Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/02/2009 G Issue 13298
الثلاثاء 29 صفر 1430   العدد  13298
زوج مسلم وزوجة مسلمة
عبدالله عثمان العمودي

 

بما أنني رجل من بين أفراد هذا الشعب الكريم وأحاول أن يكون قلمي معبراً عما يئن منه فإني قد تعثرت بإحدى المشكلات التي تشغل بال أكثر الأسر وتنغص عليهم معيشتهم؛ ما دفعني إلى أن أساهم برأيي البسيط محاولاً إبراز أسباب هذه المشكلة ومقترحاً بعض الحلول لها مساهمة مني في التغلب عليها والحد منها ألا وهي ظاهرة تأخر الزواج عند الرجال والعنوسة عند النساء. ولهذه الظاهرة أسباب، بعضها الثقافات السيئة والبعض الآخر البعد عن الدين، وكذلك لها من الأضرار ما سوف نطرحه في هذه السطور القليلة، مقترحين في نهاية الأمر بعض الآراء التي نراها من الممكن أن تساهم في التغلب عليها. ونظراً إلى كثرة الأسباب المؤدية إلى التأخر في الزواج فسوف أذكر منها أكثرها أهمية على سبيل المثال لا الحصر.

ومن هذه الأسباب:

1 - المغالاة في المهور، وهذا السبب يعد أكبر وأهم الأسباب على الإطلاق في انتشار ظاهرة التأخر في الزواج المنتشرة بين النساء والرجال على حد سواء، كما نرى اليوم المهور الضخمة التي تطلب من الرجال وتثقل كاهلهم، ونحن لا نريد سلب أخواتنا حقوقهن، ولكن نأمل أن يكون الأمر على قدر المستطاع اقتداءً بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أنه زوّج بعض الصحابة من نساء بما يحفظه الصحابي من القرآن الكريم، وكذلك زوّج أحدهم وكان صداق زوجته خاتماً من حديد، ولم نسمع أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه غالى في المهور بأن جعل صداق إحدى النساء مئات الألوف كما نرى ونسمع اليوم، وما هو منتشر وشائع في مجتمع من المفترض أنه قدوة يقتدي ويحتذي به مجتمعات المسلمين في مختلف بقاع الأرض.

2 - هناك ثقافة أخرى منتشرة ومتفشية بين الرجال والنساء من أبناء بلدنا العزيز قد يصعب توافرها في بعض الأحيان، ألا وهي ثقافة الزواج القبلي، فالرجل يبحث عن ابنة القبيلة، والمرأة كذلك تبحث عما يبحث عنه الرجل، وتطول مدة البحث اقتناعاً منهم بأن الزوج لا بد من أن يكون من بين أبناء القبائل العربية الأصيلة. وإنه لمن المقبول أن يتخير الرجل لنفسه أفضل النساء، وهي ذات الدين كما وجه وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

3 - انتشار ثقافة الحذر من زواج النساء أصحاب المهن التي تتطلب رؤية الرجال، مثل انتشار الحذر من زواج الطبيبات بحجة أنهن يكتشفن على رجال لما تتطلبه طبيعة عملهن من رؤية الرجال والاختلاط بهم في حدود العمل، وبدلاً من أن نكرمهن ونجزيهن خيراً على ما يقدمنه من تضحيات وعمل يتسبب في إسعاد الكثير من الخلق بمساعدتهم في تخطي محنهم المرضية فإننا تركنا زواجهن جزاءً للمعروف الذي يقدمنه مع أنهن أصحاب مهنة سامية جليلة تعد في بعض المجتمعات التي تعرف مقدارها وقيمتها أولى وأسمى المهن على الإطلاق.

4 - ولقد لحقت الثقافة السيئة النساء ربات المنازل وغض الطرف عنهن وترك زواجهن بحجة أنها لا تعمل مع أن بقاء الزوجة في المنزل يساعد كثيراً في إنشاء جيل صالح تقوم عليه هي وتقدمه للمجتمع قوياً نافعاً لوطنه ودينه وأمته، وما خرجت المرأة للعمل إلا لحاجة المجتمع لأن يكون من بين النساء المسلمات طبيبات ومعلمات وغيرهن من النساء اللاتي يعملن ويشاركن في خدمة وبناء أمتنا، ولكن إذا ما بقيت المرأة في المنزل فإن هذا لا يعيبها، إن لم يكن يرفع من شأنها فإنه لا ينقص منه شيئاً.

5 - صعوبة زواج المسلمات غير السعوديات، وكذلك صعوبة زواج السعودية بغير السعودي المسلم، ومجرد عدم حمل الجنسية السعودية في حد ذاته أصبح عواراً في ثوب المرأة أو الرجل لا يمكن الزواج به ولا يصح!

6 - موضة زواج المعلمات! ولا تعجب عندما تسمع كلمة موضة الزواج فكما للسيارة والثياب وأثاث المنازل وجميع ما يحيط بنا من ماديات الحياة موضة فتماشياً مع مجريات العصر فإن الزواج أصبح له موضة كذلك!

وأمراً بالمعروف..

قال صلى الله عليه وسلم: (تُنكح المرأة لأربع: لجمالها ولمالها ولنسبها ولدينا، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وقال أيضا: (تناكحوا، تناسلوا، فإني مُباه بكم الأمم يوم القيامة). وبغض النظر عن أن المرأة تعمل أو لا تعمل، أو تمتهن بهذه المهنة أم تلك، أو أنها تحمل هذه الجنسية أم جنسية أخرى، فإنه من الجميل أن نبحث عن المرأة الحسناء أو ذات المال أو ذات الحسب، ولكنه من الأجمل أن نظفر بذات الدين، وإلا تربت يدانا أي أصابها شيء من التراب أو أنها تقذرت، فلنعلم إخواننا كما قال صلى الله عليه وسلم (من تزوج امرأة لحسبها ما زاده الله إلا ذلاً، ومن تزوج امرأة لجمالها ما زاده الله إلا قبحاً، ومن تزوج امرأة لمالها ما زاده الله إلا فقراً) وإن من ابتغى العزة في غير الله أذله الله، وإن خير ما في الدنيا المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها زوجها أسرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته.

وإن التمسك بمثل هذه الثقافات يؤدي إلى التأخر في الزواج؛ ما يكون له أكبر الأثر على مجتمعنا ويؤدي إلى انتشار الفحشاء والرذيلة بين الشباب المسلم، وكذلك يؤدي إلى الحد من النسل المسلم الموحِّد، مع أننا في أمسّ الحاجة إلى زيادته في ظل ما تتعرض له أمتنا من مآس كثيرة.






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد