قراءة - وليد العبدالهادي
تحتفل الأسواق هذه الأيام بمنتدى دافوس الاقتصادي الذي طل علينا بشعار جديد يوحي بتغيير للخارطة الاقتصادية للعالم وبافتتاحية جديدة من ممثل لأحد الدول النامية، والمستثمرون في الأسواق يلهثون وراء العملات ذات المخاطر الدنيا أملهم المنشود سياسات مالية وليست نقدية تستهدف أسعار الفائدة وتحد من هامش الربح في السوق.
الدولار الأمريكي:
اكتمل فريق أوباما الجديد بالموافقة على تيموثي غايتنر وزيرا للمالية الذي أكد على أن دعم الدولار هو السبيل لإنعاش الاقتصاد ومع ترقب المستثمرين للفدرالي الأمريكي حول شراء ما هو متعثر من الأوراق المالية طويلة الأمد عم التفاؤل في أسواق الأسهم الأمريكية ومع تخطي الداو جونز مستوى 8300 نقطة الخميس الماضي أصيب الدولار بضعف ملحوظ أمام اليورو والين بعد عمليات جني الأرباح، وسط مخاوف من تأجيل شراء الأوراق المالية المتعثرة إلى وقت قد يشتد فيه سعير الأزمة المالية مجددا ومع انخفاض تاريخي لمؤشر ثقة المستهلك إلى 37.7 التي تعتبر أقل من مستويات عام 1967م ترتفع شهية المخاطرة أكثر فأكثر لأسواق الأسهم والعملات ذات العائد المرتفع كاليورو والجنيه الإسترليني.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي:
كما كان متوقعا نجح الحاجز النفسي 1.30 كمستوى دعم من إقناع المضاربين في هذا الزوج بالحد من عمليات البيع التي طالت اليورو الإسبوع الماضي، والسبب يعود إلى ترقب نتائج مبيعات المنازل الأمريكية أضف إلى ذلك التأكد من مدى قدرة مؤشر الداو جونز الصناعي من الثبات فوق مستوى 8000 نقطة، ومن جهة أخرى حظي اليورو بتقارير اقتصادية إيجابية ساهمت في دعم عملتها أمام الدولار لا سيما أن أسواق الأسهم الأوروبية تفاعلت معها بالإيجاب خصوصا الداكس الألماني الذي تجاوز مستوى 4280 نقطة وصولا إلى حاجز 4500 نقطة.
أسعار المنازل في أمريكا - تشرين الثاني تهبط 1.8% مقارنة بانخفاض 1.1% بينما مبيعات المنازل القائمة لكانون الأول 4.74 مليون منزل وهذا سيئ جدا مقابل توقعات بوصول إجمالي المبيعات لنفس الشهر 4.4 ملايين منزل في حين بلغت القراءة السابقة 4.49 مليون منزل. ولا يزال اليورو في اتجاه هابط ما لم يخترق 1.3152 مع الحفاظ على مستوى 1.2420 الذي لابد من زيارته خلال الأسابيع القليلة القادمة استباقا لقرار المركزي الأوروبي بخصوص تخفيض الفائدة وتفاؤلا بما في حوزة الفريق الاقتصادي الأمريكي الجديد بقيادة أوباما حول خطة 825 مليار دولار المرتقبة.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي:
يبدو أن الحكومة البريطانية غير مكترثة للعملة وليست من أولويات الإصلاح الاقتصادي بعكس ما يحدث في أمريكا بدا ذلك واضحا من سياستها النقدية التي تتخذ من خفض الفائدة أحد أهم الأسلحة المدخرة مع تصريحات بأن بريطانيا من مصلحتها هذه الأيام أن تتسم بعملة ذات عائد منخفض. ومع إعلان بنك باركليز بعدم حاجته لتلقي تمويل إضافي لإتمام عملية رفع رأسماله انتفض سوق الأسهم البريطانية FTSE 100 مسجلا 4295 نقطة مما أعطى الجنيه الإسترليني فرصة سانحة لالتقاط أنفاسه محافظا على دعمه الشهري أمام الدولار عند 1.36.
مبيعات التجزئة كانت مفاجئة بإيجابيتها مرتفعة 1.6% لشهر كانون الأول مقارنة بارتفاع 0.3% للقراءة السابقة ومما لاشك فيه أن هذه البيانات كانت عملاً مساعداً لدعم أسواق الأسهم في بريطانيا. ومضاربو هذا الزوج على موعد مع بيانات ثقة المستهلك GFK وقرار المركزي البريطاني بخصوص سعر الفائدة ونتائج بيانات الناتج المحلي الإجمالي المتقدم - ربع سنوي للولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فإن الحركة السعرية للأسبوع القادم ستكون بين 1.3677 و1.4467 ضمن قناة أفقية قد تستغرق أسبوعين بحد أقصى.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:
يتسم هذا الزوج بالعناد وصلابة مقاوماته ودعومه السعرية خلال الأسبوع المنصرم لكن أكثر ما يلفت الانتباه هو تركز التداولات حول منطقة 88 وما يعلل ذلك هو توقعات شبه مؤكدة على تثبيت المركزي الياباني سعر الفائدة على ما هو عليه حاليا عند 0.1%. والمتابع لحركة التداولات يستنتج بأن ما يحرك هذا الزوج هم تجار مخاطر فقط وضعوا أنفسهم في منطقة حيرة فهم قلقون من ارتفاع شهية المخاطرة في جميع الأسواق وفي نفس الوقت ليس لديهم ما يراهنون عليه من بيانات اقتصادية جاذبة أو توجهات سياسية حليفة لهم خلال الأسبوع القادم، والدليل قلق الحكومة اليابانية من ارتفاع عملة اقتصادها والذي بدوره سيزيد من التضخم ويؤثر على الصادرات سلبا وبالتالي على شركات التصدير، ومما لاشك فيه أن الحكومة اليابانية لن تستخدم السياسة النقدية بل المالية وهذا ما حدث بالفعل حيث أعلنت الحكومة عن خطة لدعم أسهم الشركات المتعثرة والتي تمثل عمود الاقتصاد بقيمة 16.7 مليار دولار أمريكي وبناء على ذلك فإنه يمكن ملامسة 87.07 خلال الأسبوع القادم وهذا لا يمنع أولاً من تداول هذا الزوج إلى حدود 91.33 كحد أقصى لأنه حتما سيصطدم بخط الاتجاه الهابط حينها.
اليورو:
خطة قادمة في الطريق هذه المرة من نصيب منطقة اليورو أعلنت عنها الحكومة الألمانية بقيمة 67 مليار دولار أمريكي لتروي عطش المستثمرين بعد الخطة السابقة التي كانت بقيمة 23 ملياراً انعكس ذلك بصعود مؤشر الداكس الألماني وبتعزيز من ثقة المستهلك في ألمانيا التي ارتفعت 2.2% لشهر شباط بسبب خفض الفائدة على اليورو، وجاءت بيانات الثقة IFO لقياس المناخ الاستثماري إيجابية في ألمانيا - كانون الثاني التي ارتفعت 79.4% بعكس ما هو متوقع عند 77.5%. ومع ظهور هذه البيانات الإيجابية يتضح بأن ألمانيا كانت هي نجم منطقة اليورو والمنقذ لعملتها خلال هذه الأيام.
الجنيه الإسترليني:
بعد تشبع البيوع التي مني بها أمام الدولار الأمريكي خاصة ومع ازدياد الثقة في القطاع المالي بقيادة بنك باركليز وتفاعل أسواق الأسهم معها وتوقعات بخفض الفائدة للجنيه يمكن لنا القول بأن ما حدث لهذه العملة هو بمثابة تسعير استباقي على الأقل للأسابيع القليلة القادمة حتى لو تم الإعلان عن أرقام سلبية لمؤشر ثقة المستهلك، وعليه سيشهد الجنيه استقرارا ملحوظا أمام العملات الرئيسية ريثما يتم الإعلان عن قرار المركزي البريطاني أو ظهور إشارات قوية ومطمئنة عن القطاع المالي.
الين الياباني:
الخطة المزعمة لدعم أسهم الشركات المتعثرة جراء الأزمة المالية العالمية كانت غير متوقعة في نظر الكثير من المستثمرين انعكست آثارها الإيجابية على مؤشر نيكاي الياباني وتهدف للحد من ارتفاع الين أيضا الذي ظهر فيها كالخصم العنيد أمام معظم العملات حتى الحكومة اليابانية لم تقف بجانبه ومع ذلك استمر في صموده على الرغم من توقعات المركزي الياباني بانكماش يمتد حتى نهاية عام 2010م، أما بالنسبة لتداولات الأسبوع القادم فهي مرهونة بنتائج مؤشر أسعار المستهلكين وأداء أسواق الأسهم في اليابان.