المشكلات الزوجية تخيم على سكون الأسرة وتقوض استقرارها وتضعف من تماسكها، فلا تلبث أن تعصف بالجميع في مهب الريح وبالتالي فإن الكل خاسر والنتيجة لم ينجح أحد، وتتباين المشكلات من حيث حدتها فمنها ما هو خفيف وعابر ويمر مرور الكرام، وكلمة طيبة أو كلمتين أو حتى ابتسامة، وتعود المياه إلى مجاريها، غير أن المشكلة الحقيقية ليست في حدوث الشد والجذب الذي يحدث بين كل زوجين في أي شأن من الشؤون بل تكمن في مستوى حماقة أحد الأطراف حينما يعمل من الحبة قبة ويطولها وهي قصيرة، ولا تحتمل كل هذا الحشد من الألفاظ وصيغة التهكم والسخرية وما إلى ذلك من زيت يُصب على الشرارة لتتحول إلى لهيب يحرق العلاقة ويحولها إلى رماد.
|
لكل داء دواء يستطب به |
إلا الحماقة أعيت من يداويها |
ولو أمعنت النظر وقمت بعمل مسح أو إحصائية للمشكلات الكبيرة التي حدثت بين الأزواج فإنك حتماً ستندهش وستجد أن مسبباتها تافهة وبسيطة ولا تستحق كل هذا العناء (شيل وحط) وكلمة من هنا وكلمة من هناك، والسبب أن المرأة نسيت أن تضع الملح في الكبسة، أو الرجل ما رد على الجوال وعلى هذا المنوال من أسباب لا يمكن أن ترقى إلى مستوى الإزعاج فضلا عن اعتبارها مشكلة العشرة تكرس الألفة وتقوي وأواصر المحبة وتفتح المجال واسعاً للتفاهم وفهم طبيعة الشخص، وبالتالي فإن فهم ميوله ورغباته سواء كان ذلك فهم الزوج لزوجته أو العكس يسهل بلا ريب مسيرة الحياة الزوجية، وكون الأخطاء تحدث فهذا أمر طبيعي بل إن غير الطبيعي هو عدم حدوثها، ولو أن جهازا موضوعا داخل البيت لرصد الأخطاء، لوجدت نسبة الأخطاء من الزوجة = نسبة الأخطاء من الزوج وكلها كما أسلفت تجدها أخطاء صغيرة تافهة لا تستحق الذكر، لذا فإن العشرة تدمج هذه الزلات وتحيلها إلى ركام؛ لأن منسوب الاحترام الذي يفيض من خلق الزوج والزوجة لا يلبث أن يعكس هذه الزلات البسيطة ويجيرها لصالح الأسرة التي يزيد استقرارها يوما بعد يوم، وكلما طالت العشرة كلما مهدت الطريق لعبور الطموح والاطمئنان وكلما كسرت الآمال مزيداً من الحرص والاستقرار وحماية مستقبل الأبناء، وإلا كيف يستشرف الأبناء المستقبل وهم يشاهدون الصحون تتطاير ذات اليمين وذات الشمال، ويعيشون في وسط ملاسنات حادة أشبه ببعض البرامج الفضائية، إن تجريح الزوج لزوجته تجريح بالدرجة الأولى لأبنائه وتحطيمهم، وتجريح الزوجة لزوجها كذلك، فإذا كانت النتيجة صفرا على الشمال في البيت فإنها في المدرسة ستكون (صفرا بحجم رأس الابن) وفاقد الشيء لا يعطيه، إذ كيف تريد منه أن ينجح وهو يرى البيت عن بكرة أبيه راسبا؟! إن من أهم عوامل نجاح الطلاب وتفوقهم في مدارسهم هو وجود البيئة الملائمة المستقرة، ولا أخفيكم سراً فإن الصغار ومشاكلهم (تصرقع اللي ما يتصرقع) وفي مقابل ذلك فإن المتعة في وجودهم مع بلاويهم الزرقاء أو الخضراء لا يهم لا تضاهيها متعة واسألوا أي أب وأية أم عن هذا الأمر.
|
والغريب في الأمر بأنك تجد الأولاد من واقع مفهوم الزوج أو الزوجة يتحولون إلى كرة وكل يقذفها على الآخر وأعني بذلك المسؤولية فقد تجد الزوج يرغب في اللعب والاستمتاع مع أطفاله، وحينما تفرض المسؤولية وأقصد المعنوية بمعنى المشاركة وليست المالية وجودها يبدأ تناقل الكرة والتمريرات وغالباً ما تستقبل الأم هذه الكرات، وحينما لا تجيد إعادة التمرير وصد الكرات تبدأ بالكلام (وأبوكم فيه) (وأبوكم ما فيه) وهنا تنطلق منافسات الدور نصف النهائي ويشمر البعل عن ساعديه معلناً براءته من انسلاخه من المسؤولية بقوله (معطيكم فلوس وش تبون بعد) وكأنهم موظفون بالأجر اليومي لدى سعادته، يا عزيزي كل ما يريدونه أن تشاركهم في الحلوة والمرة، وأعتقد أنه يشارك بالحلوة حينما يكون له مزاج في مداعبتهم واللعب معهم، بينما المرة فإنه يكتفي (بدلة قهوة مر) مع (التمر السكري). الحياة الزوجية تعني المشاركة الوجدانية الإيجابية الفاعلة، طبعاً هذه الجملة الأدبية الاعتراضية والتي أرجو المولى سبحانه أن يسبغها على الجميع، لن تشمل بأي حال من الأحوال رجلا (جلفا) وامرأة (عنيدة) وفي تقديري فإن أغلب المشاكل تصدر من هذين النموذجين وسأبعث برسالتين إلى كل نموذج.
|
الرسالة الأولى إلى كل جلف يعتقد بأنه خلاف ذلك:
|
عزيزي (الجلف) بما أنك لا تحب اسم الدلع هذا ولا تحب أن توصف به، فتنازل قليلاً عن (عنطزتك) وأنك رجل ويحق لك ما يحق لغيرك وترغب في أن تأخذ ولا تعطي، وإن أعطيت فإنه لا يشكل ربع ما أخذت، فإذا لم تكن مستعداً للمشاركة الإيجابية الفاعلة فلماذا تتزوج؟ ولماذا تنجب؟ تذكر أن ما يحق لك يحق لغيرك وما يتوجب على غيرك يتوجب عليك القيام به، قليلاً من التواضع + ابتسامة رقيقة أو سميكة لا يهم، وسوف أختصر لك الموضوع، تود أن تتخلص من صفة (جلف) (وسع صدرك).
|
الرسالة الثانية إلى كل امرأة عنيدة ورأسها يابس:
|
عزيزتي المرأة.. إن الماثل أمامك هو زوجك (أبو عيالك) هو الغطاء الذي يظلل مملكتك، هو الحماية والدفء الذي تنشدينه لك ولأطفالك، إذا غاب هذا الرجل يومين من المنزل في حالة سفر فإنك تشعرين بالفراغ الذي كان يملؤه الرجل على البيت وأهله، كل شيء تستطيعين أن تأخذيه من الرجل بالتفاهم، فقط ابحثي عن الصيغة المناسبة لتخاطبي عقله وليس قلبه، طبعاً سيكون عن طريق بطنه ولا شك في ذلك، كل ما يطلبه الرجل هو الاحترام ثم الاحترام، وإذا كنت تطبخين الأكل على نار هادئة، وستجدين النتيجة إيجابية، واحرصي كذلك على التوقيت المناسب ومراعاة فارق التوقيت لا سيما الحالة المزاجية (لسبع البرمب)، وستحققين أهدافك بإذن الله.
|
|