الرياض - عبدالله الحصان
عزا عدد من محللي سوق الأسهم أسباب انخفاض السيولة من 45 مليار ريال في عام 2006م إلى ما يقارب الـ 5 مليارات ريال في هذه الأيام على الرغم من زيادة حجم الشركات المتداولة بالسوق إلى عدة عوامل كانخفاض أسعار الأسهم وزخم المضاربات وخسارة معظم المتداولين رؤوس أموالهم.
وقال بداية المحلل المالي محمد العمران إن انخفاض أسعار الأسهم وانخفاض زخم المضاربات القوية التي كان يتميز بها السوق إضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد الأسهم المتاحة للتداول نتيجة لاتباع هيئة السوق المالية سياسة تعميق السوق من خلال طرح اكتتابات ضخمة خلال نفس الفترة، أدت إلى تقلص حجم السيولة المتداولة يومياً.
وأضاف العمران: كانت محصلة ذلك خروج شريحة كبيرة من المستثمرين الاستراتيجيين والمضاربين اليوميين من السوق بسبب نظرتهم الشخصية تجاه مستويات التقييم ونمو الإيرادات والأرباح في ظل زيادة عدد الأسهم المتاحة للتداول بشكل كبير جداً خلال فترة زمنية قصيرة لا تتعدى سنتين إلى ثلاث سنوات وهو ما أثر سلباً في إحجام التداول اليومية بشكل بارز.
من جانب آخر قال أستاذ الاقتصاد الدكتور فهد بن جمعة إن سوق الأسهم يعاني من انتكاسة فبراير عام 2006 بعد أن هبط المؤشر من أعلى قمة له إلى مستويات متدنية بعد أن انفجرت الفقاعة التي كان يساندها دعم البنوك التجارية للمتداولين عن طريق تقديم التسهيلات لهم متزامناً مع استمرار ارتفاع السوق في تلك الفترة، لكن ما حدث أن معظم المتداولين خسروا رؤوس أموالهم وأصبحوا مدينين لتلك البنوك التي قامت بتسييل محافظهم الاستثمارية. ولم تكن الصناديق الاستثمارية في حالة أفضل من المساهمين الأفراد فقد تكبدت خسارة كبيرة دفعتها إلى تسييل أموال الأسهم التي في حوزتها. هكذا بدا السوق بتدهور تدريجياً وفقد المتداولون ثقتهم بالسوق وبالبنوك وكذلك هيئة سوق المال التي لم تستطع حمايتهم بل إنه لم يتم تعويض مَن تم التغرير بهم وهم لا يعرفون أصول التداول والاستثمار، هذا من وجهة نظرهم.
وأضاف ابن جمعة: لقد استمر السوق في تدهوره بعد أن فقد جزءاً كبيراً من السيولة إما بسبب خروج بعض الأفراد أو حتى إفلاسهم وتعثر التسهيلات وتخفيض الحد الأعلى للقروض الشخصية؛ ما خلق شحاً حقيقياً في توافر السيولة التي معظمها كانت تتدفق على أسهم الاكتتاب بدلاً من أن تتدفق على تداول الأسهم. لقد عانى الاقتصاد السعودي خلال العامين السابقين وتحديداً عام 2008 من ارتفاع معدل التضخم الذي أفقد النقود قيمتها وأصبحت دخول الأفراد الحقيقية أقل بكثير من السابق؛ ما دفع الكثير إلى توجيه ما يملكونه من سيولة إلى شراء الاحتياجات الأساسية؛ مما أضعف إقبالهم على شراء الأسهم.
وأشار إلى أن سوق الأسهم كان في حالة هبوط حتى قبل حدوث الأزمة المالية، ولكن الأزمة سارعت من هذا التباطؤ حيث بلغ الانخفاض السنوي في مؤشر الأسهم ما نسبته 56% أكبر من الأسواق المالية العالمية التي بدأت فيها الأزمة. هذا الركود الاقتصادي العالمي فعلاً له تأثير مهم في النصف الثاني من عام 2008 وبشكل خاص في الربع الأخير من نفس العام حيت انخفضت أسعار النفط إلى مستويات متدنية وكذلك أداء الشركات القيادية بشكل كبير، ولكن توقعات المستثمرين منذ أن ظهرت علينا أزمة الائتمان العقاري في الولايات الأمريكية كانت تشير إلى أن البنوك والشركات التي لديها استثمارات خارجية سوف تتأثر بالأزمة ما حفز الكثير من المتداولين على اتباع الأسلوب المضاربي اليومي بدلاً من الاستثمار؛ ما انعكس سلباً على أسعار أسهم الشركات وأوصلها إلى أسعار تحت القيمة الاسمية وبعضها تحت أسعار الاكتتاب، مؤكداً أن الاكتتابات المتتالية في عام 2008 اختطفت تأثير السيولة المتبقية في أيدي المتداولين ولم تكن أسعار البيع مجدية بل إن بعضها تم بيعه عند سعر الاكتتاب أو أقل؛ ما زاد من انخفاض السيولة في السوق. كما أن قرارات الهيئة بتحييد الأسهم غير المتداولة وتخفيض نطاق أسعار الأسهم وإعلان نسبة التملك قلبت الموازين رأساً على عقب في غير صالح المضاربين وحتى المستثمرين.
وأبان ابن جمعة في نهاية حديثه أن انعدام الثقة وعدم كفاءة السوق وسوء أداء الشركات سوف يعمق ضعف السيولة ومعدل التداول في سوق الأسهم وسوف تبقى الشكوك وعدم اليقين قائمة إلى أن تتحدد الرؤية المستقبلية الاقتصادية والمالية للعالم في النصف الثاني من هذا العام. ناهيك عن هيكلة السوق وتحويله من سيطرة الأفراد إلى سيطرة المؤسسات حتى يكون سوق ذا طابع استثماري يحقق له الاستقرار ويحفز المستثمر المحلي والأجنبي على الدخول.
جدير بالذكر أن السيولة اليومية المتداولة في سوق الأسهم تقلصت من 45 مليار ريال عام 2006م إلى 20 مليار ريال خلال 2007 ثم انحدرت حتى وصلت إلى مستوى 10 مليارات ريال ثم 5-4 مليارات ريال على الرغم من إدراج 125 شركة بقيمة سوقية تصل إلى 950 مليار ريال.