أجرى اللقاء - خالد الدوس:
في حقبة العولمة الرياضية لم يعد للخبرة السلبية أو الاعتماد على الاجتهادات والعمل الارتجالي مكان في فصول النجاح ومقاعد الفلاح، فقد أضحت الأبحاث العلمية والتخصصات الرياضية العلمية.. بوابة العبور إلى المضمون وإلى صناعة رياضة وثّابة.. تكفل في ضبط توازن التطور والوهج الرياضي.
فمن التخصصات العلمية النادرة التي دخلت بوابة الرياضة قبل ما ينيف عن عقدين من الزمن.. (علم النفس الرياضي) الذي أحدث بولادته من رحم الحرم الجامعي الأمريكي.. ثورة علمية في طرق الإعداد النفسي والتهيئة الذهنية للرياضي قبل المنافسة.. وتؤكّد الدراسات المختلفة في هذا العلم الحديث أن الإعداد النفسي أو (الذهني).. يمكّن الرياضي من التحكم والسيطرة على الانفعالات المختلفة ومن ثم الارتقاء بالأداء إلى درجة تعزِّز من فرص التفوق وقت المنافسة.
ولعل أبرز من تألق في ميدان هذا العلم الحيوي.. الدكتور صلاح السقا - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود - ونجم الرياض الدولي (سابقاً).. فهو الوحيد الذي يملك هذا التخصص النادر في المملكة..
النفساني (السقاء) عاد مؤخراً من الولايات المتحدة الأمريكية بعد التفرّغ العلمي الذي حصل عليه من الجامعة.. وأنهى خلالها دراستين بحثيتين علميتين في (علم النفس الرياضي) بعد ستة أشهر قضاها في بلاد العم سام.
(الجزيرة) ومن منطلق اهتمامها بالعلمية الرياضية التقت د. صلاح السقاء لتسلّط الضوء على أبرز أهداف ومنطلقات ومنهجية.. هذه الدراسات البحثية العلمية.. إلى جانب أمور أخرى نتناولها عبر الأسطر التالية:
الأخصائي بين الرفض والقبول!!
* عدت مؤخراً من الولايات المتحدة الأمريكية بعد ستة أشهر ونيف قضيتها هناك لإعداد دراسة بحثية علمية عن الشأن الرياضي، بودنا أن تسلّط الضوء على أبرز ملامح هذه الدراسات البحثية؟!
- طبعاً حصلت على تفرّغ علمي لمدة ستة أشهر من جامعة الملك سعود وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية حسب الخطة المقدمة إلى المجلس العلمي بالجامعة.. لأن عضو هيئة التدريس يستطيع أخذ تفرّغ علمي ويسافر للخارج حتى يطلع على ما هو جديد في العلم وفي تخصصه.. وبالفعل قمت بإجراء بحثين علميين هناك وزرت بعض المعامل في الجامعات التي لها باع طويل في ذات التخصص (علم النفس الرياضي).
البحث الأول كان عن مفهوم المدرب السعودي حول أهمية ودور الأخصائي النفساني الرياضي.. طبعاً لماذا اخترت المدربين بالذات كأفراد عينة ولم اختر اللاعبين أو الإداريين.. لأنني ومن خلال خبرتي واطلاعي في المجال الرياضي بالمملكة وجدت أن المدربين لهم تأثير كبير في عملية الرفض أو القبول وخصوصاً أنهم من يوصي بالتعاقد معهم أو الرفض وهم أيضاً ممن يؤثرون على اللاعبين سلبياً أو إيجابياً في عملية التعامل مع هؤلاء الأخصائيين.
والبحث العلمي الآخر عن علاقة سلوكيات اللاعبين بالنجاح.. فنحن في الغالب نعرف أن الكثير يعتقدون أن سلوكيات اللاعبين لها علاقة بالجانب الوراثي أو لا تتغير وهذا من الأسباب التي تجعل كثيراً من المدربين أثناء التدريب لا يولون اهتماماً بسلوكيات اللاعبين ومحاولة تغيير بعضها وبخاصة السلبية، من هنا حاولت وخلال الدراسة العلمية معرفة هل هناك خصائص حقيقية لها علاقة بنجومية اللاعبين.. وهل هناك فرق بين اللاعبين المتميّزين مقارنة باللاعبين الأقل تميزاً؟! وما هي أهم الخصائص التي يجب أن تتوافر لدى اللاعب حتى يكون متميزاً بصرف النظر عن اللعبة.
طبعاً كنت سعيداً جداً بمعرفة مثل هذه الأشياء لأن هناك قصوراً في فهم طبيعة ومهام الأخصائي النفساني الرياضي وإذا لم نفرّق بين الطب النفسي وبين الأخصائي النفساني الرياضي يستحيل أن تتعامل معه في منظومتنا الرياضية.
* ماذا عن نتائج هذه الدراسة البحثية؟
- الاتجاهات إيجابية لكن على الرغم من أنها إيجابية هناك بعض المفاهيم الخاطئة على سبيل خلط في المفاهيم، فهناك كثير من المدربين يعتقدون اللاعب الذي يعمل مع الأخصائي النفسي الرياضي لديه مشاكل سواء نفسية أو مشاكل اجتماعية ويعتقدون أن هناك حاجة فقط للأخصائي وقت المشاكل.. ومثل هذا المفهوم يقلّل من تفاعل اللاعبين بشكل عام مع الأخصائي النفسي الرياضي لأنه جزءٌ من العملية نحن نعتقد أن اللاعبين كلهم أسوياء ولكن ممارسة الرياضة التنافسية تحتاج للاعبين فائقين في السواء ولا يكفي أن يكون إنساناً عادياً لمواجهة الضغوط المختلفة أثناء المنافسات ولكن يجب أن يكون معداً ذهنياً حتى يواجه أخطاء الحكام والتعامل معها.. ونرفزة المنافس وكيف تواجه ضغوط الجماهير والمؤثّرات الأخرى وهناك بعض المهارات التي تجعلك كلاعب أكثر استعداداً وتجعل لديك حصانة ذهنية لمواجهة كل العوامل المختلفة أثناء المنافسة وهذه تدخل من صلب مهام الأخصائي النفساني الرياضي.
أهمية البحوث العلمية
* الأبحاث العلمية الرياضية التي أجريتها في أمريكا هل بالإمكان أن تعرض على (رعاية الشباب) كجهة مسؤولة عن قطاع الشباب والرياضة لتصحيح بعض المفاهيم من جهة والاستفادة من هذه الدراسات العلمية بما يخدم المنظومة الرياضية؟
- نحن كأكاديميين حين نعمل ونجري الأبحاث العلمية طبعاً لنا جهات وقنوات لنشر هذه الأبحاث مثل نشرها في مجلات علمية في معظم الأوقات سواء داخل أو خارج المملكة.. نعم قد اتفق معك يفترض أن نشعر أو نثقف الآخرين أو الجهات المعنية التي ترعى الشباب والرياضة في أهمية مثل هذه الأبحاث أو البحوث وقد يكون فيه قصور في التواصل من جانبنا لأن رعاية الشباب لا أتصور أن لديها أي مانع في ذلك، بل بالعكس الأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل دائماً ما يرحبون ويدعمون الأساليب العلمية بالطرق التي تصحح كثيراً من المفاهيم.
العلم الرياضي
* من خلال معايشتك للمجتمع الرياضي الأمريكي كيف وجدت حظوظ الأخصائي النفساني الرياضي في الألعاب المختلفة ومدى تقبل وتفاعل الرياضيين لمهامه وأدواره؟!
- المجتمع الأمريكي الرياضي بشكل عام متقبل الأخصائي النفساني الرياضي لأنه يؤمن بأهمية العلوم الرياضية الأكاديمية بمختلف تخصصاتها سواء في علم النفس الرياضي أو الاجتماع الرياضي أو التغذية أو القانون الرياضي.. إلخ.. المجتمع الأمريكي يتعامل مع الأخصائي النفساني حتى في المصانع والمدارس وحتى في القطاعات العسكرية فإذا تكلمنا عن أهمية العلم في المنظومة الرياضية وكيف أن العلم يسهم في التطوير فعلاً لما تشوف الآن في معظم الدول الغربية وأمريكا تحديداً نرى أن الرياضيين الأولمبيين يتم إعدادهم على المدى الطويل وبصورة علمية في المختبرات والمعامل كدراسات من ناحية طرق التدريب والإعداد المختلفة لذا هم يعتمدون على العلم وكيف تتكامل علوم الرياضة المختلفة من أجل تطوير اللاعب الأولمبي بشكل متميّز وعلى المدى البعيد تجعله فعلاً ينافس عالمياً وأولمبياً.. من هنا نجد أن الأمريكان أولمبياً متفوّقون في الألعاب المختلفة والسبب إستراتيجية الإعداد وطرق التحضير العلمية.
* يلاحظ أن اهتمام الأندية الرياضية بالجانب البدني والمهاري والخططي ولا يعيرون الجانب النفسي أهمية رغم الدور الذي تلعبه التهيئة النفسية في مضمار التفوق؟!
- يعود ذلك إلى القصور في الفهم أحياناً لما نتكلم عن ما هية متطلبات الأداء المتميز.. الأداء المتكامل أكثر من جانب وكل جانب قد تدخل فيه عوامل كثيرة ولكن على الأقل اتفق المتخصصون أن هناك أربعة جوانب مهمة في الأداء الرياضي المتميز هي الإعداد البدني والمهاري والإعداد الخططي والإعداد النفسي وهي مكملة بعضها لبعض.. وأي قصور في جانب يحدث خللاً فإذاً نحن إذا أردنا أن نصل باللاعب إلى أفضل أداء يجب أن نهتم بالجوانب الأربعة ويمكن المشكلة أو القصور في أننا دائماً ما نركّز على الجانب البدني والمهاري بينما نهمل الجوانب الأخرى في حين أن الجانب الذهني أو العقلي هو الرابط الأساسي بين كل هذه الجوانب.. بعض المدربين لما تسألهم لماذا لا تستخدموا علم النفس التطبيقي وطرق الإعداد النفسي والمهارات النفسية ضمن برامجهم الإعدادية يقول ما عنده وقت للتخطيط ووقت لرفع اللياقة والمهارة ويطلب مني وقتاً لهذا الجانب والأدهى لما يحدث الإخفاق على طول تتجه أصابع الاتهام إلى الإعداد النفسي!!
فإذاً هذا التهميش والتجاهل ما هو إلا نتاج لقصور الحاصل في فهم طبيعة العوامل النفسية ومدى علاقتها بالجوانب الإعدادية الأخرى (البدنية - المهارية - التخطيطية).
المشاكل النفسية
* كيف نجعل اللاعب السعودي يتقبّل عملية التحضير النفسي (علمياً) وخصوصاً أن هناك من عارض هذا الجانب بحجة أن اللاعبين ليسوا مجانين..؟!!
جزءٌ من عملية عدم التقبّل بالنسبة للرياضيين لمهام وأدوار الأخصائي النفساني الرياضي كما قلت بأنها ترتبط بالمشاكل النفسية وقصور في المفهوم بين الأخصائي النفساني الرياضي والطب النفسي إضافة إلى أن جزءاً كبيراً من العملية المدربون والإداريون.. فاللاعب لا يعتقد أن المدرب يهتم بهذا الجانب ويعتقد أنها جزءٌ من الإعداد، ثق تماماً أن اللاعبين مع مرور الأيام راحوا يتقيدون وينصاعون لذلك أما إذا كان المدرب غير مقتنع بهذه بذلك فلن يكون هناك تطبيق وتفاعل من اللاعبين.. فمن خلال الدراسة البحثية التي أجريتها بهذا الخصوص وجدت هناك لاعبين كان عندهم اهتمام وتفاعل وتقبّل لذلك ولكن المشكلة في الإداريين والمدربين الذين يعتقدون أن هناك خلطاً في الأدوار بين الأخصائي النفساني وبينهم ويستطيعون القيام بأدواره ولا حاجة لوجوده لأنهم مع الأسف يختزنون وظائف الأخصائي في العمليات الاجتماعية وفي المشاكل وحل المشاكل بينما دور الأخصائي النفساني الرياضي هو إعداد اللاعب وتسلّحه بمهارات نفسية وذهنية يستطيع من خلالها التعامل مع المتغيّرات والضغوط داخل ميدان المنافسة بصورة علمية.
وأعتقد أن أول خطوة هي تثقيف المدربين والإداريين بأهمية وجود الأخصائي بالأندية لأن الرياضة أصبحت علماً قائماً ومنهجاً يدرس في الجامعات.
* الاستعانة بالحكام الأجانب لقيادة اللقاءات الحاسمة واقتصار مشاركة الحكام المحليين على إدارة اللقاءات الدورية.. ما مدى تأثيره على الحكم السعودي من الناحية النفسية والفنية؟
- هذه قضية شائكة.. رغم أنني أتصور أن الحكم السعودي يتميّز وقد لا يتفق سعي الكثيرين في ذلك.. حكم اليوم أفضل من حكم الأمس لماذا؟! رغم أنه تطور ولديه إمكانيات أفضل لا يزال يهاجم ويعتقد أن مستوى الحكم في انخفاض لماذا؟! أنا اعتبره أولاً متميزاً لما نشوف طرق اللعب الآن اختلفت ونشوف في كثير من الأحيان كيف أن الحكم السعودي يواجه ضغوطاً أثناء المباراة من نوع آخر من الإعلام.. والإعلام اليوم تطور لقطات مختلفة ورؤية مختلفة وهكذا وكلها تعمل ضغوطاً على الحكام، بل هذه الإرهاصات أنشأت ثقافة جديدة لدينا نحن كمنتمين للرياضة وتناسينا أن الحكم يحكم بما يرى.. ويطلق الصافرة في جزء من الثانية وبدأنا نأخذ بذلك ونطلق الأحكام على قضاة الملاعب ونشكك في إمكاناتهم ونزاهتهم وهذه مشكلة نعاني منها وقد يجوز أنه على أساس نبعد الحكم السعودي من هذه الضغوط نستعين بحكام أجانب وهنا يفترض أن نغير ثقافتنا ونثق في حكامنا وفي قدراتهم ويجب أن ندرك أن الخطأ جزءٌ من اللعبة، انظر للحكام الأوروبيين يقعون في أخطاء وكم ضربة جزاء صحيحة من وجهة نظرنا ولم تحتسب وهذا لا يعني أننا نشكك في أمانة الحكم ممكن أنه أخطأ والخطأ وارد أحياناً.. فإذاً لا بد أن نغيِّر ثقافتنا ونظراتنا وقناعاتنا عن الحكم السعودي ونضع الأندية أمام الأمر الواقع بأن الأخطاء هي جزء من اللعبة وأكرر وجهة نظري مرة أخرى أن الحكم السعودي متى ما أبعد عن الضغوط حتما سينجح.. كما نجح خارجياً.
إظهار الانفعالات
* معظم اللاعبين يتعاملون مع أخطائهم في الملعب بصورة سلبية وحركات انفعالية تؤثّر على التركيز والانتباه الجيد.. برأيك كمختص في علم النفس الرياضي ما هي الأسباب؟!
- تعرف أن الرياضة بيئة أو أرضية خصبة لإظهار الانفعالات ورغم اعتراض انها أرضية خصبة لإظهار هذا السلوك إلا أنه لا بد أن تعرف أن اللاعب لا يمكن أن يؤدي بشكل جيد إذا ما تكيّف مع هذه الانفعالات وإظهارها في صورتها الإيجابية سواء كانت فرحاً أو حزناً نعم لا بد أن يكون هناك تكييف في التعامل مع الانفعالات طبعاً تكمن المشكلة في أن الأندية لا تعوّد لاعبيها على كيفية التعامل مع المواقف المختلفة كيف يتصرّف مع خطأ حكم أو نرفزة لاعب خصم أو مواجهة السخط الجماهيري عند ضياع هجمة مثلاً وهكذا!!
الفرق بين اللاعب الجيد واللاعب غير الجيد هي فترة الرجوع لما يحصل خطأ من حكم.. فاللاعب غير المتميّز في كثير من الأوقات يظل منفعلاً حتى تنتهي المباراة ومتأثراً بهذا القرار وبالمقابل نجد أن اللاعب المتميّز على طول يرجع ويظل مركزاً دون ان يؤثر عليه هذا القرار فإذاً لا بد من أن يتعوّد اللاعب كيف توجد لديه عادة إيجابية وإذا غيبنا ذلك فلن نستطيع أن نرتقي بفكر وسلوك اللاعب.
* تنمية السلوك الرياضي الأمثل للاعب وإعداده ذهنياً للتعامل مع الأخطاء بصورة إيجابية من أهداف ومكونات علم النفس الرياضي.. برأيكم كيف يتم تعزيز مثل هذه الجوانب في وجدان اللاعبين؟!
- أعتقد أن ذلك يبدأ من الصغر كلما بدأ اللاعب في درجة الناشئين والبراعم كان ذلك أفضل ولا سيما في هاتين المرحلتين لسببين أولاً أن العقول في هذه المرحلة قابلة لغرس العادات والقيم السليمة.. إضافة إلى أن المدرب يلعب دوراً كبيراً في ذلك فمعظم الذين يشرفون على البراعم والناشئين فلسفتهم الفوز ولا شيء غير الفوز وبأي ثمن وللفوز مطالب لا يمكن أن تحقق الفوز من غير تحقيق هذه المطالب ومن ضمنها التأكيد على رفع الأداء المهاري والجانب اللياقي.. والتخطيطي والتربوي والتغذية وتعليم السلوك وإذا لم تعط هذه الجهود أهمية لن يوجد التكامل.
* الرياضة أضحت اليوم تشكّل لغة المجمعات المتقدمة وهي علم قائم غير أن واقعنا الرياضي الحالي يؤكّد أن العلم الرياضي الأكاديمي مغيّب عن منظومتنا الرياضية؟
- العلم الرياضي ليس مغيباً كلياً.. أعتقد أن المسؤولين في رعاية الشباب يهتمون بالتعامل مع البحث العلمي كمبدأ والتوجيه الأخير في قضية الابتعاث الخارجي في تخصصات رياضية مختلفة التي تبثها الرئاسة حسب علمنا أعتقد أنها خطوة جيدة الاستعانة بخبرات علمية من الخارج في البداية للاستفادة من تخصصها في عملية التطوير وأتصور أن المسألة أصبحت مشتركة بين الجهات العلمية وبين الجهة المعنية بقطاع الرياضة والشباب في تفعيل العلم الرياضي بما يحقق الهدف المنشود وبما يتماشى مع حقبة العولمة الرياضية.
* في بكين 2008م أخفقت ألعابنا الرياضية وجرحنا بخفي حنين وقبلها أولمبياد أثينا 2004م واستمرت عجلة الإخفاق أولمبياً وعالمياً برأيك كيف نؤسس رياضة شاملة قادرة على المنافسة والحضور المتوقّع؟!
- إذا كان عندنا إستراتيجية وعندنا وضوح وعندنا عمل يؤسس على أرضية علمية صلبة تستطيع أن تصنع النجاح.. العلم نعم العلم ليس بالقول وإنما بالتخطيط العلمي المدروس لا بالاجتهاد والاعتماد على الخبرة السلبية.. صحيح أن هناك جهوداً كبيرة تبذل من القيادة الرياضية ممثلة بسمو الأمير سلطان بن فهد وسمو نائبه الأمير نواف بن فيصل وهناك أموال تُنفق وتصرف بسخاء للنهوض بمستوى الرياضة السعودية وإذا أردت المنافسة والحضور المتوقّع أولمبياً وعالمياً لا بد أن يكون العمل مبنياً على أرضية علمية فنحن على سبيل المثال عند إعدادنا للرياضي الأولمبي لا يتم إعداده على المدى الطويل نعم طرق الإعداد العلمي البعيد المدى هي التي تنقصنا.. انظر إلى البريطانيين وهم يستعدون لأولمبياد 2012 أعدوا العدة والتحضير منذ عام 2000م لكي ينافسوا في أولمبياد 2012 بكل فكر وتخطيط وعلم مدروس.. أيضاً السباح الأمريكي الأسطورة (فلييس في بكين 2008م تم إعداده منذ أكثر من 4 أعوام وكذا العداء الجامايكي (بولت) أعد في إحدى الجامعات الأمريكية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وانظر إلى النتائج... فإذاً المسألة خطط وإستراتيجيات علمية لا شك تسهم في اختصار زمن التفوق.
بناء العقول!!
* اهتمام وتركيز الأندية السعودية على النشاط الرياضي فقط وتهميش النشاط الثقافي والاجتماعي هل ترك انعكاساً سلبياً على فكر وسلوك وثقافة اللاعب احترافياً بعكس ما يحصل في الأندية الأوروبية التي تكرس نشاطها الثقافي لصالح بناء فكر اللاعب أولاً؟!
- الثقافة تبني العقول.. والرياضة تبني الأجسام والتنمية الثقافية للإنسان الرياضي تجعله قادراً على مواجهة التحديات النقدية والتنافسية والرياضية بروح وثّابة وأرى أنه لا يمكن أن نتخلّى عن الثقافة الرياضية ودورها المؤثّر في بناء الإنسان الرياضي ليكون سليماً في سلوكه وتصرفه وأخلاقه وفكره، وتبقى مسؤولية الأندية الرياضية في تأصيل الثقافة في وجدان وجوانح لاعبيها.. فالرياضة ليست لعباً ولهواً إنما هي ثقافة وفكر ووعي، وكلما كان اللاعب أكثر ثقافة ارتقى بالأداء بصورة أفضل بعكس إذا كان ضعيفاً فكراً وثقافة فإن ذلك بالتأكيد سينعكس على مسيرته الرياضية.
الكراسي البحثية
* متى نرى كراسي بحثية رياضية في الجامعات السعودية بعد أن اخذت المناشط الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والصناعية والصحية حصتها باستثناء الرياضة وخصوصاً في ظل الطفرة البحثية التي تعيشها (الكراسي العلمية) في هذه الحقبة؟!
- المجتمع السعودي حديث عهد بالكراسي العلمية بالجامعات والتجربة لا تزال في البداية وتعميمها يحتاج لفترة بحيث ينضوي في إطارها الشأن الرياضي.. قد يكون عدم وجود كرسي بحثي رياضي يعود للنظرة الاجتماعية للرياضة وقد يكون السبب الآخر نحن كأكاديميين يفترض أن نسوّق لأنفسنا وإذا سوّقنا لأنفسنا بشكل جيد وبشكل سليم تأكّد أن الجهات المعنية بقطاع الرياضة والشباب ستطالب بذلك.
فإذاً المسألة قدرة تسويقية من أقسام التربية الرياضية أو البدنية ومتى ما كان هناك تسويق سليم ومنظّم سيكون هناك كراسي بحثية للرياضة مثل بقية المناشط الأخرى.
نشر الأخلاق!
* الإعلام رسالة سامية وقيم نبيلة.. كيف ترى ما يُنشر عبر الصحف الرياضية من إساءات وممارسات خطيرة بصورة غير حضارية..؟! وما مدى تأثير ذلك على ثقافة النشء؟!
- حقيقة شيء مؤسف ما نقرؤه في بعض الصحف من تجاوزات وممارسات سلبية تؤثّر بالتأكيد حتى على ثقافة النشء وأتمنى من العقلاء الإعلاميين أن يضعوا حداً لهذه الممارسات التي قد تهدّد ثقافة المجتمع. الإعلام الرياضي يسهم بوعي في تشكيل الرأي العام وصياغة توجهاته، كما يسهم في نشر الأخلاق والثقافة الرياضية، وأتمنى نبذ التعصب وإرساء مناخ رياضي سليم بمصداقية وموضوعية.
ولعل من الحلول الناجعة لصناعة إعلام هادف وبناء إقامة دورات تدريبية للمشتغلين بالإعلام الرياضي من أجل تثقيفهم وتوعيتهم بأخطار هذه التجاوزات، وكذلك إقامة دورات في آداب وسلوكيات الحوار وكيفية التحاور بعيداً عن مصادرة آراء الآخرين!!
* كلمة أخيرة تود أن تقولها في نهاية الحوار؟
- أشكر (الجزيرة) على اهتمامها الكبير للعلمية الرياضية وأخص بذلك الأخ العزيز الأستاذ محمد العبدي لأن التطرّق إلى مثل هذه المواضيع العلمية لا شك أن تخدم مستقبل الرياضة في وطننا الغالي، مع أطيب تمنياتي لكم بالتوفيق والسداد.