تشهد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مرحلة تطور في الإدارة ورعاية للبحث العلمي وخدمة للمجتمع من خلال النظرة الثاقبة لمعالي مديرها الموقر الأستاذ الدكتور سليمان أبا الخيل وفق معايير الجودة والأكاديمية العالمية، وهذا يليق بجامعة عريقة
|
في كلياتها وأساتذتها وإدارييها الذين يحملون هم التطوير والمشاركة الفعالة في خدمة الوطن والمواطن، ولا عجب أن يحملوا هذا الهم، لأن هذا الصرح الشامخ صاغته يدا الملك عبدالعزيز موحد البلاد استشعارا منه رحمه الله بأهمية الدعوة إلى الإسلام وفق منهج صحيح تقوم عليه هذه الدولة خاليا من البدع والخرافات التي ملأت العالم الإسلامي آنذاك فكان تكليفه للإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك بالإشراف على معهد إمام الدعوة العلمي وكانت الثمار اليانعة عددا من كبار العلماء والقضاء والمفتين والدعاة كالشيخ محمد العثيمين والشيخ صالح بن غصون والشيخ صالح الناصر والشيخ صالح الخزيم والشيخ صالح المنصور رحمهم الله جميعا وفضيلة الشيخ صالح اللحيدان وفضيلة الشيخ عبدالله بن غديان وفضيلة الشيخ صالح الفوزان وفضيلة الشيخ عبدالله المطلق وفضيلة الشيخ عبدالله التركي وغيرهم من جهابذة العلم وكبار المفكرين والمستشارين ورجال الشورى والمثقفين والأدباء بل إن عددا من وزراء الدولة وكبار مسؤوليها العسكريين والمدنيين في تلكم الحقبة الزمنية كلهم من خريجي هذه الجامعة الميمونة، ولا يمكن لعاقل أن يتجاهل أثرها في عالم المعرفة وخدمة البشرية وبخاصة في هذه الأيام لأنها أخذت على عاتقها إنصاف دين الإسلام من كل ما وصف به من تطرف وإرهاب وإقصاء للآخر، ولا ننكر فيما سبق أن هيمنة بعض من كبار دعاة جماعة الإخوان المسلمين ومنظريها عليها قد حولها عن مسارها وعطل رسالتها السامية ولكن هذه المؤسسة الوطنية تشهد اليوم مرحلة تصحيح وتطوير وازدهار على يد المسؤولين فيها وعلى رأسهم معالي الشيخ سليمان أبا الخيل الذين يبذلون كل الجهد لتحقيق الأهداف التي من أجلها أسست ولتؤدي دوراً وطنياً بارزا في التصدي للتطرف الفكري بأنواعه ومناهجه وبرامجه بالإضافة إلى تخريج طلبة العلم في كلياتها العلمية والنظرية وتكثيف برامج خدمة المجتمع بالتنسيق مع وزارات الدولة وأجهزتها الحكومية، ويظهر ذلك واضحا في ما يلي:
|
1- الوكالات والإدارات التي أقرها مجلس التعليم الأعلى بناء على اقتراح مجلس الجامعة الموقر.
|
2- التركيز على أهمية البعد عن المركزية وإعطاء مزيد من الصلاحيات للمسؤولين والعمداء ورؤساء الأقسام والمجالس العلمية.
|
3- الحرص على تنمية قدرات الأساتذة والموظفين من خلال الامتيازات المالية وفق اللوائح والأنظمة بعد أن كانت معطلة أو مقلصة وتفعيل المشاركة بالمؤتمرات والحرص على حضور الدورات الوظيفية وكل ما يعنى بتطوير الذات والإدارة، وتنمية المهارات في الداخل والخارج بما لا يتعارض مع التعليمات.
|
4- فتح الباب لكل من يحمل فكرة تخدم البحث العلمي أو يرى قضية تسهم في خدمة الوطن في مجلس لمعالي المدير يوم الأحد بعد صلاة الظهر وكل من يحمل هما من المواطنين والطلاب كل يوم بعد صلاة الظهر..
|
5- زيادة نسب القبول في الجامعة وبخاصة كلية الشريعة واللغة العربية بنسبة تتجاوز 200% خلال العامين الماضيين وفتح باب التوظيف الأكاديمي والإداري مع السعي إلى تطوير المقررات الدراسية من خلال إدراج بعض المقررات في مناهجها ومنها مناهج في قضايا حقوق الإنسان والشباب والمخدرات حتى وصفت جريدة عكاظ في افتتاحية عددها رقم 2745 والصادر يوم الاثنين 24-12-1429هـ الموافق 22 ديسمبر 2008 ذلك بأنه تحول حقيقي وجذري، وحثت كافة الجامعات على انتهاج هذا النهج الذي عليه الجامعة، وجاء في افتتاحية الجريدة التي حملت عنوان (حتى لا تصبح الجامعة خارج الواقع) قائلة: (في ظل هذا الانفتاح على كل الثقافات والحضارات.. وفي وجود هذه الثورة المعلوماتية التي اخترقت الحدود وقفزت على كل الموانع والمحرمات، وفي عالم أصبح الإعلام فيه يشكل ثورة على مستوى الكلمة والصورة معاً تبدو المهمة صعبة في مواجهة الأفكار والتيارات. ولأن الجامعة هي التي تمثل أعلى وأرفع مؤسسة علمية ومعرفية في المجتمع، ولأنها تمثل قيمة كبيرة من خلال تأثيرها في هذا المجتمع وفي بلورة الأفكار وصياغة الوعي في أذهان كل الشرائح والطبقات الاجتماعية لأنها كذلك، تتعزز مدى الحاجة إلى تحديث جهاز الجامعة وجعلها أكثر حداثة وعصرنة وأكثر علاقة بالمستجد وكل ما له علاقة بالواقع والراهن والمستقبل معاً.. حتى تصبح هذه الجامعات على صلة بفقه الواقع وإيقاع العصر وهموم الإنسان والمجتمع حتى تخرج الجامعات من أي توجه أو مسار فكري يحكم العمل بها، ما تعتزم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تطبيقه، يشكل تحولاً حقيقياً وجذرياً.. حتى لا تظل الجامعة رهنا لذلك الانطباع السائد والمتعارف عليه.. وصولاً إلى تعزيز روح المواطنة والتوجه الصحيح).
|
6- تفعيل لجان علمية نظامية ولوائح أكاديمية وإدارية كانت مهمشة سابقا واختيار بعض من أعضاء هيئة التدريس المعروفين بسلامة المنهج وحسن الولاء لعضويتها للارتقاء بمستوى الجامعة منهجيا وإدارياً..
|
7- تكليف عدد من أساتذة الجامعة سليمي الفكر والمنهج بإقامة محاضرات في جميع المعاهد العلمية التابعة للجامعة للطلاب والأساتذة تضمنت معالجة القضايا الهامة المشار إليها أعلاه وتعميق مفهوم الوطنية وبيان مفهوم البيعة لولي الأمر وحقوق الولاة والتحذير من دعاة التطرف الفكري وبيان شبههم وفضح أفكارهم وتوجهاتهم بالإضافة إلى الاهتمام بالنوادي الصيفية والكشفية..
|
8- تعميم ثقافة الحوار مع الناس جميعا بلا استثناء، والاهتمام باحترام الأديان والحضارات من خلال مركز الحوار الدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات تنفيذا لرغبة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله.
|
إن من ينعم النظر ويمعن الفكر في حال جامعة الإمام وما تمر به من تطوير ومراجعة يقف على جهود جبارة لا يمكن أن تذوب في مسألتين كبيرتين يدندن حولهما كثير من النقد والتوجيه، وهما:
|
1- إثارة زوبعة عدم مشاركة الجامعة في مسائل الفتوى وحل كثير من مسائل الخلاف التي تبرز في المجتمع كالمسعى ورؤية الهلال وبعض المستجدات المالية وغيرها.
|
2- توسع الجامعة في فتح مزيد من التخصصات التي يحتاجها المجتمع وسوق العمل، وحجة المعترضين أن ذلك يفقد الجامعة أهم أهدافها.
|
والجواب عن الأول من أوجه:
|
أ- أن هيئة كبار العلماء ومجلس القضاء الأعلى وغيره من المؤسسات الشرعية هم في الغالب من أساتذة جامعة الإمام وعلى رأس الجميع سماحة المفتي حفظه الله، والجامعة ليست مركزا للفتوى وإنما هي مقر للبحث العلمي ومناقشة الخلاف وأدلته والمذاهب بفروعها وقواعدها، بل إن كثيرا من الأساتذة وطلبة العلم والمشايخ من منسوبيها يشاركون بصفة شخصية في كل قضايا فقه الواقع..
|
ب- لم تغفل الجامعة عن أثرها في مساعدة الدولة حفظها الله بتطبيق الشريعة منهجا وقضاء وسلوكا، فخرجت كثيرا من القضاة وكتاب العدل ورجال الهيئات وأئمة المساجد ولم تقتصر على هذا بل إنها ما زالت تمدهم بكل الخبرات والدورات وبرامج الماجستير والدكتوراه في المعهد العالي للقضاء وكليات الجامعة الشرعية.
|
ج- مشاركة كثير من منسوبيها من رواد الفكر والأدب والثقافة في الجمعيات العلمية التي ترعاها الجامعة بالإضافة إلى الحضور المكثف في الصحافة والإعلام والفضائيات والمناسبات الوطنية والمؤتمرات العالمية والجوائز الدولية وكراسي البحث التي لا نظير لها في الجامعات الأخرى.
|
د- تجاوز أثر جامعة الإمام هذا الوطن إلى أوطان أخرى، حيث فروعها التي تخرج فيها الوزراء ورؤساء الحكومات والسفراء ورجال العلم والمعرفة في العالم.. وخير شاهد:
|
فليس قولك من هذا بضائره |
العرب تعرف من أنكرت العجم |
وأما الجواب عن الآخر من أوجه:
|
أ- الجامعة التي تريد أن تحصل على مكان أكاديمي فلا بد من أن تسعى لتلبية حاجة المجتمعات والأفراد، والحاجة للتخصصات العلمية من طب وهندسة وحاسب آلي وعلوم من أولى الأولويات وبخاصة أن هذه العلوم شرعية أيضاً، وهي فرض كفاية على الأمة، يأثم أفرادها لو تركوها..
|
ب- هذه التخصصات أقرت من مجلس التعليم الأعلى وتوجت بموافقة خادم الحرمين الشريفين، ولي أمر الأمة وإمامها الأعظم، ولا يقر شيئاً إلا لمصلحة تعين القيادة على تحقيق رغبتهم في تطور يتطلب أن تقدم هذه الجامعة وبقية الجامعات السعودية القوى البشرية المؤهلة لخدمة الوطن في كل مجال وميدان، ولا يقبل صرف المليارات على كليات تزيد من معدلات البطالة في مجتمعنا السعودي..
|
ج- هؤلاء الطلاب الذين يتخرجون في كليات الجامعة العلمية يحملون منهجاً سليماً وقيمة تربوية نحن بأمس الحاجة إليهما وبخاصة إذا عرف المجتمع أن نصف طلاب كلية الطب ممن يحفظون كتاب الله وكفى بذلك شرفا ورفعة.. وقد نص الأستاذ خالد المالك في مقاله بعنوان (لا تظلموا جامعة الإمام) في العدد 13178 وتاريخ الاثنين 28 شوال 1429هـ قائلاً: (لقد وجدت الجامعة بمديرها ووكلائها وعمداء كلياتها وأساتذتها، وكل من أسعدني الوقت بسماع وجهات نظرهم حول مستقبل الجامعة والتعاون معها إعلامياً، وانفتاحهم على المستجدات في مخرجات التعليم، وتأكيدهم أن الجامعة تنال أهمية خاصة من المقام السامي، وأنها ستظل بيدٍ أمينة، وأن أي تطور أو تجديد أو إضافة سوف تسبقها دراسات للتأكد من أنها تصب في مصلحة ديننا ووطننا، وهذا ما أسعدني وسوف يسعدكم، فهذه الجامعة التي بدأت بكليتين، أصبحت واحدة من أهم الجامعات السعودية التي نعتد بها). والله من وراء القصد.
|
|