Al Jazirah NewsPaper Monday  02/02/2009 G Issue 13276
الأثنين 07 صفر 1430   العدد  13276
ربيع الكلمة
يعرس اثنين وينهبل ألفين -2-
لبنى بنت عصام بن عبد الله الخميس

 

تحدثت في مقالي السابق عن ظاهرة مؤلمة في المجتمع السعودي.

ظاهرة التكلف المذموم في الأعراس والمبالغة والمغالاة في كل شيء.

وسردت برنامج حفل الزواج في الثمانينيات والتسعينيات الهجرية الذي كان يتسم بالبساطة والعفوية والفرح وبرنامج الأعراس في يومنا هذا.

كان الفرق واضحا وشاسعاً.

قلت في مقالي السابق أنني سأبحث خلف كواليس الأعراس وسأفاجئك عزيزي القارئ بحسابات وأرقام ستعجب منها..

حين دلفت في إحدى القاعات المستأجرة بمئات الآلاف لفتت نظري تلك التصاميم، للوهلة الأولى كنت منبهرة ومعجبة بهذا الديكور الذي أضيف على ديكور آخر صمم للقاعة نفسها.

آلاف الأمتار من القماش الذي فُرد على الجدار.. مجسمات ضخمة بنيت ليوم واحد فقط وورود نثرت في القاعة بسخاء عجيب.. قهوة وشاي وعشرات من علب الشوكولاتة والحلويات المتنوعة والفطائر التي قد تملأ بطون المعازيم لمدة أسبوع كامل!.

تقدمها وفود من الفلبينيات اللاتي يشعرنك أنك في قلب مانيلا!.

كل هذه كانت ضيافة ما قبل العشاء.. العشاء.. وما أدراك ما العشاء!!

موائد بلا حدود.. وطعام يأكل منه المعازيم الربع فيبقى ثلاثة أرباع الطعام ليرمى!.

أما قالب الحلوى (الكيكة) تتكون من عشرة طوابق احتاجوا إلى إعدادها لأكياس من الطحين وشاحنة من أطباق البيض وغيرها من اللوازم المضخمة لإنهاء هذا القالب الضخم.

وفي بعض الأعراس تقدم وجبة الإفطار لأن بعض المعازيم لديهم من الطاقة والفراغ ما يسمح لهم بالسهر حتى ساعات الصباح الأولى!.

ناهيك عن فستان العروس ومكياجها وتسريحة شعرها والقائمة تطول.. وكان الله في عون من لديه مجموعة من البنات!.

أحياناً أقف متعجبة وأشك أن هناك أزمة اقتصادية طاحنة تأثر بها أغلب إن لم يكن كل المواطنين في المملكة والعالم.. فهذا الترف والإسراف يجعلني في حيرة من أمري.

هذا ما يحدث داخل أروقة بعض صالات الأفراح وما خفي كان أعظم.

ختاماً أقول.. لا أعارض الفرحة ومظاهر الاحتفال ولست ضد الكرم والسخاء في الضيافة وإكرام الضيوف والترحيب الكبير بهم ولكني ضد أن ينظر للمعازيم على أنهم ثلة من الجياع يحضروا للزواج ليأكلوا و(يبلعوا) طوال الوقت وللأسف أن هذا ما يحدث.. وأنا أرفض أن يتحول أفراد المجتمع السعودي إلى إمعات يقلدون الآخرين بلا عقل ولا تفكير.. يغضبوا الله ليرضوا بعضاً من العقليات المريضة التي تقيس جودة الاحتفال وكرم المنادي بطول المائدة وعدد الأطباق التي هي أبعد شيء عن كرم العرب الجميل وروح الإسلام المنصفة.

وأخشى ما أخشاه أن هذا الإسراف يلقي بظلاله على علاقة الزوجين لتكون علاقة موقوتة افتتحت بالمظاهر والقشور وقيدت بالديون الذي يدفعها الأب أحياناً ظن منه بأنه سوف يسعد ابنته التي كانت تحتاج إلى نصائح قيمة ووصايا حنونة من الأب والأم أكثر من تلك البهرجة.

ما أراه في بعض الأعراس السعودية ورماً خطيراً يكبر في الجسد السعودي الذي أخاف وأخشى أن يكتشفه ويشعر بألمه بعد أن فات الأوان على استئصاله ولوسائل الإعلام والتربويين والكتّاب وغيرهم دور أساسياً في تنوير المجتمع.

عزيزي المواطن السعودي - ذكرا ً كنت أم أنثى - لتبدأ بنفسك فلنا وطن يستحق الإصلاح والتضحية.. والله ما وراء القصد.

* * *






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد