كيف ... لا نحب عبدالله بن عبدالعزيز، وهو من هو في صدقه وإخلاصه وإنسانيته وتواضعه وإنكاره لذاته، وهو من منظور إسلامي وقومي ووطني الحاضر دائماً بما لا يشبهه إلا نفسه؟
وكيف لا يكون سقف هذا الحب عالياً ومدوياً ومعروفاً للقاصي والداني إن لم يخص مثل هذا الحب بزعيم تاريخي يخاطبنا ويتحدث إلينا بما يعبر به صادقاً عن هموم الأمة وآلامها أبلغ تعبير؟
***
كيف بنا لا نتعامل مع رؤاه ووجهات نظره بمثل هذا التفاعل الإيجابي الذي يتسم بقدر عالٍ من الحب الذي نعبر عنه ونقوله الآن ودائماً كلما كان المليك يشخص أحوال أمته ويعالجها بمثل ما نفكر فيه وننادي به ونتطلع إليه؟
وكيف لنا أن نقبل بأن تغيب كلمة الحق من أن نصدع بها بينما هي صدى لما يقوله ويفعله عبدالله بن عبدالعزيز في ظل هذه التطورات المتلاحقة التي تمس مصالح دولنا وشعوبنا وتهددها في الصميم؟
***
دلوني على زعيم أو ملك كعبدالله بن عبدالعزيز يخاطب شعبه في كلمة مرتجلة وفي إجابات عن أسئلة من ممثلي الشعب أعضاء مجلس الشورى بالقول: أنا لولا شعبي لا شيء.. أنا فرد! بل دلوني على ملك أو زعيم يخاطب أبناء شعبه بالقول ما معناه: إن ثقته بشعبه هي التي أعانته وتعينه على أخذ القرارات والمواقف المناسبة.
دلوني على رجل تستأنس الأمة بحكمته وسداد رأيه فيخاطبها بالقول: أنا لم أقل شيئاً إلا من واجبي الديني وواجبي الوطني والنخوة العربية، وأنا صاحب إيمان وثقة بشعبي وبكل إنسان يحس بمسؤوليته العربية والإسلامية والأخلاقية.
***
كيف لا نعبر عن حبنا لملك يقول بألم وأسى موجهاً مشورته لأهلنا في فلسطين داعياً إياهم إلى التكاتف ونبذ الشيطان، مضيفاً أن تنافسهم خطأ كبير سيؤدي إلى تفريقهم أكثر مما عملته الصهيونية فيهم.
واقرأوا معي ما قاله خادم الحرمين الشريفين للفلسطينيين: أرجوكم رجاء مسلم إلى إخوانه المسلمين أن ينبذوا الشيطان ويتعوذوا منه ويلتفوا حول بعضهم، وهو الأمر الذي سيرفعهم ويرفعنا ويرفع العرب جميعاً.
***
الملك عبدالله، وقد كلّ جهده، وبحّ صوته، وأضناه العمل من أجل فلسطين، يرجو من أهله في فلسطين - قيادات ومنظمات وقوى- عدم الانتحار وعدم حب الذات، من أجل دينهم ثم وطنهم في فلسطين، فمن غيره يقول بهذا؟.
فمن يلومنا جميعاً (سعوديين وعرباً ومسلمين) حين نمنح كل هذا الحب لفارس يقول ويفعل كل هذا عن فلسطين والفلسطينيين، وكله ألم وأسى على ما يراه من فرقة وصراعات وانشقاقات بين الأشقاء.
***
سنوات كثيرة -في ليله ونهاره- قضاها هذا القائد الملهم يجابه الشيطان والعقل، فإذا به يستخدم العقل وينبذ الشيطان، مستعيناً بالله عزّ وجلّ، وبإرادته وما يمليه ضميره وإخلاصه ومسؤوليته نحو إخوانه العرب في زمن لا يملك القدرة على درء الخطر عنهم كمثله إلا أفذاذ الرجال.
وفي كل ما قاله الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية في الكويت، حيث الوضوح والشجاعة وإنكار الذات، لم يقل ما قاله رياء أو أنه كان يطلب أي شيء، أو أن يقال عنه إنه عمل أي شيء، فهذه هي الحقيقة التي -يقول الملك- وبكل التواضع إنها صدرت من أخيكم.
***
ماذا بقي بعد ذلك من قول يمكن أن يقال أكثر مما قاله عبدالله بن عبدالعزيز، فقد نصح الأمة، وشخّص حالها، وتحدث عمّا ينبغي أن تكون عليه، بصوت جهوري مسموع، بحيث لم يعد ما يمكن أن يضاف إليه أو ينقص منه، فهو أبلغ من أي كلام.
شكراً لأبي متعب، فقد رفعت رؤوسنا عالياً، وترجمت مشاعرنا ومواقفنا كما ينبغي، وأكدت أن أمتنا -رغم محنها- لن تهزم أو تقزم أو تؤخذ حقوقها وتسلب مقدراتها ما دامت هناك بقية باقية من قياداتنا التاريخية وعلى رأسها عبدالله بن عبدالعزيز.