Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/02/2009 G Issue 13289
الأحد 20 صفر 1430   العدد  13289
مرحلة إصلاحية.. وإنجاز كبير
بقلم: خالد المالك

 

مفاجأة سارة للشعب، وإنجاز وطني كبير، وهدية جديدة من عبدالله بن عبدالعزيز إلى مواطنيه، وإعلان قوي ومبهر عن طبيعة وأسلوب إدارة مؤسسات الدولة في المرحلة القادمة، مرحلة نشمّ فيها رائحة التحدي والإصرار على بلوغ الهدف الجميل، دون النظر إلى ما يكتنف ذلك من أصوات مثبطة وعقول استسلمت للماضي دون القبول بأي جديد مفيد؛ لافتقارها إلى القدرة في مواكبة المستجدات التي تساعدها على قراءة المستقبل بشكل صحيح.

***

يصدر عبدالله بن عبدالعزيز مثل هذه القرارات التاريخية ليبلّغ شعبه رسالته الجديدة، ومضمونها: إن المرحلة القادمة سوف تحمل للمواطنين مؤشرات إصلاحية كبيرة، وأن القبول بما كان قائماً لم يعد وارداً في ظل تسارع التطورات المحلية والعالمية التي تمسّ مصالح المواطنين، يما يتطلب مواجهتها بإشراك كفاءات جديدة وعقول واعية في إدارة أجهزة الدولة، وبخاصة أن من تم اختيارهم لتولي المسؤوليات الجديدة هم من ذوي الخبرة والتأهيل العلمي العالي والإخلاص.

***

وهذا التغيير الكبير في حقائب بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى - وبينها وزارة العدل التي أنيطت حقيبتها بالدكتور النابه محمد العيسى، وديوان المظالم الذي قضى الأمر السامي بإسناد رئاسته إلى الشيخ إبراهيم الحقيل - بقدر ما يضخ ذلك من فكر جديد لهذه القطاعات، فإنه يمنح الفرصة لمن تم اختيارهم كي يخدموا الوطن والمواطن مثلما فعل أسلافهم؛ فخدمة الوطن حق للجميع، ومَنْ يقرأ مَنْ تم اختيارهم سيجد أنهم يمثلون كل مناطق المملكة، وإن كان الانتماء هو للوطن أولاً وليس للمناطق.

***

هذه المواقع المنتقاة والمهمة، التي سوف يتسنم مسؤولية إدارتها رموز من أبناء الوطن، بكل ما تمثله هذه المواقع ممن اختيروا لها من صفات ومواصفات، إنما تترجم بلغة واضحة وصريحة فكر عبدالله بن عبدالعزيز، وإصراره على أن تتناغم المملكة في وتيرة واحدة مع الفعل الإصلاحي ومع متطلبات المرحلة القادمة في كل شأن من شؤونها، والتأكيد من المليك لشعبه على أنه من غير المقبول بعد الآن الانكفاء على أنفسنا أو الابتعاد عن تطوير الذات، في مرحلة لا مكان فيها إلا للدول المتحضرة القادرة على التعايش مع كل جديد يخدم الشعب.

***

في أوامر الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي يمكن أن توصف بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وفي قراراته التي لا يمكن أن يقدم عليها خادم الحرمين الشريفين لولا أنه تأكد من أن مَنْ تم اختيارهم إنما يتحلون بالنزاهة والكفاءة والإخلاص، وذلك بعد سنوات من التدقيق والتفحيص، فكانت هذه القرارات التي أسعدت المواطن، وأيقن الجميع من خلالها أن الوطن لن يضعف أو يستسلم للضعف وعبدالله بن عبدالعزيز على رأس هذا الهرم وسلطان بن عبدالعزيز عضده وسنده.

***

يلاحظ اهتمام الملك عبدالله بأهم وزارتين، وهما وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة؛ بحكم علاقة المواطن المباشرة بهما؛ ولهذا اختير لوزارة التربية والتعليم وزير جديد هو سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد المعروف بحيويته ونشاطه وسعة أفقه، وثلاثة نواب بدلاً من نائبين، ولأول مرة في تاريخ المملكة تسمى امرأة نائبة للوزير، وفي وزارة الصحة تم اختيار الدكتور عبدالله الربيعة ليكون وزيراً لها، وسِجل الدكتور الربيعة الطبي حافل بالإنجازات مع سمعة وكفاءة وإخلاص تؤهله لإدارة الوزارة بعقلية جديدة.

***

هناك في سلك القضاء - بكل مؤسساته وقطاعاته ومجالسه - ما يمكن أن يُقال عن الأوامر الملكية إن تغييراً مهماً وجوهرياً حملته قرارات الملك، فقد تم دعمها بكثير من الكفاءات الشابة، مع زيادة عدد من يعمل في لجانها ومجالسها؛ بهدف تفعيل دورها وسرعة إنجاز ما هو مطلوب منها، وفق رؤية عبدالله بن عبدالعزيز ومتابعته شخصياً لمسيرة هذه المؤسسات بالغة الأهمية وحرصه على ضبط حقوق الناس وإرساء العدل بينهم وسرعة إنجاز معاملات المواطنين, وما يقال عنها يقال عن مؤسسة النقد التي اختير لها أحد الخبراء الاقتصاديين البارزين في بلادنا وهو الدكتور محمد الجاسر، وكذلك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أسندت إلى شخصية مشهود لها بالحكمة والانفتاح وحسن التصرف وأعمال الخير وهو الشيخ عبدالعزيز الحمين.

***

تتذكرون أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين وعد مواطنيه بأنه لن يفضل منطقة على أخرى، ولا مواطناً على آخر، إلا بقدر كفاءة المواطن وملاءمته للوظيفة، وحاجة كل منطقة من المشاريع في توزيع عادل لميزانية الدولة، فقد نفّذ ما التزم به في خطاب البيعة وما خاطب به مواطنيه في جولاته التفقدية لمناطق المملكة، وها هو في القرارات الجديدة لا يستثني منطقة أو مدينة من حق تمثيل مواطنيها ومشاركتهم في البناء الذي يقوده والتحديث الذي ينفذه والعمل الدؤوب الذي يتسم به عهده.

***

إن القرارات التي تقرؤونها، والأوامر السامية التي سوف تغيّر من وجه إدارة مؤسسات الدولة لا تعدو أن تكون ترجمة فعلية للنهج الذي اختطه خادم الحرمين الشريفين؛ حيث لا مكان للمتقاعسين، وحيث الاحتفاء والاستعانة واستقطاب كل الكفاءات القادرة على العمل والإبداع، دون أن ننكر أن من أُعفوا من مناصبهم قد أدوا ما هو مطلوب منهم خلال فترات عملهم، وذلك بحسب قدراتهم والظروف التي كانت تحيط بهم، ولا ينبغي أن نودعهم بأقل من تقديم التحية والشكر على ما بذلوه من جهد وما أضافوه من إنجازات للأعمال التي أُسندت إلى كل منهم. نقول هذا ونحن على يقين بأن مجتمعنا يحمل من سمات الوفاء والتسامح ما يميزه عن غيره من المجتمعات؛ حيث يحتفظ بمحبته وتقديره لمن يترك منصبه أو يُعفى منه أو حين يُختار لوجهة عملية أخرى، وهو ما سيكون عليه الحال في توديعنا لمن أُعفوا من مناصبهم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد