Al Jazirah NewsPaper Monday  09/02/2009 G Issue 13283
الأثنين 14 صفر 1430   العدد  13283
لقاء الملك والرئيس وحضور القضية الفلسطينية
عبدالإله بن سعود السعدون

 

حين مراجعة التاريخ السياسي المتطور للقضية الفلسطينية يبرز الموقف النبيل والشريف للسلطان العثماني عبدالحميد الثاني الذي رفض بيع أرض فلسطين لقاء تسديد كافة ديون الدولة العثمانية والمقدرة بعشرة ملايين ليرة ذهبية وهو مبلغ كبير جداً -آنذاك- ورفض السلطان المؤمن عرض مؤسس الصهيونية هرتزل ولم يتركه يبت ليلته في إسطنبول وأبعدوا معه إبراهيم أكصو الموظف في الديوان السلطاني من أصل يهود إسبانيا الأندلس، وتآمرت الصهيونية العالمية على السلطان عبدالحميد حتى شاركت في عزله عن الحكم، وكان إبراهيم أكصو اليهودي الدونمة أحد المقدمين لوثيقة التنازل التي وقعها عبدالحميد الثاني مرغماً!

وشكلت زيارة الخير التي قام بها شهيد القدس الفيصل مرحلة مضيئة في العلاقات التركية السعودية ونقطة تحول في السياسة الخارجية التركية باعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني وإعلان موافقة أنقرة بافتتاح مكتب سياسي للمنظمة فيها ومنحها التسهيلات الدبلوماسية الكاملة وجاء هذا التطور في الخطاب السياسي التركي بتأثير جهود الفيصل الشهيد شعاره التضامن الإسلامي.

وقبل تعرض غزة للمجزرة اليهودية كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله قلقاً من النزاع الفلسطيني الفلسطيني وبحكمته وبعد قراءته للمستقبل السياسي الإقليمي والدولي بذل الجهود المكثفة لجمع الإخوة قادة فتح وحماس وأقسموا على الوفاق والوحدة في بيت الله الحرام ولكن التدخل الإقليمي وسع سبل الخلاف وعاد الدم الفلسطيني ينزف في غزة واستغلت إسرائيل هذا التخبط الفلسطيني بشن حملتها الوحشية على غزة الصابرة وبصمت دوليا على إجرامها اللاإنساني بقتل أكثر من أربعمائة طفل وامرأة وشيخ وأشعل بصواريخه محرقة بشرية وقودها أجساد أطفال غزة.

ومع نار غزة انقسم العرب إلى صفين معتدل يحاول تطويق المصيبة العربية بأقل الخسائر، وآخر سلك الخطب الثورية والدعوة للمغامرة الفلسطينية بقضيتهم كاملة دون دعم حقيقي لأهل غزة ومع هذه الغفلة العربية أصبح الباب مشرعاً أمام التدخل الإيراني لجعل نار غزة ورقة جديدة وقديمة في الملف النووي الإيراني وتحريكه لمغازلة الإدارة الأمريكية .

ومرة أخرى استطاع صقر العروبة الملك عبدالله قطع أصابع التدخل الإقليمي باستغلال قضية غزة لمصالحها بإعلانه التاريخي -حفظه الله- بدعوة الأخوة والوفاق بين القادة العرب ووحدتهم وتضامنهم لكل القضايا المطروحة في مؤتمر الكويت وعلى رأسها إطفاء نار محرقة غزة وعلى أثر هذا النداء الصادق توقف القصف الإسرائيلي وبدأت الهدنة من أجل إعادة تعمير غزة.

وكان خادم الحرمين الشريفين واضحاً وبشجاعة الفارس بإعلانه التاريخي حول ملف المبادرة العربية لإحلال السلام العادل في فلسطين حين قال حفظه الله: (لا يمكن أن يبقى ملف المبادرة العربية معروضاً على إسرائيل إلى الأبد) وقد حظيت هذه المبادرة بالدعم والتأييد العربي والإسلامي والدولي وقد كرر الرئيس عبدالله غول تأييده لنداء خادم الحرمين الشريفين حول مصير المبادرة العربية وأكد بقوله: لا يمكن القبول بوضع ملفها على الطاولة إلى الأبد.

وأبدى الرئيس غولاً استعداد تركيا للاستمرار في الوساطة بين الجانبين الفلسطيني - الإسرائيلي للوصول إلى مجال الحل النهائي لهذه القضية المسببة للقلق الأمني لكل دول الشرق الأوسط. وكذلك نشطت الدبلوماسية التركية للعمل على الوصول لاتفاق دائم بين فتح وحماس من أجل تحقيق الأمن والأمان للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، لابد أولاً من تنظيم البيت الفلسطيني بتوحيد قرار كافة الفصائل الفلسطينية .

إن أهمية الزيارة التاريخية للرئيس عبدالله غول تأتي في ظرف سياسي يحتاج لقرارات شجاعة وجريئة، وجاء التطابق واضحاً في الرؤيا مع جهود الملك عبدالله -حفظه الله- من أجل رفض المحاور الإقليمية والعمل على تنظيم البيت الفلسطيني وتوحيد قراراهم السياسي والدعم المالي الكامل لهم ضمن مفردات المبادرة العربية وتحصين الساحة الفلسطينية من أي تدخل إقليمي بوجه هذه القضية الإنسانية لمصالح سياسية ويجعلها أداة تفاوضية في مجال قضاياه الدولية. إن الدبلوماسية السعودية المخلصة بجهودها المشتركة مع الجانب التركي كوسيط عادل وشريف لا بد من تحقيق ترتيب عاجل للبيت الفلسطيني وتحصينه بإطار عربي يتولى التنسيق لجهود دولية مشتركة للوصول لحل عادل وسلام دائم في شرقنا الأوسطي الملتهب!

عضو هيئة الصحفيين السعوديين



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد