموضوعة بالميزانية لانحسار الضغوط التضخمية واستبعادها من حسابات السياسة المالية او النقدية بالمرحلة الحالية فقد تراجع التضخم خلال اشهر قليلة من 11 إلى 7.9 بالمائة نتيجة هبوط اسعار السلع بشكل عام وتحسن سعر الدولار مما يعني ان زيادة الانفاق لن تشكل ضغطا او قلقا بالمستقبل القريب خصوصا العام الحالي ولكن مع كل هذه المشاريع والتوسع الانفاقي الكبير تظهر حاليا بعض المطبات لدى قطاع المقاولات المحرك الاكبر للنمو الاقتصادي هذا العام من خلال عمليات التمويل التي يواجهها وعدم وجود اتفاق او آلية واضحة لطمأنة البنوك حتى تستطيع ان تلبي احتياجاته وبالتالي يكون هناك انسيابية وتوافق ما بين الخطط الحكومية الموضوعة واحتياجات السوق لخطوات واضحة وتحريك لعجلة المال بالسوق حتى تتحقق الاهداف فتوقعات البنك الدولي وبعض المؤسسات المالية العالمية تتوقع نموا بحدود 2 بالمائة لاقتصادنا والطموح ان يكون اكثر من ذلك بكثير في حال تم تنفيذ ما خطط له خصوصا ان قطاعات التصدير كالبتروكيماويات ستتأثر بشكل سلبي كبير هذا العام مما يعني ان النمو لن يأتي إلا من خلال القطاعات التي تعمل محليا وهذا يتطلب بعد اقرار حجم الانفاق تنفيذه ونقله من خانة الارقام المعتمدة إلى واقع ملموس مما يعني تذليل كل العقبات التي تعترضه فحتى تكون كوابح منع انزلاق النمو المتأثر عالمياً قوية لابد من التفاعل السريع من قبل الجهات المعنية بالانفاق الحكومي والقفز على الآليات البيروقراطية التي قد تعطل تنفيذ المشاريع وتحريك عجلة الاقتصاد بما يكفل تحقيقنا لمعدلات نمو اعلى من المتوقع من جهة واستغلال لانخفاض اسعار السلع مما يسهم بتنفيذ بنى تحتية بتكاليف اقل لان استمرار الانخفاض بالتكاليف قد لا يدوم طويلا مع انفاق دولي حكومي غير مسبوق لانقاذ الاقتصاد العالمي المتهالك.
















 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد