حادثة اصطدام قمرين اصطناعيين أحدهما أمريكي للاتصالات والآخر روسي في الفضاء الأسبوع الماضي، لم تمر دون أن تشكل اكتشافات مثيرة للبعيدين عن ما يحدث في الفضاء المطل علينا، وخارج حدود خيالنا العادي.
الحادث كان الأوفر حظاً في التغطية الإخبارية العالمية مقارنة بالحوادث التي وقعت على كوكبنا، أو الأخبار السيئة التي تحدث في منطقتنا.
الصور التي بثتها وكالات الأنباء كانت مدهشة جداً، وأظهرت حجم التزاحم حول الغلاف الجوي للكرة الأرضية، بحيث أصبحت الأرض أقرب إلى حبة سكر كبيرة معلقة والذباب يلتف حولها بكثافة وفضول معلوماتي كبير. (أنصحك بالبحث عنها في صحف الأسبوع الماضي، أو عبر محركات الإنترنت).
ومنذ بدء إطلاق أول قمر صناعي عام 1957، أطلق نحو 6 آلاف قمر صناعي إلى الفضاء، إلا أن الأقمار الفضائية المسجلة في الخدمة اليوم هي 3 آلاف قمر بحسب ناسا.
صورة من شأنها أن تحرك خيالنا - إن كان جائزا استخدامه! - إلى اتجاه قدرة العلم اليوم والتقنية في رصد والتقديم للتوقعات المستقبلية.
صورة تكشف القوة العلمية البشرية الحقة، التي حاصرت كوكبنا بهذا الكم الهائل من الأقمار الصناعية المخصصة لأغراض فلكية واتصالات ومراقبة، وملاحة والأقمارالمستكشفة وأخرى للطاقة الشمسية وللطقس والأقمار الدقيقة، إضافة إلى المحطات الفضائية.
الحادث نادر الوقوع وأدى إلى تشكيل سحابة ضخمة في الفضاء، تستخدم (قوات الطيران والفضاء الأمريكية) تلسكوب تابع لها بولاية تكساس للرصد المباشر، حيث تقوم محطات متطورة بتتبع بقايا الحطام.
وهو ما أعاد للواجهة البحث في موضوع متعلق بالنفايات الفضائية، فالعالم المتقدم الذي استطاع تدوير نفاياته الأرضية، والمشغول بقضايا البيئة، هو الآن يبحث إشكالية النفايات الفضائية.
طبعا نحن غير معنيين بالأولى، وليس لدينا اهتمام بالثانية أو قدرة على الثالثة؛ لأننا مشغولون بأشياء أهم من عصر العلم والفضاء والتقنية.
الحادث أيضاً، أثار أسئلة أمام المنظمات الدولية حول واقع السلامة الفضائية، ومسارات ومدارات الأقمار الدولية التي تمطر المراكز الأرضية بكم ضخم وهائل من المعلومات والصور اليوم.
لكننا اليوم أيضا مترددون أمام قضايا عدة عالقة، مثل الحسابات الفلكية، والاعتمادعلى العين المجردة، وحكم التصوير لغير الضرورة، وسفر المرأة دون محرم، كما أن الشك في كروية الأرض لن يسمح لها بقيادة السيارة لأنها قد لا تعود إلى بيتها، حتى ولو رصدتها كل الأقمار الصناعية!.
لذا لا يهم أن ندرك ما يحدثه العلم من تطورات؛ لأننا مهتمون أكثر بقضايا مصيرية تجاوزها العالم منذ قرون!.
إلى لقاء...