Al Jazirah NewsPaper Sunday  01/02/2009 G Issue 13275
الأحد 06 صفر 1430   العدد  13275
ممر
الأمريكيون ليسوا أعداءكم
ناصر صالح الصرامي

 

الرسالة واضحة، فقد اختار الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما أن يطل على العالم عبر قناة العربية الواسعة الانتشار، وأن يكون أول حوار تلفزيوني لها على الإطلاق بعد تنصيبه لنقل رسائل مباشرة للعالم الإسلامي، وعبر وسيلة غير متورطة في بث أشرطة الجماعات الإرهابية أولها علاقات سياسية مشبوهة مع جماعات وأحزاب مسلحة.

ومن أجل أن يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست عدوة للإسلام، و(الشعب الأمريكي ليس عدواً للعالم الإسلامي) حيث بعث برسائل واضحة، أراد أن يقول للعالم الإسلامي إن الأمريكيين ليسوا أعداءكم. نرتكب في بعض الأحيان أخطاء، ولا نتسم بالكمال، ليس هناك أي سبب يمنع إعادة الأمور إلى نصابها. الولايات المتحدة مستعدة لإطلاق شراكة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة.

وهي المرة الأولى في تاريخ الرؤساء الأمريكيين أن يكون الحوار الأول لصالح قناة تلفزيونية أجنبية، فيما العادة أن تتم الحوارات الأولى مع قنوات تلفزيونية أمريكية يشرح فيها الرئيس سياساته الجديدة وبرامجه الملحة لمواجهة احتياجات شعبة الداخلية، كما أولويات التنفيذ لبرنامجه الانتخابي، وهو أيضا ما كان منتظرا في بلد يمر بأزمة اقتصادية حادة وصفت بالأضخم في تاريخها.

إلا أن أوباما اختار أن يكون أول حوار تلفزيوني ليؤكد أنه قادم بجدية لقيادة مرحلة جديدة تهدف إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية أولا مع الجميع، إلا من يرفضونها، وإعادة صورة أمريكا التي شوهت بفعل أخطاء وممارسات الإدارة السابقة، حيث وعد بأنه سيطل من عاصمة إسلامية، ويقدم مجددا يد الصداقة بعد التوتر الذي أحدثته حرب العراق.

رسائل أوباما تعني أيضا استحقاقات هنا، فلا يفترض أن يكتفي العالم الإسلامي بانتظار ردود الأفعال، بل يتطلب الواقع الجديد مبادرات للمشاركة في تجاوز الإخفاقات السابقة، وحل الإشكاليات المسببة للتوتر في العلاقات المتبادلة، وألا تكتفي الدول الإسلامية والعربية بترك ساحة السياسة الأمريكية دون أن تفهم أهمية وقيمة جماعات الضغط التي تحرك سياسات واشنطن وتشكل علاقاتها وطريقة عملها، حيث حسن النوايا والدعاء والتفاؤل لا يكفي، بل المرحلة تتطلب طرح رؤى استراتيجية مشتركة لحل أزمات الاحتقان الداخلية، كما ظهور العالم الإسلامي بشكل جديد متسامح ومتناغم ووفق رؤية تهدف للمشاركة الإيجابية في التنمية البشرية، والأهم هنا التفاعل إيجابياً مع رسائل إدارة من الواضح أنها عازمة على معالجة أخطاء الماضي واستعادة زمام الإدارة العالمية دبلوماسيا.

طبعا لا أحد يتوقع أن تتنازل الولايات المتحدة عن قوتها العسكرية الضاربة، لكنها عازمة على إعادة الحرب على الإرهاب إلى مسارها الصحيح، وباتجاه الدول أو المنظمات التي تمول وتسهل وتدعم نشاط الأحزاب المتسلحة.

إلى لقاء..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد