كثيراً من الأحيان يُطرح سؤال في الساحة التعليمية يرى البعض فيه أنه من الأسئلة المحيرة، والبعض ينظر إليه بأنه ضرب من الخيال، والبعض ممن أصابتهم السلبية لا يفكرون فيه إطلاقاً، والأغلبية لا يزالون يبحثون عن إجابته بنظرة تفاؤلية: هل بالإمكان أن يصل تعليمنا .....
.....بمخرجاته إلى أعالي القمم، وهل تعليمنا سيصبح أنموذجاً ناجحاً لعملية التطوير؟ وبنظرة تفاؤلية على ما أثارته مجلة المعرفة في عددها (164) الصادر في شهر ذي القعدة من عام 1429هـ عن دولة كوريا الجنوبية، وكيف أنها كانت ثالث أفقر دول آسيا وأصبحت بالعلم والعمل أغنى ثالث دول آسيا، وهي لا تملك موارد طبيعية يمكن الاعتماد عليها في الصناعة - خلال 50 عاماً - نصل إلى درجة القناعة بأن الأمر لم يعد بالمستحيل؛ فهناك على أرض الواقع من الدول من انتقلت من لا شيء إلى كل شيء، ومن القاع إلى القمة، ومن المجهول إلى المعلوم - كما حصل لليابان وماليزيا - فقد تناولت الدراسة جميع جوانب التعليم في كوريا، وكيف كانت وأين وصلت بفضل الاهتمام والاعتناء بتطوير التعليم حتى أصبحت تجربتها أنموذجاً يستفاد منه، جاء في مقدمة الملف ص7: (من المؤكد أنه لا يمكن استنساخ تجارب الدول الناجحة وتقليد تلك التجارب بتفاصيلها.. ولكن من المؤكد أيضا أن تلك السياقات يمكن أن تتشابه، وهذا التشابه في السياقات والمعطيات هو ما يجعل تلك النجاحات قابلة لأن تكون نماذج يمكن التعرف من خلالها على (قصة) تفوقها والعقبات التي أمكنها اجتيازها.. ويمكن لتلك النجاحات أن تقدم الدليل على أن الفشل ليس قدراً محتوماً على أمة من الأمم، وأن الخيبة والتأخر ليس ضربة لازب لا مفر منها) فلا يأس مع الحياة، وليس هناك مستحيل مع الإصرار، فسنن الله الكونية ثابتة لا تتغير لمن جدَّ واجتهد وثابر وصبر، وأتى بالأسباب فسيكون التوفيق والسداد حليفه بإذن الله، ومن أهم معالم ما ذكر بالملف عن التعليم في كوريا الجنوبية ص33: (إنّ تميّز التعليم في كوريا الجنوبية - بصفة عامة - يعود إلى اهتمام الدولة بالمدرسين في المرحلة الابتدائية، فاختيار المدرسين للتدريس في تلك المدارس يتم عبر انتقاء أفضل 5% من الخريجين المتفوقين لتدريس المرحلة الابتدائية حتى يكون أساس التعليم قوياً في البداية) و(النظام التربوي يهتم بصورة فعّالة بإكساب المهارات، وتعزيز القدرات الأساسية، ويهتم بالتطوير النوعي للتربية العلمية) والمناهج الدراسية (تخضع للتغيير والتطوير كل خمس سنوات لمواكبة التقدم العلمي) أمّا البيئة المدرسية ففيها كل المرافق الأساسية بتأثيث جيد، كالمختبرات، وقاعات للحاسوب والرسم، وساحات للتربية الرياضية، وانتهاءً بتكنولوجيا التعليم الحديثة داخل الصف، مع وجود ممرض في كل مدرسة يهتم بالجانب الصحي، ومن المميزات الهامة إعداد المعلم والاهتمام به اهتماما بالغاً وتقديره، واعتباره وسيلة فاعلة لتطوير المجتمع والنهوض به حتى شاع لديهم مثل شعبي (لا تقف على ظل المعلم) احتراما له وتقديراً، فهذا الملف وغيره من الملفات القيّمة في مجلة المعرفة حبذا من كل مسؤول وقيادي في وزارة التربية والتعليم، والقائمين على مشروع الملك عبدالله - حفظه الله - لتطوير التعليم أن يطّلعوا عليه كي تتم الفائدة من تجارب الآخرين، وتقتصر مسافة البحث عن الأساليب والطرق الكفيلة لنجاح عملية تطوير التعليم وما يناسب مجتمعنا وبيئتنا منها، فنحن في سباق مع الزمن.
malqwehes@gmail.com