الرياض - عبدالله المحيسن
أبدى مقاولون سعوديون استياءهم من الأوضاع الحالية التي يعيشها القطاع بسبب انعدام السيولة ودعوا إلى أن تلعب مؤسسة النقد دور الكفيل الغارم لهم عند المصارف لتضمن حقوق المصرف؛ كونها جهة حكومية لها السلطة في تحصيل المشاريع، خصوصاً أن جزءاً من المشاريع يعود إلى جهات حكومية كالمدارس والمستشفيات والطرق.
وقال فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين بغرفة الرياض: إن اللجنة تجري حالياً اتصالات مع الجهات ذات العلاقة لمعالجة هذه المشكلة وتسهيل مسألة الاقتراض للمقاولين؛ وذلك لتفادي الأضرار التي يمكن أن تلحق بالمستثمرين، ومن ذلك تعطل مشاريع البنية التحتية، بخاصة المشاريع التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤخرا. وأشار إلى أن من بين المعوقات التي تواجه المقاولين أيضاً ارتفاع أسعار الفائدة التي تفرضها بعض البنوك حيث تتراوح ما بين 8% و12% مما تعتبر عالية جداً مقارنة بأسعار الفائدة في البنوك العالمية التي تتراوح بين 2 و3 في المئة.
وكشف الحمادي عن سحب بعض الجهات الحكومية مشاريعها من مقاولين سعوديين وتحويلها إلى مقاولين صينيين، وقال إن وزارة التربية والتعليم سحبت مشاريعها ورستها على شركات صينية، ومضى: هناك عدد من المشاريع المتعطلة التي يصعب حصرها، وقال إن أغلب المشاريع في المملكة نسب إنجازها متأخرة نتيجة كثرة المشاريع مع قلة السيولة. وأبان الحمادي أن الغرفة كونت فريقاً خاصاً لمتابعة القرارين 23 و155 اللذين أمر بهما خادم الحرمين الشريفين والمطالبة بسرعة تنفيذهما، مبيناً أن تنفيذ هذين القرارين سيحل 80% من مشاكل المقاولين.
من جانبه أكد رئيس غرفة عفيف ضيف الله المرشدي أن تحفُّظ البنوك تجاه التمويل وإصدار الضمانات شكل عائقاً كبيراً أمام مشاريع المقاولين، متمنياً سرعة حل هذه المشكلة من الجهات المعنية، وقال إن الأمر تعدى التحفظ ورفع الفائدة إلى إحجام البنوك عن الإقراض، وأضاف: نحن لا نطالب البنوك بالانفتاح الشديد، ولكن نطالب بتيسير مشاريع المقاولين؛ لأن تعطيلها أو توقفها نتيجة نقص السيولة فيه إخلال للشروط المبرمة بين المقاول وصاحب العمل؛ الأمر الذي يعود سلباً على اسم وسمعة شركة المقاولات، وطالب المرشدي وزارة المالية بتفعيل صندوق قروض المقاولين ومتابعة أسباب تأخير إنشائه.
إلى ذلك قال نائب رئيس غرفة عفيف عمر الشيباني إن التحفظ الذي وضعته البنوك يختلف من بنك إلى بنك، حتى أن قروض المقاولين تمر بعدة لجان، كما استحدثت البنوك لجنة جديدة لزيادة العقبات لدى المقاولين أسمتها (لجنة دراسة قروض المقاولين), وتقوم هذه اللجنة بدراسة المشروع من ناحية تكلفته وربحيته وما إلى ذلك من التفاصيل التي يكون صاحب شركة المقاولات هو الأعرف بها من خلال دراساته وجهاته التمويلية الأخرى. وقال الشيباني: في السابق كانت البنوك تقدم لنا ضمانات بنكية للمشاريع تصل إلى 80% بعد أن يغطي صاحب الشركة20% من قيمة الضمان؛ لنفاجأ الآن بتحفظها رغم أن شركات المقاولات تعطي تنازلاً لصالح البنك بحيث يصدر الشيك من الجهة صاحبة المشروع لمناولة البنك بناءً على التنازل الذي أخذ من صاحب شركة المقاولات؛ فالبنك ضامن لحقوقه؛ لأن الشيك صادر من جهة رسمية، فلماذا هذا التخوف من البنوك؟
وتابع الشيباني: لا نستطيع تقديم شكوى ضد البنوك؛ لأنها شركات خاصة لها حرية التصرف في أموالها؛ لذلك تقدمت لجنة المقاولين بغرفة الرياض للرفع إلى مؤسسة النقد ووزارة المالية؛ كي تكون الدولة هي الضامن لنا عند البنوك ويكون للوزارة الحق في أخذ المبالغ من صاحب المشروع مباشرة وتسديد البنوك؛ لذا نطالب بأن تكون مؤسسة النقد كفيلاً غارماً لنا عند البنوك؛ حتى تضمن حقوق البنك؛ لأن مؤسسة النقد جهة حكومية لها السلطة في تحصيل المشاريع، خصوصاً أن جزءاً من المشاريع لجهات حكومية مثل المدارس والمستشفيات والطرق. ولم يخف الشيباني انفعاله من سحب بعض المشاريع وإرسائها على شركات أجنبية، وقال: كان من المفترض أن تشكل جهات معنية لدراسة المشكلة تجمع المقاولين ورجال الأعمال لمتابعة الأسباب التي أدت إلى التأخر والخروج بحلول ونتائج لمعالجة المشكلة.
ويرى المهندس مهند العزاوي نائب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين أن ظاهرة إحجام البنوك عن تمويل العديد من المشاريع الجديدة وقيامهم برفع الأسعار لتمويل المشاريع القائمة على الرغم من قيام مؤسسة النقد بتخفيض أسعار الفائدة، يعد أمراً خطيراً يهدد بشلل العمل في سوق المقاولات، حيث إن ذلك يعني عدم تمكين المقاولين من الدخول في المناقصات التي ستطرح في المستقبل، كما سيؤدي إلى عدم تمكنهم من الحصول على الدفعات المقدمة التي يشترط للحصول عليها تقديم ضمان بنكي بكامل قيمتها. ويتابع العزاوي: سيؤدي ذلك إلى تأخير تنفيذ المشاريع القائمة نظراً لصعوبة الحصول على التمويل اللازم لإنهائها. وقال: إن الحل الآني يكمن في قيام الجهات المعنية بالتأكيد على البنوك المحلية استئناف تمويل المشاريع، خصوصاً أن الاقتصاد السعودي قوي - ولله الحمد -، ولا يوجد هناك شح في السيولة بالمملكة. وكذلك رفع نسبة الدفعة المقدمة من 20% إلى 40% من قيمة العقد دون وضع سقف أعلى لها.
ودعا العزاوي إلى تبني الجهات المعنية للحلول طويلة الأمد والتي تكمن في ضرورة إعادة العمل بصندوق تمويل المقاولين بحسب ما تضمنه قرار مجلس الوزراء رقم 23 وكذلك الترخيص لإنشاء بنوك متخصصة في تمويل المقاولين، وأخيراً فتح المجال أمام البنوك العالمية الراغبة بالحصول على تراخيص لمزاولة أنشطتها بالمملكة حيث إن عدد البنوك الحالي لم يعد يتناسب مع قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.