Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/02/2009 G Issue 13278
الاربعاء 09 صفر 1430   العدد  13278
قالها الملك عبدالله: قطرة دم فلسطينية أغلى من كنوز الدنيا
وسيلة محمود الحلبي

 

نعم قالها الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين: قطرة دم فلسطينية أغلى من كنوز الدنيا.. ونحن أطفال غزة فلسطين، نشكره على كل ما قدم لنا ولأهلنا ولجرحانا، والشكر قليل في ملك ودولة تعوَّدت على نصرة المظلوم في كل مكان، قولاً وفعلاً، لقد ضرب الشعب السعودي وقيادته مثلاً يُحتذى، في الإنسانية والحق ونصرة المظلوم، فبُوركت مساعيكم -حفظكم الله- (التوقيع أطفال فلسطين).

من تحت الأنقاض خرج أطفال غزة لمتابعة تعليمهم، لأنه سلاحهم الوحيد لدرء العدوان، أطفال غزة افترشوا الأرض، يدرسون بالعراء وفي الخيام، لم ينسوا أصدقاءهم الذين استشهدوا، وأول ما يسألون زملاءهم هل نجوتم من المجزرة الصهيونية؟ أطفال غزة يتبادلون القصص المؤلمة التي مروا بها في الحرب الهمجية على غزة، التي طالت الشجر والحجر، حكايات غريبة تداولوها معاً، ورغم الأحزان استطاعوا أن يجددوا الحياة مع أترابهم ومدرسيهم، بدهشة البقاء على قيد الحياة، كانوا يبحثون عن بقايا شظايا على أجسادهم الغضة.. أطفال غزة ينادون: دماؤنا هي الحبر الذي يستخدم في أوراق التصويت الصهيونية لفوز أحزابهم.

أطفال غزة بحاجة اليوم إلى علاج نفسي وإرشاد أسري بعد ما عانوه من رعب وخوف من جراء ما شاهدوه وعايشوه من قتل سافر أمام أعينهم.. أطفال غزة انتصروا على همجية الصهاينة بإيمانهم بالله وبالوطن.. أطفال غزة كانوا بين مخالب الاحتلال، وتساؤلات مشروعة تبحث عن إجابة.. كيف يعيش الأطفال بعد أن فقدوا أسرهم وبقوا أيتاماً؟

في غزة انتصر الدم على القنابل الفسفورية، وفي غزة تُشيع أشجار الزيتون كما يُشيع الشهداء، في غزة المعاناة مستمرة والحصار القاتل ما زال يخنق القطاع، قصص وروايات مريرة للعائدين إلى الحطام ولجرحى فوق أسرَّة المستشفيات، وللأطفال في مدارسهم المهدمة.

كانت ضحكات الأطفال تغطي سماء غزة وأرضها وبياراتها، وزيتونها، وزعترها رغم الحصار.. لكن هذه الضحكات اغتالها الصهاينة وزرعوا مكانها دماً ودموعاً وأحزاناً.. رغم الحصار الذي لا يقل بشاعة عن تمزيق الأجساد إلى أشلاء، كان الأطفال في غزة يبتسمون ويتسلحون بالعلم إلى أن ضربتهم يد البطش الهمجية البربرية، وقضت على أحلامهم ولكنها لم تقض على صمودهم، لأنهم واثقون بالنصر، وبأن العلم سلاح المستقبل.. أحداث غزة كانت مرعبة جداً ولم تُنس على الإطلاق، وهل سيمسح البيض الأبيض ما خلفه الفوسفور الأبيض، وهل سيزيل الملح الأبيض ما خلفه الفسفور الأبيض رغم أن ذاك البياض من هذا البياض (الأسود القاتل).

أطفال غزة يتمنون أن تعود (الانتفاضة) لأنها أصبحت لغة العالم بعد أن ابتدع أبجديتها أطفال فلسطين.. لأن الحجارة حررتهم من أمية كفاح من أجل الحرية، وفكت عقدة ألسنتهم، وحققت ملامح الطريق للنصر نحو حرية الأرض والإنسان.. أطفال غزة ينادون أطفال العالم أن يغنوا معهم لفلسطين، أن يحموهم حتى ينمو الغصن الأخضر حبة قمح تصبح بيدراً.

أطفال غزة يقولون للعالم أجمع: (الصورة في غزة محزنة) ولكن أصوات جرس المدارس المهدمة، والفصول في الخيام والعراء أعلى من أزيز رصاصهم، وأعلى من هدير طائراتهم.. نحن أطفال غزة نصنع من الخوف قوة، هنا لعبنا، هنا درسنا، وهنا استشهد بعضنا، أحلامنا كبيرة وما زالت تنبت آلاف السنابل. نحن أطفال غزة تعلمنا من مدرسة الحياة أن نصنع من الخوف قوة، وأن يتحول الحجر بأيدينا إلى ثورة.

في غزة انتصر الدم على القنابل الفسفورية، أهل غزة صامدون، أطفال غزة صامدون، رغم كل المذابح التي قدمت على مذبح الحرية، ورغم كل الشهداء، وكل الهدم والتدمير، هم صابرون محتسبون، ورغم الجراح سيحتفلون (بالقدس عاصمة للثقافة العربية) لأن معركتهم ليست عسكرية فقط، بل ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، ولأن الصهاينة حين يتلذذون باصطياد المقاومين والأطفال والنساء فهذه (ثقافة العنف لديهم) ونحن في مواجهة هذه الثقافة، علينا أن نؤكد بأن (التمسك بكل ذرة تراب في فلسطين) هو قانوننا وهو ثقافتنا، ونعكس ذلك بالشعر والمسرح، فنحن لسنا وافدين إلى هذه الأرض، بل هم سرقوا أرضنا فليخرجوا من أرضنا، من ملحنا، من دمنا، من لحمنا.

رغم كل جراحاتنا سنحتفل بالقدس عاصمة للثقافة العربية، القدس المحتلة بشطريها الغربي والشرقي بالنسبة لنا (موحدة).. والقدس كتاب مفتوح عنوانه عاصمة للثقافة العربية، وعند فتح صفحاته نجد كل فلسطين بكل مدنها وحاراتها وأسواقها ومساجدها وبياراتها وجبالها وسهولها وبحرها وسمائها، القدس تتعرض لتغيير ملامحها ومعالمها، وزاد فيها السور العدواني الذي اقتطع جزءاً من القدس التي كانت موجودة وضم إليها مستعمرات صهيونية.. نحن أطفال غزة سنحتفل بالقدس عاصمة للثقافة ومصرون بالإمساك على حبات الجمر في مواجهة هذا الطغيان الذي يصور أن الوطن مات في حادث سير.. رغم الألم والقتل والحصار ورغم أنفهم سنحتفل.

وبرغم الأحزان والآهات، والذكريات الأليمة والتدمير، وتلوث البيئة والحصار، سنولد من جديد، من رحم الأحزان سنولد من جديد، ونكبر فوق الألم.. فوق الجراح ونولد من جديد، وسنكبر فوق الحطام والدمار والتنكيل ونولد من جديد، ورغم الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ سنولد من جديد، هكذا نحن شعب الجبارين من تحت الأرض، من فوقها سنولد من جديد، طالما لدينا الإرادة وقضيتنا مصيرية نولد من جديد وطالما لدينا الإيمان بالله وبأن الجهاد حق من حقوق الله دفاعاً عن الأرض والعرض والمقدسات نولد من جديد، سنسمو فوق الجراح ونولد من جديد.

عضو الاتحاد العام للكُتَّاب والصحفيين - الفلسطينيين


wasilah@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد