«الجزيرة» - تقرير - سعيد الزهراني
تزايد الاهتمام بمفهوم المسؤولية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وأصبح هذا المفهوم يلعب دوراً مهماً وأساسياً في خطط الشركات الإستراتيجية، وتعزيزه لدى مواردها البشرية بات أمراً مطلوباً بإلحاح، كما أن وعي الشركات أصبح يقاس بمدى فهمها لمسؤوليتها نحو المجتمع الذي تعمل فيه، حيث أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص محورياً في عملية التنمية المستدامة، وهو ما أثبتته النجاحات التي تحققها الاقتصادات المتقدمة في هذا المجال، فقد أدركت مؤسسات القطاع الخاص أنها غير معزولة عن المجتمع، وتنبهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية وأبعد من الأهداف الربحية. ولأن المسؤولية الاجتماعية هي في صميم عمل مؤسسات القطاع العام وشغلها الشاغل، كان من الضروري البحث عن السبيل لبلورة علاقات شراكة بين مؤسسات القطاع العام والخاص يستفيد منها كلا الجانبين ويعود بالخير على المجتمع.
واستشعاراً لضرورة تأسيس أطر متينة للتعاون المكثف بين القطاعين العام والخاص وبرعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، يحفظه الله ويرعاه، بادرت وزارة الشؤون الاجتماعية بتنظيم ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية بين القطاع العام والقطاع الخاص تحت شعار (مجتمعنا.. مسئوليتنا)، والذي سيعقد في الفترة من الأول إلى الثالث من فبراير 2009م، بقاعة الأمير سلطان الكبرى للاحتفالات بفندق الفيصلية بالعاصمة الرياض.
وفي هذا الصدد، أشار معالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية إلى أن هذا الملتقى يسعى إلى زيادة الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية، ومفهوم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في هذا المجال، بالإضافة إلى تحديد وتقييم أولويات المجتمع واحتياجاته المطلوبة من كلا القطاعين. كما يهدف ملتقى المسؤولية الاجتماعية الأول من نوعه بالمنطقة إلى توضيح فوائد ومزايا الشراكات بين هذين القطاعين، وأن يكون قاعدة لتأسيس شراكات جديدة بينهما.
سابقة فريدة.. وحضور دولي متميز
ويعد ملتقى المسؤولية الاجتماعية الأول من نوعه في هذا المجال وبهذا الحجم والمستوى التمثيلي، حيث يشارك فيه أكثر من أربعمائة شخصية دولية وعالمية ومحلية ونخبة من الخبراء والاختصاصيين والمهتمين في مجال المسؤولية الاجتماعية، أبرزهم الشيخ صالح التركي، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة، والدكتور فهد العيتاني، المستشار الاقتصادي بسفارة خادم الحرمين الشريفين في بلجيكا، والدكتورة ناديا محمد صالح باعشن، المدير العام لإدارة المسؤولية الاجتماعية بمجموعة دلة البركة، والدكتور محمد الرويشد، الأمين العام للاتحادَيْن السعودي والعربي لكرة الطاولة، والدكتور بندر بن محمد بن حمزة أسعد حجار، نائب رئيس مجلس الشورى، والدكتور عبد الله بن سعود محمد بن معيقل، الأمين العام للاستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر، وغيرهم من الشخصيات البارزة.
ويتطلع المجتمعون في هذه المناسبة الهامة إلى إشراك المساهمين في الشركات في تطوير وإطلاق الاستراتيجيات والمبادرات التي تعود بالخير والمنفعة على المجتمع المحلي، والاستفادة من التجارب والخبرات العالمية والمحلية في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات، وبناء حوار بناء بين القطاع العام والقطاع الخاص، وتشجيع وسائل الإعلام لمساندة برامج المسؤولية الاجتماعية، والعمل جنباً إلى جنب معها لتطوير مفهوم وأهمية المسؤولية الاجتماعية في البلاد.
النوايا الحسنة لا تكفي
وهنا يؤكد معالي الوزير العثيمين أن إعراب المؤسسات الخاصة عن النوايا الحسنة تجاه المجتمع الذي تزاول نشاطها فيه غير كافٍ، حيث يتوجب عليها تفعيل نواياها قولاً وفعلاً من خلال مبادرات ومشروعات فاعلة تحدث تغييراً في المجتمع وتؤثر فيه، وتستثمر بشكل خاص في الموارد البشرية، وهذا من جملة ما سيناقشه ملتقى الشراكة والمسؤولية الاجتماعية، ضمن نقلة فريدة من نوعها، حيث يتم ولأول مرة إدماج الشراكة الاجتماعية بين القطاع العام والقطاع الخاص، ودورهما في خدمة المجتمع المحلي بأعلى المستويات الممكنة.
وأشار معاليه إلى أن الرعاية الملكية الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، لهذا المؤتمر إشارة واضحة على الأهمية التي يوليها - حفظه الله ويرعاه - للمجتمع السعودي وأبنائه، وتعكس بحق أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص ودورهما الريادي في خدمة المجتمع بإحداث نقلة نوعية في الأثر الإيجابي الذي ستحققه هذه الشراكة على الصعيد المحلي والوطني.
وأضاف معاليه بأن أهمية هذا الملتقى يكمن في أهدافه السامية والتي من أهمها سعيه لزيادة الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية، ومفهوم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية، وتحديد وتقييم احتياجات وأولويات المجتمع وترتيبها لتعطي أفضل النتائج إلى جانب الأثر الذي ستحققه هذه الشراكة الاقتصادية الوطنية القوية.
رعاية ملكية.. وتجارب عملية
افتتاح الملتقى الذي سيشرف برعاية خادم الحرمين الشريفين غداً الأحد.. سيبدأ بتلاوة من القرآن الكريم، يليها عرض فيلم تعريفي بعنوان: (المسؤولية الاجتماعية.. استراتيجية وطنية)، وبعد ذلك سيلقي معالي وزير الشؤون الاجتماعية كلمته الافتتاحية، وتعقبها الكلمة الخاصة بالشركات الراعية للملتقى، ثم كلمة القطاع الخاص، ثم كلمة مجلس الغرف التجارية. وفي نهاية حفل الافتتاح، سيتشرف ممثلو الشركات الراعية بالسلام على خادم الحرمين الشريفين وتسلم دروع تذكارية تكريماً لهم على إيمانهم برسالة الملتقى وأهدافه.
ومن المقرر أن يستعرض المجتمعون في الملتقى، من الخبراء والاختصاصيين، مجموعة من التجارب في مجال المسؤولية الاجتماعية، كما سيناقشون عدداً من المحاور الإستراتيجية في هذا المجال، بدءاً بأهمية هذه المسؤولية والاستراتيجيات التي تعتمدها، ثم بالبنية التحتية للمسؤولية الاجتماعية والدور الاجتماعي المسؤول المنتظر من القطاع العام. وسيشهد الملتقى بحث العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية وقضايا التنمية المستدامة، والمعايير الأساسية لهذه المسؤولية، بالإضافة إلى دور القطاع الخاص في خدمة المجتمع، وسيحاولون الخروج برؤية وطنية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية بالمملكة.
وتسعى وزارة الشؤون الاجتماعية عبر تنظيمها لملتقى المسؤولية الاجتماعية إلى رفع الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية، وترسيخ مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا الحقل وتوضيح فوائدها. وسيجتهد الملتقى في تحديد وتقييم احتياجات وأولويات المجتمع، عبر بناء الحوار بين القطاع العام والقطاع الخاص، وخلق فرص للشراكات بينهما، وإشراك المساهمين في الشركات في تطوير وإطلاق الاستراتيجيات والمبادرات مستفيدين من التجارب والخبرات العالمية والمحلية.
الدور الإعلامي
لوسائل الإعلام مكانة مهمة على أجندة الملتقى، فهو يهدف إلى تشجيعها لمساندة برامج المسؤولية الاجتماعية وتسليط الضوء على منافعها الكبرى، والعمل معها لتطوير مفهوم وأهمية المسؤولية الاجتماعية بالمملكة بالاشتراك مع القطاعين العام والخاص والمؤسسات والجمعيات غير الحكومية والخيرية وغير الربحية ذات العلاقة والمتخصصين في مجال المسؤولية الاجتماعية.
الجدير بالذكر، أن فعاليات الملتقى سيرافقها معرض مصاحب ومجموعة من ورش العمل التي ستبحث في مجال المسؤولية الاجتماعية لدى العاملين في القطاع العام والمسؤولية الاجتماعية للشركات التي يلتزم بها القطاع الخاص، والتي سيقدمها عدد من الشخصيات والمتحدثين المعروفين في هذا المجال.
ويعتبر هذا الملتقى هو الأول من نوعه الذي تنظمه وزارة الشؤون الاجتماعية بمشاركة عدد من الوزارات المعنية بمجال المسؤولية الاجتماعية وبمشاركة مميزة وفاعلة من كبار رؤوس الأموال والشركات التجارية في القطاع الخاص، كما سيعزز المؤتمر مشاركة عدد من الجهات والمؤسسات والشركات الإقليمية والدولية بهدف الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم في هذا المجال.