بينما كنت استمع إلى محاضرة في جامعة الملك سعود لمعالي رئيس مجلس الشورى الشيخ صالح بن حميد حول الأمن الفكري همس زميل في أذني سائلا عن الترجمة الإنجليزية لمصطلح الأمن الفكري، حاولت لحظتها أن أخرج من صندوقي الثقافي لكي أتأمل في مضامين هذا المصطلح تمهيدا لترجمته. خلال فترة تأملي تلك راودتني الأفكار التالية: الفكر الإنساني هو الذي أوصل الإنسان اليوم إلى أفضل مراحل حياته، سواء في المجال التكنولوجي الذي جعل حياة الإنسان أكثر رفاهية وأعظم رقيا، أو في المجال الإنساني الذي سما بروح الإنسان وارتقى بقيمه وهذب مشاعره. الفكر هو مصدر خلاص الإنسان من الجهل والتخلف والتعاسة، وهو مصدر تفوقه وإبداعاته. بواسطة الفكر اهتدى الإنسان إلى فهم حقائق الوجود العلمية، ونبذ الكراهية ونشر السعادة. إنه من البؤس الشديد أن اضطررنا إلى صياغة مصطلح جديد اسمه (الأمن الفكري)، الإنسان في الأصل لا يبحث عن مأمن من الفكر، بل هو يلجأ إليه ليواصل البناء والتطور الإنساني. الفكر أسمى وأرقى من أن يربط به بأفعال شاذة صدرت عن فئة اعتدت على حياة الآمنين وعلى منجزاتهم، فما قاموا به هو الهمجية والبربرية بعينها ولا علاقة له بالصورة الزاهية للفكر.