Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/02/2009 G Issue 13286
الخميس 17 صفر 1430   العدد  13286
الخط العربي قيمة جمالية لا متناهية
منير الشعراني: لا حروف عصيّة على اللوحة في خط العرب

 

حاوره - عامر مطر

أثبتت لوحاته أن التجدد والإبداع لم يصلا إلى النهاية في خط العرب، وأن الأخير يحمل طاقة جمالية تمس من يفهم اللغة العربية أو لا يفهمها. النقاط في أغلب لوحاته حمراء، والفراغ فيها يحمل لوناً واحداً على الغالب، ما يشكل تكويناً لونياً لا يحمل ثرثرات لونية تغلب على شكل الخط.

كان الحوار في منزل الشعراني، والغريب أن جدرانه خلت من أي لوحة له أو لغيره، حملت اللون الأبيض فقط، لذلك بدأ الحديث وسط ذاك الصفاء اللوني عن الألوان التي تعيش في لوحاته:

* ما قصة اللون الأحمر معك، إلى درجة سيطرته على أغلب النقاط في لوحاتك؟

- يحمل هذا اللون الحار دلالات كثيرة تبعاً لاستخدامه، يوحي في مكان ما بالدم، وفي مكان آخر بالنار أو الثورة أو العواطف...لا يحمل اللون الأحمر بحد ذاته إلا صفة الحرارة، كما أنه استكمال للعناصر الأخرى في لوحة ما وفي أخرى يكون إيقاعيّ "موسيقى بصرية"، ويحقق عامل جذب للمتلقي بحيث يمضي مع العمل، وهو متغير من حيث الإيحاء بين لوحة وأخرى.

* هل يختلف تكوين اللوحة حسب المعنى؟

- القرآن مكون لثقافتنا، ومن أول اللوحات التي اشتغلتها كانت منه (مالكم كيف تحكمون) كما اشتغلت على عبارات من الحديث النبوي، ونحن نستند إليه في الكثير من أمور حياتنا، كما اشتغلت على عبارات من الإنجيل، وصغت 12 شكلاً جديداً للبسملة لأثبت أن الخط لم يصل إلى الذروة بعد أن قيل إنها لا يمكن أن تظهر بشكل جديد، فأنا أعمل على إخراج الخط العربي من قفص القدسية الذهبي الذي وضعه فيه العثمانيون؛ حيث استخدم الخط العربي لأغراض كثيرة، لكن العثمانيين حاولوا قصر دوره على الاستخدامات الدينية فقط، إذ كان الخط في تطور دائم حتى فترة وصول العثمانيين إلى السلطة في المنطقة، وقد ابتكروا خطين هما الرقعة والديواني من خليط خطوط أخرى وحددوا استخدامات لكل نوع من الأنواع التي اعتمدوها، وقتلوا عائلة الخطوط الكوفية لتعصبهم كونه خط من إنتاج عربي خالص، وكان الخط العربي قبلهم عرضة للتطوير نراه على الخزف بطريقة وعلى الخشب بطريقة أخرى وعلى المعادن بطريقة، وله أشكال في المغرب وأشكال في المشرق... لذلك قامت تجربتي على إحياء خطوط قديمة تحمل قيماً جمالية كبيرة كانت مهملة كالكوفي القيرواني والكوفي المشرقي والكوفي المربع...

مع التجريد

* كيف تنظر إلى الحرف كقيمة تشكيلية؟

- الخط عموماً هو تجريد من الصورة، و الخط العربي هو تجريد التجريد، إذ بدأت الكتابة بالصورة ثم الرمز ثم الحرف "التجريد"، وأعمل على ذلك بمنطق معاصر، ينبغي وجود ربط بين التكوين والعبارة واللون بحيث تؤدي اللوحة دورها في الوصول إلى قلب المتلقي وعقله.

* ما الحروف التي تقف عائقاً أمام التركيب الجمالي للعبارة في أعمالك؟

- لا حرف أقرب أو أبعد، (فالحرف يسري حيث القصد) وهي عبارة لمحمد بن عبد الجبار النفّري وتكملتها: (جيم جنة جيم جحيم)، وفي الخط العربي الحرف مع الحرف يصنع الكلمة وبالتالي الجملة وبالتالي لا نستطيع فصل الحرف عن الحرف، كما أنني لا أتكلم بمنطق القراءات الصوفية للحرف، وعندما لا يعطيني الجمالية التي أبتغيها أعاركه وكل الحروف الموجودة في العبارة لتشكل صيغة جمالية منسجمة في اللوحة.

* تسعى إلى التجديد بشكل دائم

أعمل في مجال كان التجديد متوقفاً فيه منذ وقت كبير، ولا اكتمال لأي تجربة من معاصرينا، يوجد بعض الخطاطين اشتغلوا على أشياء جديدة، لكن لم يكن التجديد هاجسهم، كما أعمل على التأريخ للخط العربي وأنه ليس مقدساً بحد ذاته، بل هو فن قابل للتطوير بشدّة، وها هي كليته تسمح له بالخروج إلى الكثير من الآفاق الجديدة، وأنه فن و ليس حرفة أو أي شيء مقدس، وللرد على خمس مئة عام من التهميش والتراجع في الخط العربي لا تكفي مئة أو مائتين لوحة بشكل ممنهج غير قائم على المزاجية، وتعميم ذلك عبر المعارض المختلفة، إذ أقمت إلى الآن قرابة أربعين معرضا في بلدان مختلفة، وأعتقد أن تجربتي بدأت أصداءها تصل إلى الأجيال الشابة من الخطاطين، مما قد يسمح لي بالانتقال إلى الخطوة الثانية التي تتعلق باستخدام جماليته بكل التفاصيل على كل العناصر.

هذه نقطة مهمة جداً، الإمكانيات موجودة، لكن للأسف لم تعد المؤسسات الصحفية ودور النشر تسعى لابتكار حروف خاصة بها عكس ما كان في السابق، ما أدى لظهور الحروف الهزيلة التي نراها في الصحف، كما يوجد خطأ أساسي ومنهجي وهو محاكاة الكتابة المخطوطة والاعتماد على تجلياتها وليس هيكلها الذي يمكننا من خلاله بناء أشكال مختلفة، وعدم مراعاة الخامة التي يتم الطباعة عليها.

***

بورتريه:

الشعراني من مواليد 1952، خريج كلية الفنون الجميلة - جامعة دمشق 1977،

صمم عدة خطوط جديدة، وله كتابات في النقد الفني والفن العربي الإسلامي، كما له كراسات لتعليم خطوط الرقعة، النسخ، التعليق، الديواني، الثلث، الكوفي .

شارك كمستشار فني في أعمال الموسوعة العربية العالمية، وكتب مداخل الخط العربي وأعلامه فيها، وصدر كتاب مصور لأعماله مع دراسة تحليلية للفنان يوسف عبد الكريم باللغتين العربية والفرنسية، وتوجد مقتنيات من أعماله في سورية، الأردن، لبنان، مصر، تونس، الجزائر، المغرب، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، سويسرا، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، إيطاليا، يوغسلافيا، الهند، أمريكا.

أقام معارض فردية وشارك بمعارض جماعية في الكثير من عواصم العالم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد