ينتظر المهتمون بالشأن العراقي نتائج الانتخابات المحلية لمحافظات العراق لتأثير هذه النتائج على مستقبل العراق، ليس فقط على مسار العملية السياسية، والفريق السياسي الذي سيحكم العراق في الفترة القادمة، بل سيحدد مصير العراق من بقاء نسيجه الوطني ووحدة ترابه، خاصة في ظل مطالبة الأحزاب الطائفية بإقامة الأقاليم الفدرالية خاصة في جنوب ووسط العراق تماشياً مع مخططات نظام طهران، وقد نشر كاتب عراقي عدة وثائق تكشف المشروع الإيراني للعراق والذي يقول إنه يتلخص في ثلاث صفحات لكل واحدة تفاصيلها.
فالمشروع الإيراني الذي يتلبس العباءة الطائفية يبدأ في الجنوب بإقامة ما يسمى بفدرالية الجنوب وعلى أسس ونمط الهوى الإيراني وبأشرعته ولأغراضه الإلحاقية وليس لفدرالية جنوبية حقيقية ضمن إطار العراق الفدرالي الواحد، ويتم قيام هذا النوع من الفدرالية بالدفع نحوها خداعا فكرياً وتثقيفيا وتنظيميا ودعائيا وبالتدخل المباشر وعبر العملاء والسيطرة أولاً ولو بالقوة على البصرة، ثم ضم ست محافظات جنوبية متاخمة للحدود الإيرانية، والخطوة التالية هي رفض الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية وتحريض الشارع ضدها في يوليو المقبل، وتقول صحيفة نيويورك بوست الأمريكية: إن قيادة خامئني في طهران، تعرضت لصفعة قوية بعد أن فشلت في تخريب عملية المصادقة الثلاثية (الحكومة والبرلمان والمجلس الرئاسي) إضافة إلى مشايخ الشيعة في النجف على الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة، تحاول الآن- وهي تنفذ خطتها منذ شهور- التدخل لتغيير نتائج الانتخابات المحلية التي جرت في العراق في نهاية الشهر الماضي.
ولهذا، وضعت طهران استراتيجية تستهدف تحقيق الأهداف التالية: أولاً، مساعدة التيار الطائفي المتشدد فقد أرسلت طهران الألوف من عناصر الميليشيات ومعظم هؤلاء إيرانيون اكتسبوا الجنسية العراقية في عهد صولاغ باقر عند إدارته وزارة الداخلية، للمعاونة في تنظيم (حملة معارضة) وقد أدخلت طهران إلى العراق مبالغ كبيرة عن طريق الوكالات الإيرانية شبه الحكومية، وأيضاً عن طريق شبكات رجال الدين المسيطر عليهم من مدينة (قم) الدينية في إيران.
وتأمل طهران أن يتمكن مؤيدو (الطائفية) من كسب الانتخابات المحلية في المحافظات والسيطرة على أكبر عدد من مقاعد مجالس الحكومات المحلية فيها على الأقل ضمن المحافظات التسع التي تسكنها غالبية شيعية.
ثانياً: تريد طهران من مختلف حلفائها فرض سيطرتهم- في الأقل- على المحافظات الشيعية الست التي تتاخم حدودها أو تنفتح عليها. والزعماء الإيرانيون لن يخفوا رغبتهم في المستقبل في رؤية محافظات الوسط والجنوب مقتطعة من العراق لتشكل (جمهورية شيعية) يحكمها مؤيدون لها.
ثالثاً: تخطط إيران أن يكون فوز حلفائها في انتخابات المحافظات زخماً قوياً يقود إلى رفض الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة من خلال استفتاء شعبي من المقرر أن يجري في شهر يوليو المقبل.
ويؤكد الكاتب العراقي عبدالكريم عبدالله أن الرسالة التي تحاول طهران توصيلها بسيطة الفهم، وهي أن الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس باراك أوباما سوف تهجر العراق عاجلاً أم آجلاً، وستترك الشيعة والأكراد من دون قوة أجنبية متحالفة معهما ضد من تسميهم الصحيفة (الانتقاميين السنة) المدعومين من قبل الحكومات العربية، كما أن طهران لا تريد عراقا قويا ديموقراطياً، بحكومة مركزية قادرة على أن تصبح قوة إقليمية. ولهذا فإنها تبحث عن جمهورية شيعية مستقلة بهيئة (حكم ذاتي) أو (إقليمي) على غرار (اقليم كردستان)، ولهذا السبب تشجع طهران الأكراد أيضاً على إبعاد أنفسهم عن بغداد.
ويبدو أن (نقب طهران طلع على شونة) كما يقول إخوتنا الشاميون (فالبصرة لم تسقط بيد عملائها ولن تسقط بعد الوعي الشعبي العراقي العارم بالدور الدموي الإيراني وسكان المحافظات الست رفضوا الوصاية الإيرانية ومشاريعها، بل أيدوا المعارضة الإيرانية ووقعوا لها وثائق دعم، وقام بذلك كبار شيوخ عشائر الجنوب، وفي المقدمة منها أشرس فصيل معارض منظمة مجاهدي خلق، كما أن الاتفاقية وقعت حكوميا وبرلمانيا والانتخابات كما أظهرت نتائجها الأولية أن يد إيران لم تعد طليقة كسابقتها بالتزوير والتزييف، كما أن مشاركة كل العراقيين الذين غُيّبوا أو تغيبوا لاجتهادهم الخاص وسوء التقدير، قد قلل من فرص إيران وجعلها تتناقص يوما بعد آخر في أصعب وأهم مشروع لها.. العراق.
jaser@al-jazirah.com.sa