منذ نهاية دولة الخلافة العباسية (العربية الإسلامية) وما تلاها من قادة وولاة وحكام مسلمين وعرب وغير ذلك وحتى نهاية الحكم العثماني الذي امتد إلى أربعة قرون وهو يقود الأمة الإسلامية لم يتجرأ أي حاكم أو والي أن يُسمي نفسه خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين لذلك كان السلاجقة والبويهيون والأيبويون والمماليك يكتفون بلقب يتواءم مع خدمة الدين كقولهم ناصر الدين، سيف الدين، نور الدين، المعز لدين الله، ثم اكتفى العثمانيون بلقب سلطان (باشي) رغم اتساع مملكتهم أكثر من اتساع الدولة الإسلامية في كل عهودها المضيئة وفوق ذلك لم يجرؤ أحد أن يسمي نفسه أمير المؤمنين أو الخليفة، وكذلك دأب من جاء بعدهم من الزعماء العرب بما فيهم أشراف مكة إذ لم نسمع أن أحدا منهم كان يقال له أمير المؤمنين أو خليفة المسلمين، وكذلك الأمر لما آلت الأمور إلى الأسرة السعودية الكريمة التي اكتفت بلقب إمام فقط. ثم لما وحدّ المغفور له - بإذن الله - هذه البلاد الطاهرة التي تضم أطهر بقعتين مقدستين في الكون ألا وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة لم يقل أحد عن ذلك الموحد البطل أنه خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين بل التغى وحبّذ لقب الإمام. بل كان أهل البادية يخاطبونه بابن سعود أو بعبدالعزيز فقط، كما دأب على ذلك أسلافه الكرام من أئمة البيت السعودي النبيل، وحينما أصبحت المملكة دولة حضارية مكتملة البناء أطلق على عبدالعزيز بن عبدالرحمن ملك المملكة العربية السعودية شأنه شأن معاصريه من الملوك في العالم كله وهكذا سارت الأمور إلى أن أعلن الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أن يلغي كلمة (المعُظّم) ويتواضع لله فقط ويعلن أنه مجرد (خادم للحرمين الشريفين) هذا اللقب الذي حمله بعده أخوه الملك عبدالله بن عبدالعزيز ونأمل من الله العلي القدير أن تتناقله من بعده الأبناء والأحفاد من هذه الأسرة الكريمة.
***
بالطبع قد يقول قائل ما هو سبب هذا التداعي والاستعراض التاريخي ولكن قبل أن تتشعب الأسئلة فإن مدعاة ما أسلفت هو وللأسف الشديد اتخاذ أفراد من الفئات الضّالة والجاهلين بالإسلام وتاريخه المجيد ألقاباً لم يتجرأ على اتخاذها منذ نهاية الخلافة العباسية، إلى يومنا هذا حتى القادة العظام الذين خاضوا المعارك الكبرى ضد الصليبيين والمغول وغيرهم من الغزاة دفاعاً عن الإسلام وأرض الإسلام مثل الناصر صلاح الدين، والظاهر بيبرس، ونور الدين زنكي، والسلطان العثماني محمد الفاتح، وسليمان القانوني وغيرهم.
أي إن أي واحد من هؤلاء العظام لم يلقب بأمير المؤمنين أو خليفة المسلمين مثلما يحاول اليوم بعض الجهلة بالإسلام - من الفئات الضالة - تسمية أنفسهم بأمراء المؤمنين ويدعون إلى إقامة الخلافة (المزعومة) وتنصيب أنفسهم المريضة كخلفاء - جدد - للمسلمين (!!) والأمر بالطبع لم يتوقف عند هذا الحد المثير للامتعاض والسخرية من هكذا عقول بل يتعداه إلى أن امرأة عراقية بشعة الوجه والعقل والعمل قد أسموها أو أسمت نفسها أم المؤمنين والعياذ بالله. وكان دورها مع تلك الفئات هو البحث عن النساء اليائسات البائسات للقيام بأعمال انتحارية لصالح تلك الفئات فأية مهازل هذه. وعلى من يضحكون؟!