Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/02/2009 G Issue 13289
الأحد 20 صفر 1430   العدد  13289
لما هو آتٍ
شاركوهم...(3)
د. خيرية إبراهيم السّقاف

 

بدءاً فإنّ الموضوعات الماسة قضايا الإنسان وتحديداً منه شرائح الناشئة تلفت الانتباه, وتتوارد اللواعج في شأنها، ويلتف حول تفاصيلها الجميع, بدءاً بالأم التي تطمح دوماً في أن يتوّج الله عطاءها في أبنائها بالفلاح، فالأب الذي يتطلّع لأن يخلفه الصالح منهم والناجح فيهم, فالمربون الذين يحتسبونهم عملا باقيةً لهم فيه الأسوة الحسنة, فجميع أركان المجتمع لأن المجتمع في المحصلة النهائية هو هم،.. لذا تأتي هذه الموضوعات عامة بعموم أنفاس الذين تخصهم في كل بيت ومدرسة وشارع وحي، بين كل أبوين العامل فيهم والعالم, والمتواضع حالا بينهم وذي الوجاهة، فعلى طاولة التنشئة والتربية تتساوى الآمال والطموحات، وتتسابق الدعوات,..

ولقد عوّدني قرائي الأعزاء التفاعل الحيوي مع هذه الطروحات لما فيها من هموم مشتركة لا تخص من يكتبها أو يدلي بشيء فيها، بل تستدعي تجارب الجميع، أقول لكل من علق هنا: الوريث بما تنم عنه تعقيباته من وعي وعلم وخبرة وعمق، وتوقع لفضاء القادم، ونورة بنت خالد بشفافية الواعية, بعيدة النظر, وسعة الخبرة, ولماحية الكلمة, الوفية الذاكرة، ونايف بطرحه المقنن لأدواء الأسباب وإشاراته الملتقطة من لجي الماء عوامل الموضوع، وأبو عبدالكريم دؤوب الحضور عميق التفكير، مالك الحجة المؤازر للأفكار حين تنصب في هموم الفرد والجماعة، وأسماء العمري بقلقها الشفيف وتساؤلاتها الرامية لعمق الفكرة، الواضعة على الكفوف بأقفال الأبواب.

وزينب بتعقيبها المباشر يحمِّل هذا القلم إزاحة السُّدة عن فوهة الهُوَّة, وكذلك أم ريان، وصالحة، وسمر، والعنود، وفهد، وأم فهد التي تحتج للأمهات، وتلتمس لهن الأعذار, وتسأل عن نموذجية التعامل..

شكراً كثيراً على هذا التجاوب والتفاعل، ولعلنا نشترك في نقاش ما ننتظره من الأبناء ليتولى كل ذي شأن واختصاص الإفضاء بماء دلوه من آباء وأمهات ومربين ومعلمين وتربويين وأطباء وإعلاميين وكتّاب ومفكرين، لنفعل شيئاً فيما تسفر عنه دلاؤهم، فإلى متى نقول ولا نفعل، ونتحمّس لأنفسنا ولا نتعارف قصورنا ؟...

ثمة ما أود التأكيد عليه هنا، وهو أن ما يُطرح هنا يعم ولا يخص، وأن تلمس المشكلات العامة لا يعني عدم سلامة الكثير من الفئات المختلفة منها, وأنّ الأمل أن نصغي جميعنا لما يقول الأبناء ومن ثم نبدأ بأنفسنا..

* * *

ومواصلة لحديث ابن الصديقة فقد قال: (دعيني خالتي أسأل: ماذا أعدّت لنا مؤسسات المجتمع لنتخلص من إرث الاتكال على والدينا في كل أمورنا؟ لا يزال والدانا من يتولّون عنا كل أمورنا من الصغيرة للكبيرة، ملابسنا هم من يدفعون أثمانها وكذلك متطلبات دراستنا من القلم والدفتر, للعربة التي تقلّنا أو رسوم المواصلات لمن يدرس في التعليم الأهلي، ومن الحذاء الذي ندس فيه أقدامنا صيفاً أو شتاءً إلى قيمة حبة البندول التي تزيح عنا صداع الدراسة لأوراق كثيفة يتضمّنها كتاب المقرر، نخجل حين الذهاب للمدرسة أو مع الصحب مد أيدينا لأخذ مصروفنا منهم ونحن في الثانوية، قد لا يفعل ذلك الصغار منا، لكن لماذا لا تتاح لنا فرص العمل في ساعات محددة، وتحت ضمانات أمنية منضبطة وفي مؤسسات عامة خارج وقت المدرسة؟ وهذا يتطلّب موازنة بين كثافة ورق المقررات - لاحظي أوراق كتب المقررات لا مضامينها - وبين حاجاتنا الأخرى, ثم إن توصيف هذا العمل لسنا مسؤولين عن نوعيته ولا توفيرها, لأننا نعتقد بأنها مسؤولية جهات غيرنا؟.. اتفقنا يوماً يا خالتي أن نذهب لمدير المدرسة ونسأله أن يوجد لنا عملاً فضحك منا زملاؤنا الآخرون، وقال لنا بعضهم نعطيكم من حساباتنا !!، لا تتخيلوا كم هو قاس على شاب أن يمد يده ليطلب نقوداً من أبيه أو أمه وخاصة عندما يكون أبوه ممن يسأله ماذا فعل بعشرة ريالات أعطاه إياها بالأمس..؟.. كما لا تتخيّلي حرج شاب يضطر لأن يمد يد مساعدة لزميل محتاج ولا تكون بيده قروش لذلك, فيقدم عوضاً عنها اعتذاراته أو يداري عن زميله المحتاج له وجهه.. فالعمل حصانة للإنسان أليس كذلك سيدتي الوالدة ..؟)

(نواصل)




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد