Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/02/2009 G Issue 13278
الاربعاء 09 صفر 1430   العدد  13278
ملك يخاف على أمته.. ولكن؟!
فهد شباب الحربي

 

جراح الأمة تزداد عمقاً ونزيفاً وأعضاء الجسد الواحد لا تزال تشكو الألم لما ألمَّ بها من صنوف النوائب والعذاب، هذه الكلمات التي تقطر أسى ولوعة وتحمل أنين الألم وآهة الحسرة على حال أمة ابتلاها الله بالفرقة والتناحر وسلط عليها غيرهم يسومونها سوء العذاب لم يقلها مرشح لانتخابات ليساير بها طموحات ناخبيه، ولم يكتبها صحفي في مجلة أو صحيفة يبغي من ورائها استثارة الهمم واستقطاب القراء، ولم يهتف بها قائد مظاهرة يريد أن يخدع من يسير وراءه بمعسول الكلمات وخادع الشعارات.. ولكن قالها ملك غيور شجاع.. حباه الله من النعم كثيرها ومنّ عليه بمحبة الشعب وإخلاصه وتفانيه.. وأوكل إليه البارئ شرف خدمة الحرمين الشريفين.. والحفاظ على أرواح ضيوف الرحمن وأعراضهم وأموالهم الذين يأتون من كل فج عميق لتأدية شعائر الله في أيام معدودات ليطوفوا ببيته العتيق، ويقفوا بين يديه في عرفات في أمن وأمان وطمأنينة وخشوع، وأن يبعدهم عن الرفث والفسوق والجدال.. ويذكروا الله على ما حباهم من نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى.

ولأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رعاه الله- هو الذي حمل الأمانة بكل الشجاعة والإقدام والتفاني فقد حمل معه كذلك أمانة مسؤولية الأمة العربية والإسلامية بأسرها، وحمل همومها وشجونها فبذل كل الجهد والطاقة لإصلاح ذات البين في جميع أقطار الأمة وأمصارها وعاهد الله أن ينهض بالمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقه بكل اقتدار مهما كلفه ذلك من جهد وتضحيات.

وإذا كان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد حرص على مخاطبة الأمة من حيث انعقاد القمة الاقتصادية في دولة الكويت الشقيقة وأن يؤكد على القلوب المؤمنة بربها أن مال المسلم ودمه وعرضه غال ولا يساويه كل كنوز الأرض وأن من واجب المسلم على أخيه المسلم وحدة الأمل والعمل ونبذ الكراهية والحقد.. وإحياء روح التعاون والمحبة والإخاء في النفوس حتى يصبح جسد الأمة واحداً كما أخبرنا بذلك نبي الرحمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

إن استمرار شكوى الجسد الواحد من الآلام التي تعصف به والأمراض التي تنهشه يستدعي تعاوناً عربياً، ووحدة في الرأي وتنسيقاً في الطاقة.. وحشد كل الإمكانات لمواجهة المرض وتطويقه ومداواته بشتى أنواع الدواء حتى تعود لهذا الجسد الصحة والعافية ويتغلب على الميكروبات التي تهاجمه ويحيط مخططات الأعداء الذين يتربصون به.

إن همّ الأمة وجرحها النازف لم يكن همّ خادم الحرمين الشريفين الآني أو الوقتي ولكنه هاجس يحمله معه -رعاه الله- في يقظته وسباته.. في فرحه وسروره.. وفي حله وترحاله وإذا كان -حفظه الله- قد خاطب الأمة بما يحويه صدره من ألم بالغ للحالة المتردية التي وصلت إليها فإنه كان قد حرص على لمّ الشمل وإنهاء الخلافات والانقسامات التي عانت منها الأمة.

وحين يبدأ (أبو متعب) حديثه إلى الأمة ويخاطبها خطاب الصراحة والوضوح ترتسم أمام مقامه الكريم مسيرة الدعوة الإسلامية وما لاقته من تعنت الكفر والشرك وما حيكت ضدها من مؤامرات ولعله ليس من نافلة الكلام أن نقول إن النفر الضال الذي وقف وحاك الفتن ضد الدعوة الإسلامية هو نفسه النفر الذي يقوم باغتيال براءة الأطفال على أرض غزة في يومنا هذا وهم أنفسهم النفر الذين يبذلون كل الجهود لعرقلة مسيرة السلام لأنهم اعتادوا حياة الفتن واستطابوا إشعال الخلافات وعشقوا منظر إراقة الدماء البريئة فقاموا بعمليتهم الإجرامية البشعة ضد المصلين في بيوت الله والمنازل وحتى المستشفيات في غزة.

لقد تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رعاه الله- في القمة الاقتصادية بالكويت، فأرد أن يقتبس من نور الهدي هدى بقوله لأمته، لعلها تقتضي درب الخير والصلاح والرشاد إن الله على كل شيء قدير.

وسينصر ربك الإسلام والمسلمين طالما أن الرجاء ما زال معقوداً على الرجال الذين آمنوا بربهم.. وزادهم الله هدى، وطالما أن هناك من يتمسك بشرع الله ويعيش مشاكل الأمة وهمومها ويتطلع إلى غدها المشرق بإذن الله تعالى.

- المدينة المنورة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد