تفاءل الأمريكيون والعالم هذا الأسبوع بتولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، وهو تفاؤل له ما يبرره إذا اعتمدنا على الوعود التي أطلقها أوباما أثناء حملته الانتخابية.
ولكن أوباما سيواجه مشكلات عويصة، من أبرزها: أن عهد بوش قد وسم بأنه أسوأ فترة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، بل في تاريخها كله، محلياً ودولياً. ومع أن هذه فرصة لأوباما؛ لأنه مهما كان أداؤه سيئا فلن يصل إلى هذا الحد من السوء إلا أنه ورث تركة ثقيلة مليئة بكوارث اقتصادية ومغامرات عسكرية فاشلة في أفغانستان والعراق والصومال ولبنان وأخيراً في غزة، والتي خاضتها أمريكا بنفسها أو بالوكالة، لكنها هي التي تدفع الثمن. أضف إلى ذلك انكشاف وجه أمريكا الذي طالما غطته بحجاب من مبادئ الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان. لقد رأى العالم كله كيف انتهكت حريات شعوب كثيرة بل حتى شعبها، وكيف نصبت حكومات استبدادية. أما حقوق الإنسان فقد تحولت إلى جرائم حرب بشعة وانتهاكات صارخة في العراق وأفغانستان وغوانتنامو والسجون الطائرة والعائمة والمخبأة في دول متفرقة، والبعيدة عن الملاحقة القضائية. لقد هوت سمعة أمريكا إلى الحضيض محلياً وعالمياً.
يقول أحد المحللين السياسيين الأمريكيين: إن بوش ورط أمريكا بمشاكل يصعب أو يستحيل على من بعده حلها في المستقبل القريب.
لقد تاق الشعب الأمريكي إلى مخلص ينقذه من المأزق الذي أوصله إليه بوش، ورأى في أوباما ذلك المخلص، كما استبشر العالم بمقدمه، وتفاءل العالم العربي والإسلامي بانطواء أسوأ صفحة من التاريخ الأمريكي وبدء صفحة جديدة، وستثبت الأيام مدى شرعية هذا التفاؤل.
إن العرب والمسلمين يتطلعون إلى أن يكون الرئيس أوباما قادرا على توجيه السياسة الأمريكية إلى الاحترام المتبادل، والعدالة في التعامل، ونبذ العنف والحروب، والنظرة العادلة والمتوازنة لقضية فلسطين التي لا يمكن أن تكون هناك علاقات سوية دون حلها حلا عادلاً.
لقد أبدى أوباما رغبته في علاقات بناءة مع العالم الإسلامي، واستعداده لحضور مؤتمر للدول الإسلامية، كما أعلن نيته السفر إلى دولة إسلامية كمؤشر لجديته في هذا المسعى.
والدول العربية والإسلامية تبادله هذه الرغبة فعليها استثمار هذه الفرصة بتجاوز خلافاتها وتوحيد كلمتها، لتقوية موقفها أمامه، ولوضع وعوده على المحك.
فهل يُبيّض أول رئيس أمريكي أسود البيت الأبيض؟ أم أن السواد الذي لف البيت الأبيض طوال عقود من الرؤساء البيض مستعص على الزوال؟ الإجابة ربما تكون في السنوات الأربع أو الثماني القادمة.